تحول ليل غزة كابوساً مفزعاً لكثير من المواطنين الفلسطينيين في الأسابيع الاخيرة التي شهدت حرباً خفية قوامها المتفجرات اللاصقة واطلاق النار. وتدور رحى هذه الحرب بين"كتائب القسام"الذراع العسكرية لحركة"حماس"وجهاز الأمن الوقائي الذي يشرف عليه المدير العام للأمن الداخلي العميد رشيد أبو شباك. ومن احدث الحلقات في سلسلة عمليات الانتقام المتبادلة بين حركتي"حماس و"فتح"إقدام عناصر من"كتائب القسام"فجر أمس في حي الزيتون جنوب مدينة غزة على زرع قنبلتين في سيارتين تعودان للشقيقين طاهر وماهر خويطر وتفجيرهما عن بعد، ما ادى الى تدميرهما. وقالت مصادر ل"الحياة"ان عشرات المسلحين وصلوا في سيارات"ماغنوم"يستخدمها عادة عناصر"كتائب القسام"الى الحي حيث يقطن الشقيقان خويطر اللذان يعملان في الأمن الوقائي، وينتميان الى كتائب شهداء الاقصى الذراع العسكرية لحركة"فتح"، وغادروا المكان بعدما اشتبهت فيهما العائلة واطلق مسلحون النار عليهم واصابوا عدداً منهم قبل أن تنفجر السيارتان. وما"كتائب القسام"والأمن الوقائي سوى ذراعين ضاربتين لكل من حركة"حماس"وتيار محمد دحلان في حركة"فتح"اللذين تستعر الحرب بينهما يوماً بعد يوم عسكرياً وإعلامياً في ظل حال من الاستقطاب الحاد بين الحركتين. وأخذت هذه الحرب في بعض الأحيان طوراً علنياً، وبدت غير معلنة في احيان اخرى، لكنها في الوقت نفسه مكشوفة للساحة السياسية والشارع الفلسطيني وللطرفين نفسيهما. وعلى رغم أن كل طرف لا يعلن عن مسؤوليته عن أي اعتداءات تقع على الطرف الآخر، الا ان الطرفين ايضا لا ينفيان هذه المسؤولية وكأن كل طرف اراد ان يوصل رسالة الى الآخر، والآخرين بأنه المسؤول عن هذا الفعل أو العمل الانتقامي. وجاءت الحادثة الاخيرة بعد سلسلة طويلة من هذه الحوادث اعقبت تحديداً منع عناصر من الأمن الوقائي موكب رئيس الوزراء اسماعيل هنية من اجتياز حاجز أمني اقامه الأمن الوقائي على أحد شوارع مدينة غزة امام مقره الرئيس في حي تل الهوا قبل نحو شهر، كذلك الاعتداء بالضرب على مستشار هنية الدكتور أحمد يوسف والنائب عن"حماس"سيد أبو مسامح قبل حوالي اسبوع، فضلاً عن اعتداءات من الأمن الوقائي على عدد من عناصر"حماس"حسبما تقول مصادر الحركة. وبدا ان عددا من الذين تعرضوا للاعتداءات هم من تورطوا في الحادثتين من عناصر الامن الوقائي وشهداء الاقصى. وقالت مصادر مطلعة فلسطينية ل"الحياة"ان لدى الأمن الوقائي معلومات بأن حركة"حماس"تنوي استهداف نحو 25 عنصراً من الجهاز من شمال قطاع غزة من أصل نحو 200 يعملون فيه. واضافت المصادر نفسها ان الأمن الوقائي لا يزال في مرحلة ضبط النفس ازاء هذه الحرب الخفية، ولم يستخدم اساليب يمكن أن تكون مؤذية لحركة"حماس". واشارت الى ان حراكاً داخل الأمن الوقائي أخذ في الظهور أخيراً، وان هناك تذمراً مما يعتبره كثيرون في الجهاز عدم رد منه على ممارسات"كتائب القسام". واوضحت ان هؤلاء يطالبون الجهاز برد قوي ومؤلم على حركة"حماس"ويتساءلون: هل سنبقى صامتين بلا رد حتى ينتقموا منا جميعاً؟