يشكل الاعلان عن تأميم النفط والغاز في بوليفيا منعطفاً حاسماً في تاريخ هذا البلد الذي يعد افقر دولة في اميركا الجنوبية على رغم احتياطي الغاز الكبير الذي تملكه. واختار الرئيس يوم عيد العمال ليعلن مرسوم تأميم قطاع الطاقة الذي يقضي بأن"على شركات النفط ان توقع عقوداً تعترف بالسيطرة الجديدة للدولة على الحقول وإلا فعليها ان ترحل عن البلاد". وقال أيضاً ان عائدات الحكومة من قطاع الطاقة ستقفز الى 780 مليون دولار العام المقبل مرتفعة نحو ستة أمثال ما كانت عليه عام 2002 انعكاسات عالمية كما تعكس الخطوة البوليفية مساراً جديداً بدأ يأخذ حيزاً أوسع في صناعة البترول في أميركا اللاتينية، وكانت بدأتها فنزويلا أولاً، وهي إعادة النظر في الاتفاقات التي وقّعت سابقاً مع شركات النفط العالمية، الأميركية منها أو الأوروبية أو حتى من دول أميركا اللاتينية الأخرى. وقد بدأ تأثير هذه التأميمات ووضع اليد على ممتلكات الشركات يترك بصماته على أسعار النفط العالمية، ناهيك عن خلق بيئة جديدة كانت مفقودة منذ سنوات في ظل نظام العولمة، وهي العودة إلى سيطرة الدولة على قطاع البترول بدلاً من تركه كلياً بيد الشركات الدولية. وكان موراليس وعد بتأميم قطاع الغاز خلال حملته الانتخابية لكنه أكد مراراً انه لن يصادر موجودات الشركات الأجنبية. وقد استثمرت شركات أجنبية أكثر من ثلاثة بلايين دولار في القطاع في العقد الأخير، جانب كبير منها في عمليات التنقيب. تأميم الثروات الطبيعية وقال موراليس من على شرفة قصر كويمادو مقر الحكومة:"بدأنا تأميم المحروقات وغداً سيأتي دور المناجم والغابات وكل الثروات الطبيعية". وأوضح بعد ذلك خلال حفلة في كاراباري جنوب البلاد ان حقول النفط والغاز أصبحت تحت إشراف الشركة الوطنية العامة للمحروقات. وأمهلت الشركات النفطية الاجنبية التي تعمل في البلاد 180 يوماً لتسوية اوضاعها عبر عقود جديدة للاستثمار. وحذر موراليس من ان"الشركات التي لا توقع عند انتهاء هذه المهلة عقودها الجديدة لا يمكنها مواصلة العمل في البلاد"، مشدداً على انه يعول على هذا"التأميم الحقيقي"لاصلاح الاقتصاد البوليفي. وهناك 26 شركة اجنبية بينها الاسبانية"ريبسول"والفرنسية"توتال"والاميركية"اكسون موبيل"والبريطانية"بريتيش غاز"والبرازيلية"بيتروباس"المتمركزة كلها في بوليفيا التي تملك ثاني احتياطي للغاز في اميركا الجنوبية، بعد فنزويلا. ويقدر احتياطي الغاز البوليفي بنحو 1.55 بليون متر مكعب، ويصدر معظمه الى البرازيل والأرجنتين. وتنتج بوليفيا نحو 40 ألف برميل يومياً من النفط الخام. وتشكل الاستثمارات البترولية 15 في المئة من اجمالي الناتج المحلي لها. وقال موراليس ان الشركات الأجنبية"مجبرة على تسليم ملكية كل انتاج البترول الى الشركة الوطنية العامة للمحروقات". كما يفرض المرسوم الجديد على الشركات الأجنبية تقاسماً جديداً لعائدات النفط يخصص 82 في المئة للدولة. وأوضح الرئيس البوليفي ان زيادة حصة الدولة تهدف الى"تغطية نفقات الاستعمال والاستثمارات"، مؤكداً ان الشركة الوطنية العامة للمحروقات ستتولى"التسويق وتحديد الشروط والحجم والأسعار للسوق الداخلية والخارجية على حد سواء". وبعيد تصريحات موراليس، أعلنت القيادة العامة البوليفية ان العسكريين سيطروا على حقول البترول في البلاد. وأوضحت قيادة الجيش في بيان ان هذا الاجراء يهدف الى"تأمين عمل منشآت الانتاج لضمان الامدادات"وتلبية الالتزامات الدولية وتزويد السوق المحلية. وكان موراليس الزعيم السابق لحركة"على طريق الاشتراكية"ومنتجي الكوكا، وأول هندي ينتخب رئيساً للدولة، اعلن مرات عدة نيته تأميم المحروقات وهو مطلب عبر عنه مرات عدة السكان الاصليون في مناطق النفط. ووصف وزير المناجم والطاقة البرازيلي سيلاس روندو هذا الإجراء بأنه"غير ودي"بينما عبرت الحكومة الإسبانية عن"قلقها العميق"ازاءه. من جهتها، أعلنت"اكسون موبيل"انها تدرس خياراتها بعد قرار الرئيس البوليفي. وقال خوسيه سيرجيو غابرييلي رئيس شركة بتروبراس لشبكة تلفزيون جلوبو البرازيلية"المرسوم غير دقيق ويقبل تفسيرات مختلفة حول كيفية تطبيقه. سنتخذ كل الخطوات الممكنة لضمان تزويد السوق البرازيلية بالغاز".