استطاعت الممثلة الشابة بيان شبيب، وعبر مونودراما"صفد - شاتيلا، من وإلى"، من إنتاج مسرح"عشتار"، أن تلفت الأنظار إلى موهبة حقيقية، طالما بحث عنها جمهور المسرح الفلسطيني. ولاقت شبيب عبر أدائها الراقي وحضورها الطاغي أن تكرّس صورتها كفنانة شاملة، ليس فقط في التمثيل، بل في التأليف المسرحي والغناء والرقص الاستعراضي، عبر لوحة تشكيلية جمعت فنوناً عدة، رسمتها ببراعة مع المخرجة الهولندية أناميكي ديليس. والحكاية التي كتبتها شبيب وديليس، تتقاطع كثيراً مع حكايات الكثير من اللاجئين، ومنهم أسرة شبيب، وتركز على التفاصيل الصغيرة لحياة المخيم،"الحميمة"و"الصعبة"في آن، وهو ما يغفله الكثيرون عند الحديث عن اللاجئين. والمثير في نص المسرحية، تركيزه على التفاصيل الإنسانية لحياة الفلسطينيين قبل"النكبة"، وحياتهم بعدها في المخيمات، مروراً برؤيتها الخاصة لمجزرة"صبرا وشاتيلا"، انتهاء بانتصار الحياة على الموت، بعد أن تقرر بطلة العمل فكّ الحزام الناسف عن خصرها، وتعدل عن تفجير نفسها، خشية"الإطاحة بأحلام الأطفال الصغار، وبراءتهم غير المحدودة". وتقول شبيب التي سبق لها أن شاركت في تجارب مسرحية عدة:"ما يميز العمل هو أنه ينطلق من قصة حقيقية. كتبت تجربتي، وقررت نقلها إلى المسرح بعد فوز النص بجائزة بريطانية كحكاية. بطلة القصة هي منيرة التي عجزت عن إعادة البيضة التي أهداها إياها حبيبها، قبل"النكبة"، في صفد حيث كانت تعيش. وتسلط قصة منيرة الضوء على معاناة الجيل الثالث للنكبة، وحلم الشباب بالعودة، لكن"البيضة رجعت إلى المنزل الذي يسكنه أحد الإسرائيليين، ولم نعد نحن". وحول تقاطع نص المسرحية مع حكايتها الشخصية، تقول شبيب:"ثمة تداخل كبير، فمنيرة جدتي. النص استند إلى ما رواه والدي من حكايات عاشها، أما المسرحية فهي عبارة عن دمج بين هذه الحكايات". وتؤكد شبيب أن تجربة المونودراما"ليست سهلة على الإطلاق، بل هي تحد في غاية الصعوبة. لكن إصراري على تنفيذ العمل ربما أسهم في نجاحه"، مشيرة إلى أنه سيعرض قريباً في هولندا، ويجرى الترتيب لعرضه في العديد من دول العالم. من جهتها، تؤكد المخرجة الهولندية التي تقدم عملها الأول خارج بلادها، أن المسرحية تركز على الجانب الإنساني من حياة الفلسطينيين، وتحديداً اللاجئين منهم، مشيرة إلى"أن بعدها عن الحكايات التاريخية للشعب الفلسطيني، أفادها في تكوين مسرحي جميل وبعيد من أي مؤثرات عاطفية"، وتقول:"لا تتكئ المسرحية على الجانب التاريخي للقضية الفلسطينية، بل التفاصيل الدقيقة لحياة سكان المخيم". وحول ردود الفعل التي قد يتركها العمل في حال عرض في هولندا أو دول أوربية أخرى، خصوصاً أنه يتحدث عن"النكبة"من زاوية مختلفة عمّا يراه الأوروبيون، تقول ديليس:"آمل أن يكون العرض مستفزاً للجمهور الأوروبي، ليفكر في طريقة مغايرة. يهمني جداً أن أسهم في فتح عيون الأوروبيين والغربيين عموماً على أمور لم يروها من قبل... لو استطعت أن استفز قلة منهم، وأسهم في تغيير قناعاتهم تجاه القضية الفلسطينية، فهذا إنجاز كبير". أما هي، فقد"شاهدت واقعاً مغايراً هنا عمّا تنقله وسائل الإعلام الغربية. لمست تفاصيل كثيرة كانت غائبة عني تماماً، ما دفعني إلى تنفيذ هذا العمل. أيقنت أن وراء القضية الفلسطينية، سلسلة من الحكايات الإنسانية". وتكشف ديليس أنها ستشارك في أعمال مسرحية فلسطينية عدة، إذ تساعد إيمان عون في إخراج مسرحية جديدة، كما ستخرج في تموز يوليو المقبل عملاً لنجوم فريق"عشتار"المسرحي، مؤكدة أنه سيشكل مفاجأة حقيقية للفلسطينيين".