قدمنا عبر اليومين الماضيين في "الحياة" تصنيفاً لأحسن خمسة منتخبات في تاريخ المونديال واحتلتها على التوالي منتخبات البرازيل بطل كأس العالم لكرة القدم 1970 وألمانيا الغربية 1974 والبرازيل بطل 1958 وهنغاريا وصيف 1954 وهولندا وصيف 1974. واليوم نقدم المنتخبات من السادس الى العاشر وهي منتخب ايطاليا بطل 1982 بقيادة هدافه باولو روسي والارجنتين بطل 1986 تحت مظلة الاسطورة دييغو مارادونا، والبرازيل بطل 1994 مع روماريو وفرنسا بطل 1998 في وجود زين الدين زيدان، ويتساوى منتخبا المانيا بطل 1990 والبرازيل بطل 2002 في المركز العاشر. السادس : إيطاليا 1982 الدفاع الأصلب في تاريخ كأس العالم هو دفاع منتخب ايطاليا الحديدي في البطولة الثانية عشرة عام 1982، حارس خبير تجاوز الأربعين، وضع على ذراعه شارة الكابتن ومنع بيديه وقدميه وجسمه عشرات الأهداف المحققة، ومدافعان عملاقان شيريا وجنتيلي قطعا الماء والهواء عن مهاجمي الفرق المنافسة، وقدم جنتيلي درساً مجانياً لكل مدافعي العالم في أسلوب الرقابة اللصيقة النموذجية، وظهيران للجانب بيرغومي وكابريني على مستوى رفيع دفاعاً وهجوماً، ويعود لهؤلاء الخمسة ومعهم المدافع كولوفاتي ثلث النجاح في إحراز لقب البطولة التي استضافتها اسبانيا، وثلث النجاح يمتلكه المدرب الخبير انزو بيرزوت الذي أجاد التعامل في كل المباريات مع المواقف الصعبة ويبقى الثلث الأخير في النجاح من نصيب المهاجم العبقري باولو روسي الذي صنع في الأدوار الثلاثة الاخيرة انجازاً خارقاً سجل ستة أهداف ومنح بلاده هامش التفوق الذي احتاجت إلى اقوى المنافسين والمرشحين البرازيل وبولندا والمانيا الغربية وفريق يضم حارساً بارعاً ودفاعاً حديدياً وهدافاً خطيراً يمكنه تحقيق الالقاب الكبيرة. المنتخب الايطالي اعتمد فقط على دفاعه في الدور الأول وتعادل مع بيرو وبالنتيجة نفسها مع بولندا، وأنهى المباريات في مجموعته بتعادل ثالث مع الكاميرون وبعد تساوي ايطاليا والكاميرون في النقاط وفارق الاهداف تفوق الايطاليون بأصغر هامش ممكن وهو احراز هدف اكثر. وعند الوصول الى الدور الثاني تحمل لاعبو الوسط والهجوم مسؤولياتهم، وكان الفوز الاول ثميناً وعلى حساب الارجنتين حامل اللقب 1-2 في وجود مارادونا وكيمبس وباساريلا نجم الازرق والابيض، وتولى باولو روسي وحده مهمة إقصاء البرازيل في مباراة دخلها نجوم"السامبا"والتعادل يكفيهم للتأهل الى نصف النهائي، ولكن روسي حطم طموحات الجيل الذهبي لزيكو وسقراط وفالكاو وشيريزو وجونيور، وسبق البرازيل للتسجيل 3 مرات ليفوز الايطاليون 2-3 وفي مواجهة ثانية مع بولندا حسم روسي الموقعة ايضاً بهدفين وارتفعت كفة الالمان قليلاً في المباراة النهائية بعد فوزهم المذهل على فرنسا بضربات الجزاء الترجيحية في اقوى مباراة في تاريخ المونديال، ولكن الايطاليين تفوقوا في كل الجوانب وأهدر كابرين اول ضربة جزاء في نهائي كأس العالم وافتتح باولو روسي الاهداف وتبعه تارديلي والتوبيلي وفازت ايطاليا 1-3 واستعادت لقباً غادرها قبل 44 عاماً، وبقي هذا المنتخب الذي عاد الى بلاده على متن طائرة رئيس الجمهورية نموذجاً لأفضل منتخب في تاريخ ايطاليا وافضل دفاع في تاريخ اللعبة. السابع: الأرجنتين 1986 توج منتخب الارجنتين 1986 في المكسيك بطلاً مع بصمات وتوقيع النجم الاسطوري دييغو ارماندو مارادونا كابتن وهداف الارجنتين وأحسن لاعب في العالم، وهو النجم الذي اثبت للخبراء قبل المتفرجين ان لاعباً فذاً خارقاً يمكنه ان يقود فريقا متوسطاً الى الفور بأكبر لقب في دنيا اللعبة واعتمد منتخب الارجنتين كثيراً، بل ودائماً على مارادونا في كل ألعابه وأهدافه ولم يتأثر مارادونا بالرقابة اللصيقة والعنف المقصود والضرب المتعمد وتمكن من تسجيل أجمل هدف في تاريخ كأس العالم، ومعه أغرب وأسوأ هدف ايضاً أربعة من النجوم اصحاب المستوى الجيد - وليس الممتاز - ساعدوا مارادونا في مهمته لإحراز الكأس حارس المرمى بومبيدو والمدافع روغيري ولاعب الوسط بورتشاغا والمهاجم فالدانو، وقبلهم المدرب بيلاردو. الدور الأول لم يكن سهلاً لأن المجموعة ضمت بطلي كأس العالم في الدورتين السابقتين ايطالياوالارجنتين مع كوريا الجنوبية وبلغاريا، وتصدر مارادونا وزملاؤه نجوم الابيض والازرق بعد فوزين على كوريا وبلغاريا وتعادل مع ايطاليا ولا يعبر الفوز المحدود على اورغواي 1- صفر في ثمن النهائي عن حجم التفوق الارجنتيني الضخم على المنافس الازلي قارياً وعالمياً، وفي مباراة لا تنسى خداع مارادونا الحكم التونسي علي بن ناصر وسجل هدفاً بيده في انكلترا، وبعد دقائق نسي الجميع هذا الهدف بآخر هو الأبدع والأصعب بعدما راوغ خمسة من منافسيه على مدار 60 ياردة وفازت الارجنتين 1-2 وانهى مارادونا طموحات الشياطين الحمر أو منتخب بلجيكا بهدفين وفي مواجهة مع ألمانيا الغربية تقدم منتخب الارجنتين المسيطر 2- صفر ولكنه تراجع فتعادل 2-2 قبل ان يمرر مارادونا كرة حريرية لا يمكن لمن يتابعها ان يخطئ المرمى وسجل بورو تشاغا هدف البطولة وتحول مارادونا الى بطل قومي، وحملت تلك البطولة اسمه شكلاً وموضوعاً. الثامن: البرازيل 1994 تخلى البرازيليون عن شجاعتهم وعن أسلوبهم التقليدي في المغامرة والهجوم والكرة الممتعة، ونسي مدربهم كارلوس باريرا ومساعده العجوز زاغالو العبارة البرازيلية الخالدة لا يهمني دخول 3 أهداف في شباكي اذا احرزت 5 أهداف باريرا وزاغالو ركزوا في نهائيات 1994 في الولايات المتحدة على الدفاع الحديدي قلدوا الايطاليين في السعي أولاً لنظافة الشباك قبل التحول الى احراز الاهداف. وعبر الشباك النظيفة تصدرت البرازيل مجموعتها وعبرت ثلاث مباريات في الأدوار الاربعة الأخيرة من دون هدف في مرماها، وبقيت المهمة الصعبة وهي إحراز الأهداف التي تكفل النصر على عاتق الخبير روماريو وزميله بيبيتو ونجحا معا نجاحًا باهراً واستعادا للبرازيل كأساً عزت عليهم على مدار 24 عامة متصلة ويبقى للحارس تفاريل والمدافعين كافو والداير ومارسيو سانتوس وبرانكو ودونغا وماوروسيلفا الدور الأكبر في النصر، ويكفي نظافة مرماهم في المباراتين الاخيرتين على مدار ثلاث ساعات ونصف من كرة القدم امام ثاني وثالث أقوى فرق العالم. منتخب"السامبا"اجتاز مجموعته بجدارة بفوزين كبيرين على روسيا والكاميرون وتعادل مع السويد ولم يهتز بطرد احد لاعبيه في ثمن النهائي ضد الولايات المتحدة صاحبة الملعب والجمهور وفاز بهدف نظيف لبيبيتو واجتار العقبة الهولندية بفوز صعب 2-3 والفضل لضربة حرة بعيدة من قدم برانكو واحتاج باريرا إلى عبقرية روماريو لعبور الحاجز السويدي العالي في مباراة خلت من الفرص قبل ان يحسمها الهداف الفذ، وتساوت كفتا ايطالياوالبرازيل في المبارة النهائية وكلاهما يعتمد الاسلوب الدفاعي المتحفظ نفسه، مع خجل واضح في الهجوم، وتعادل الفريقان سلباً على مدار الوقتين الاصلي والاضافي قبل ان تحسم ضربات الجزاء الترجيحية الكأس لمصلحة الافضل منتخب البرازيل. التاسع: فرنسا 1998 البطل الأخير في القرن العشرين، استحق الفوز على ملعبه ووسط جمهوره بجدارة تامة على رغم المواقف الصعبة التي واجهته في ثمن النهائي أمام بارغواي العنيدة وفاز بأول هدف ذهبي في تاريخ كأس العالم وسجله المدافع بلان واحتاج إلى ضربات الجزاء الترجيحية، ليتخطى ايطاليا في ربع النهائي بعد تعادل سلبي وانتظر هدفين نادرين للمدافع تورام ليحول تأخره امام كرواتيا في نصف النهائي الى فوز 1-2، ولكن كل تلك الأحداث في الأدوار الصعبة للبطولة لا تخفي حقيقة مهمة وواضحة ان منتخب فرنسا كان الأحسن في المباريات الثلاث. "الديك الأزرق"صاحب سبع مرات وأسعد جمهوره في كل مرة، وأيقظ العالم على صراخه ومظاهراته العارمة بعد الفوز بالكأس، ومثلما كانت البداية سعيدة بثلاثة انتصارات كبيرة على السعودية وجنوب افريقيا والدنمارك، كانت النهاية أكثر سعادة بفوز ولا أضخم على البرازيل حامل اللقب بثلاثة أهداف نظيفة حملت توقيع زين الدين زيدان مرتين وقدم ايمانويل بيتي. التشكيلة الفرنسية التي أحرزت كأس العالم للمرة الاولى اعتمدت على طريقة لعب جديدة ابتكرها المدرب الموهوب ايميه جاكيه الذي اعتزل المهنة نهائياً بعد الفوز، الحارس بارتيز وامامه اربعة مدافعين تورام وبلان وديسايي وليزارازو، ثلاثي وسط الملعب كاريمبو وديتان وبيتي ثنائي الوسط الهجومي زيدان وديور كاييف ورأس الحربة غيفارش اودوغاري 1-2-3-4. العاشر: ألمانيا الغربية 1990 المنتخب الالماني الغربي تطاول الى مكانه بين الكبار بإحراز كأس العالم 1990 للمرة الثالثة معادلاً الرقم القياسي المسجل للبرازيل وايطاليا وكان الألمان في بطولة 1990 الضوء الوحيد في نهائيات شابها الظلام والدفاع والمستوى المتواضع واستفاد القيصر الالماني فرانز بكنباور المدير الفني للمنتخب من شجاعته وخبرته الطويلة في كرة القدم ومنح لاعبيه هامشاً من الشجاعة للاقتحام، وكان الوحيد بين المدربين الذي اعتمد على ثلاثة مهاجمين اساسيين هم كلنسمان وفولر وليتبارسكي، وأثمر أسلوبه إيجاباً باجتياز الدور الاول بكل هدوء على حساب يوغوسلافيا وكولومبيا والامارات، ومع دخول الادوار الصعبة زادت الحاجة إلى الوسط المتين والدافع القوي وهو ما ضمنه لوتارماتاوس كابتن الفريق وأحسن لاعبوه والمدافعون بيرتهولد وكوهلر وبريمي وقفز الألمان الحواجز من هولندا الى ايرلندا ثم عبروا بوابة ضربات الجزاء الترجيحية أمام انكلترا في نصف النهائي، وأخيراً بضربة جزاء ضد الأرجنتين في النهائي، واستحق المنتخب الالماني كأس البطولة وشهادة التاريخ لأنه لعب للهجوم والفوز في كل مبارياته من دون خوف أو حذر. البرازيل 2002 كرر منتخب البرازيل في نهائيات 2002 ما فعله أساطير"السامبا"أبطال 1970 في الفوز بكل مبارياتهم، وتخطوا تركيا والصين وكوستاريكا في الدور الاول بجدارة وعبروا بلجيكا في ثمن النهائي ثم انكلترا في ربع النهائي وتكفل النجم الاول للبطولة رونالدو بالإجهاز على تركيا في نصف النهائي بهدف، وسجل في النهائي هدفين في المانيا ليهدي الكأس الى بلاده. وضمت التشكيلة البرازيلية الحارس ديدي والمدافع الفذ لوسيو وجناحي الوسط كافو وروبرتو كارلوس والمهاجمين رونالدو ورونالدينيو وريفالدو، وتصدر رونالدو قائمة الهدافين ونال الحذاء الذهبي برصيد 8 أهداف. وارتفعت أسهم مدربهم فيليبي سكولاري الذي اعتمد أسلوباً جديداً 1-2-4-3 وفاجأ العالم بدفاع حديدي بسبعة لاعبين مع هجوم رهيب للثلاثي ر. ر. ر.