فاجأ أحمد زكي المذيع في الفضائية الفلسطينية، المشاهدين، بعرض جيوب معطفه الفارغة، وبصورة تلقائية، تعبيراً عن"غضبه، وانزعاجه، كما مئات آلاف الموظفين في السلطة الوطنية الفلسطينية". وقام زكي بهذه الحركة التلقائية، أثناء تقديمه للبرنامج اليومي"أقوال الصحافة"، حيث كان يستضيف رسام الكاريكاتير بهاء البخاري، الذي عكف في الأيام الأخيرة، وعبر زاويته في الصفحة الأخيرة لجريدة"الأيام"الفلسطينية اليومية، على تجسيد معاناة الموظفين الحكوميين، جراء اقتراب مرور الشهر الثالث، من دون تقاضيهم رواتبهم. وبدأ زكي برنامجه بالحديث عن حوار بينه وبين زميلته، التي سألته حول الجديد في ما يتعلق بپ"أزمة الرواتب"، ليجيبها"حالة تعبانة يا ليلى"، مؤكداً على المآسي الحقيقية، التي بدأ يعانيها الموظفون، لعدم تقاضيهم رواتبهم، منذ آذار مارس الماضي. وحول ذلك يقول زكي:"نحن مقهورون، وأنا كموظف حكومي أتقاضى راتبي من وزارة المالية الفلسطينية، أعاني كغيري من أزمات مالية واجتماعية وإنسانية حقيقية... كانت حركة تلقائية وجدت فيها رداً على مزاعم تقاضينا رواتبنا، والتصريحات المجانية التي"لا تسمن ولا تغني من جوع"...لست عضواً في حركة"فتح"، لكن لي الكثير من الأصدقاء المنتسبين لفتح، ولم يتقاضوا"أي قرش منذ أشهر، لا من تنظيمات ولا من السلطة الفلسطينية". وحول الاتهامات الموجهة للفضائية الفلسطينية، ولهيئة الإذاعة والتلفزيون في شكل عام، بالتمادي في الهجوم على الحكومة الفلسطينية وحركة حماس، وبأسلوب مستفز أحياناً، يقول زكي:"لا أنكر أن بعض العاملين في هيئة الإذاعة والتلفزيون يفعل ذلك، لكنهم قلة.. أؤكد أن ليس لدي أي توجه سياسي يجعلني مع أو ضد فصيل بعينه، كما أن الفضائية توفر هامشاً كبيراً للحكومة وحركة حماس، التي تهاجمنا من دون مبررات". وفي هذا الإطار يتحدث زكي عن مطالبة رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز دويك، وفي إحدى الجلسات، الفضائية الفلسطينية ببث وقائع جلسات المجلس، من دون أن يدري أن الفضائية تبث هذه الجلسة، وغيرها من الجلسات، على الهواء مباشرة، للملايين في فلسطين، وخارجها! ويؤكد زكي:"تصرفت في تلك الحلقة من"أقوال الصحافة"بعفوية خالصة، وتحدثت عن معاناتي وقهري، بسبب"أزمة الرواتب"التي تعصف بنا جميعاً.. الأمور جد صعبة، والمعاناة كبيرة جداً.. والحال لم أتلق أي ردود فعل غاضبة على ما فعلت، بل إن كثراً من المواطنين، والزملاء، عبروا عن سعادتهم بطريقتي الخاصة في التعبير عن الهم المشترك". وتتصدر"أزمة الرواتب"، البرامج والتقارير الصحافية، التي تبثها الفضائية الفلسطينية، وتنشرها وسائل الإعلام المحلية المكتوبة، والمرئية والمسموعة، خصوصاً أن قرابة المليون فلسطيني، يعانون من توقف رواتب أكثر من 150 ألفاً يعملون في وزارات ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية. وبينما اتجهت النساء لبيع مصاغهن الذهبية لتوفير"لقمة العيش"، اختار آخرون"القروض الفورية"، التي توفرها بعض البنوك بشروط صعبة، وفوائد باهظة، في حين اعتمدت قلة على تحويلات أقارب لها في المهجر، مع أن إجراءات التحويلات المصرفية إلى الأراضي الفلسطينية، باتت غاية في التعقيد، ومن ليس له أقارب، ليس له إلا"الدعاء"، والبحث عن مصدر ما يوفر له قوت عياله. ويرى زكي أنه"من الطبيعي أن تتصدر أزمة الرواتب برامج الفضائية، وغيرها من وسائل الإعلام .. فإذا كان الإعلام الفلسطيني سيتجاهل معاناة المواطنين، فمن سيلتفت إليها إذا؟". ويؤكد زكي أن الفضائية، وبسبب نفاد المخزون المالي، باتت تغض الطرف ? مجبرة - على الكثير من الأحداث المهمة في الأراضي الفلسطينية، فلا موازنة لوقود السيارات، وتنقل المصورين والمراسلين، اضافة الى النقص الواضح في أشرطة التسجيل، وغيرها من المعدات اللازمة للخروج بتقارير تواكب الحدث، مدللاً على ذلك، بعجز الفضائية عن التوجه إلى حيث كانت"مجزرة جنين"، والتي ذهب ضحيتها 6 شهداء، قبل أيام، لعدم توافر المبالغ اللازمة على قلتها لوقود السيارات، والأشرطة، وتنقل المصورين، والصحافيين. ويشير زكي إلى أن بعض العاملين في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، باتوا يدفعون مما ادخروه في السابق، للصرف على تقارير وأفلام يعدونها. وكانت إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون، التابعة للرئاسة الفلسطينية، قررت بناء على الأزمة المالية الخانقة، تخفيض ساعات العمل لموظفيها، فمن يقيم خارج محافظة رام الله، يعفى من الدوام ثلاثة أيام أسبوعياً، علاوة على يوم إجازته، ومن يقيم في قرى رام الله، يعفى من يومي عمل، في حين يعفى المقيمون في رام الله، من يوم عمل إضافة إلى يوم إجازتهم، خصوصاً أن الكثير من هؤلاء باتوا يركنون سياراتهم أمام منازلهم، ويذهبون إلى مقر الهيئة سيراً على الأقدام، قاطعين كيلومترات يومياً.