شهدت تركيا امس، فصلاً دموياً في المواجهة بين المؤسسة العلمانية والاسلاميين، اذ اقتحم محام شاب مقر المحكمة المدنية العليا خلال جلسة لمجلس الدولة، واطلق النار من مسدس على عدد من القضاة، صارخاً:"الله اكبر". وقُتل أحد القضاة وجُرح أربعة آخرون في الهجوم الذي نفّذ احتجاجاً على حكم أصدروه بمنع الحجاب. وفي تطور لافت في مثل هذا النوع من الهجمات، تمكنت الشرطة من اعتقال الجاني في مكان الحادث، وهو شاب في ال29 من عمره يدعى اصلان الب ارسلان. وربطت وسائل اعلام تركية تصرفه بنشر صحيفة إسلامية في شباط فبراير الماضي، صوراً لأعضاء في محكمة مجلس الدولة أصدروا حكماً يمنع الموظفات الرسميات من ارتداء الحجاب، ما اعتبره العلمانيون"تحريضاً على الارهاب". وفي وقت دان الحادث وزراء"حزب العدالة والتنمية"ذي الجذور الاسلامية، رأى الرئيس احمد نجدت سيزر الذي يخوض صراعاً مع الاسلاميين، ان الهجوم"علامة سوداء في تاريخ الجمهورية"، فيما اعتبره زعيم المعارضة العلمانية دنيز بايكال"استهدافاً للدستور، في مرحلة خطرة جداً"في تاريخ تركيا. واعتبرت القوى العلمانية أن استغلال الحكومة موضوع الحجاب سياسياً"حرّض الشارع على القضاء والعاملين فيه"، خصوصاً أن قضية الحجاب شهدت خلال الشهرين الماضيين مشادات بين المعارضة ومسؤولين في الحزب الحاكم، عبروا عن عدم رضاهم عن حظر الحجاب. وافاد شهود بينهم نائبة رئيس مجلس الدولة تانسيل جولاسان، ان المحامي اصلان اقتحم قاعة اجتماع مجلس الدولة وصرخ:"ايها الكفرة، انا جندي من عند الله وهذا جزاء منعكم ارتداء الحجاب"، ثم أطلق 11 رصاصة من مسدسه في اتجاه القضاة. وتوفي القاضي مصطفى يوسيل اوزبلجين متأثراً بجروحه اثر نقله الى مستشفى، فيما افيد ان رئيس المحكمة مصطفى بيردين بين الجرحى. وأشارت مصادر امنية الى ان المهاجم خريج جامعة مرمة في اسطنبول، حيث يحظى"حزب العدالة والتنمية"بشعبية نظراً الى جذوره الاسلامية. وأضافت ان أصلان حضر الى الدائرة قبل يوم من الهجوم، باعتباره محامياً، وجال في ممراتها وغرفها وغادر من دون ان يتحدث الى احد او يسأل عن أحد. وينتقد الاسلاميون هذه المحكمة لتشددها معهم، اذ اعتبرت في بداية السنة، ان مبادئ العلمانية تمنع ارتداء الحجاب في الشوارع والأماكن العامة، كما أوقفت امراً إدارياً بترقية مدرّسة الى مديرة، لارتدائها الحجاب خارج المدرسة، الأمر الذي اعتبرته"عداء للعلمانية ولتعاليم مؤسس الدولة الحديثة"مصطفى كمال اتاتورك. كما حالت المحكمة دون ايفاد مدرّس في محافظة اسكيشهير في مهمة الى الخارج، لأن زوجته محجبة. ويأتي الاعتداء امس بعد سلسلة حوادث، بينها إلقاء قنابل صوتية على مقر صحيفة"جمهورييت"العلمانية التابعة لحزب الشعب المعارض، اثر نشرها تقارير حول الحجاب، كما يأتي بعد ضرب شرطي تلميذة في مدرسة ثانوية لأن تنورتها كانت"اقصر مما يجب".