دق الرئيس الفلسطيني ناقوس الخطر واستعجل في خطاب تاريخي أمام نواب البرلمان الاوروبي تقديم المساعدة للفلسطينيين من دون تأخر لتفادي كارثة إنسانية. ودعا الرئيس محمود عباس الاتحاد الأوروبي"بذل مساعيه الحميدة من اجل ان تفرج اسرائيل عن المستحقات الفلسطينية التي تجمعها من الضرائب والرسوم وتتقاضى 3 في المئة من قيمتها. واستقبل نواب البرلمان الاوروبي الرئيس الفلسطيني بالتصفيق والتحية للدور الذي اضطلع به في اطلاق مسيرة المفاوضات مع اسرائيل. ودعا الرئيس عباس من ناحيته الاتحاد الاوروبي الى الاضطلاع بدور ريادي في الظرف الراهن"المليء بالمخاطر". وتحدث غداة الذكرى الثامنة والخمسين للنكبة، وقال:"على رغم فظاعة الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا، فقد توصلنا الى صوغ سياسة واقعية لاستعادة حقوقه المشروعة"، مشيراً الى الجهود التي بذلها المسؤولون في منظمة التحرير والنشطاء الاسرائيليون والاجتماعات السرية التي احتضنتها بلدان أوروبا لتشجيع حوار السلام على مدى الأعوام حتى التوصل الى اتفاقات اوسلو. وذكر الرئيس محمود عباس بالدور التاريخي الذي اضطلع به الراحل ياسر عرفات في حمل الشعب الفلسطيني على التضحية وقبوله، في اجتماع المجلس الوطني لعام 1988، اقامة الدولة الفلسطينية على مساحة 22 في المئة من أرض فلسطين التاريخية. وتحدث الرئيس الفلسطيني، مهندس اتفاقات أوسلو، الى النواب الاوروبيين عن"الفشل الذريع الذي انتهت اليه عملية السلام جراء"رفض اسرائيل منطق الشراكة واستمرارها في سياسات تدميرية، خصوصاً عبر بناء المستوطنات والجدران ومصادرة الأراضي من أجل فرض واقع جديد يحدد بشكل مسبق نتائج المفاوضات". واضاف أن"التملص من الالتزامات والاتفاقات ورفض الرعاية الدولية كان السمة الرئيسية لسياسة اسرائيل وأدى الى فقدان عملية السلام ثقة الشعوب في فوائدها. وبلغت هذه السياسة في الأعوام الاخيرة حد محاولة تدمير السطلة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها بالكامل وكذلك التدمير المنتظم للبنى التحتية الاساسية والتي ساهمت البلدان الاوروبية في تمويل بنائها". وذكر الرئيس عباس ان السلطة"رفضت ودانت الاعتداءات كافة ضد المدنيين ورفضت الارهاب بمختلف أشكاله. السياسة الواقعية واستعرض الرئيس الفلسطيني علامات السياسة الواقعية التي انتهجها على اثر انتخابه، قبل ستة عشر شهراً، ومحاور برنامج السلام الذي لقي ثقة شعبه. وأشار الى التزامات"التفاوض كسبيل لحل النزاع، واطلاق الاصلاح في مختلف المجالات، وتعزيز الممارسة الديموقراطية، وتحقيق الهدنة لتعزيز الأمن ودولة القانون". وقال إن اسرائيل قابلت اجماع الفصائل كافة على الهدنة بمواصلة بناء جدار العنصرية داخل اراضي الضفة الغربية، والذي يقسمها الى كانتونات، ومواصلة الاغتيالات والاعتقالات وعمليات التوغل العسكرية واقتحام القرى والمدن والمخيمات وتضييق الحصار ورفض الاتفاقات والتفاهمات بما فيها تفاهم شرم الشيخ الذي تم التوصل اليه بعد الانتخابات الرئاسية. وعلى رغم كل ما سبق، فإن السلطة الوطنية قبلت خطة الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة"وساهمت في ان يتم تنفيذه بهدوء، مثلما أكدت قدرتها على تحمل مسؤولياتها الأمنية، خصوصاً في المناطق الحدودية حيث يساعدنا مراقبو الاتحاد الاوروبي". وقال الرئيس محمود عباس امام النواب الاوروبيين إن"رفض اسرائيل يدنا الممدودة واعطاء السلام فرصة، يضاعف الاحباط لدى الشعب الفلسطيني". كما تقود سياسة اسرائيل الى تدهور الظروف الاقتصادية وتجعل حركة التنقل بين مدينة واخرى رحلة طويلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر جراء انتشار نقاط التفتيش في القدسوالضفة الغربية. "منح الحكومة فرصة" وأكد الرئيس عباس أن الاحباط الناجم عن الممارسات الإسرائيلية وكذلك انسداد الافق أمام عملية السلام"شكل خلفية للانتخابات التشريعية"في كانون الثاني يناير الماضي،"الا ان الديموقراطية تظل فاقدة لجوهرها في ظل غياب حرية الشعب واستمرار الاحتلال". وأضاف:"منذ اربعة اشهر نعيش تجربة غير مسبوقة لأن الحركة التي فازت في الانتخابات شكلت حكومة لا تتناسب مع البرنامج الانتخابي الرئاسي والالتزامات والاتفاقات السابقة التي أبرمتها السلطة الوطنية". وقال إن"الحراك السياسي في الأشهر الأخيرة يثمر رأياً عاماً يدعم احترام التزامات السلطة الفلسطينية تجاه القانون الدولي". وطلب الرئيس عباس من حكومة"حماس"تصويب برنامجها، وأكد استمرار الحوار بين مختلف الفصائل والمؤسسات منها القطاع الخاص. وقال إن الحوار قد يساعد حكومة"حماس"على تصويب برنامجها. وأعرب الرئيس الفلسطيني عن مساندته منح حكومة"حماس"فرصة حتى تتلاءم مع متطلبات المجموعة الدولية. وقال إن وقف المساعدات"سيفاقم الوضع المتدهور ويقود الى اضعاف شبكة الوزارات والادارات والمؤسسات التي اضطلعت بلدان الاتحاد الاوروبي بدور حيوي في اقامتها". واستعجل عباس تقديم المعونات من دون تأخر، محذراً في مؤتمر صحافي من حدوث كارثة"لا تعرف عواقبها"، وقال:"نحن ننتظر ويجب ان لا ننتظر طويلاً. نحن في سباق مع الزمن ولا يمكننا الانتظار لأشهر وإنما لأسابيع قليلة". وتحدث خصوصاً عن"خطر تجمد الوضع وخطر تفجر الناس وربما انتشار الفوضى". "ذريعة التحلل" وشرح الرئيس الفلسطيني أمام استخدام حكومة اسرائيل ذريعة"انعدام الشريك الفلسطيني"من اجل ان تتملص من الاتفاقات المبرمة وان ترفض العودة الى طاولة المفاوضات. وأعرب عن القلق الشديد ازاء المخاطر التي تتهدد مستقبل العملية السلمية جراء"مشاريع اسرائيل رسم الحدود النهائية على حساب الأراضي المحتلة". وشدد على ان الخطة الاسرائيلية ستعدم حل قيام الدولتين وذلك من خلال"ضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وتقسيم ما تبقى الى جزر متناثرة تفتقد للترابط ومصادر المياه". وحذر الرئيس عباس من ان الخطة الاسرائيلية"ستجهز على ما تبقى من عملية السلام". ونقل الى النواب الاوروبيين تأكيده في مكالمة أخيرة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت حول"رغبتنا الجادة في العودة الى طاولة المفاوضات". وناشد الرئيس عباس المساعدة من أجل تحرك دولي من أجل استنئاف المفاوضات لأنها"البديل عن السياسات الاحادية الجانب".