عشية اضراب المحامين اللبنانيين المقرر تنفيذه اليوم بدعوة من نقابتي بيروت والشمال احتجاجاً على التأخر في استكمال تشكيل هيئة مجلس القضاء الأعلى بتعيين خمسة أعضاء في مجلس الوزراء، ينضمون الى الخمسة الآخرين 3 حكميين واثنان منتخبان من محكمة التمييز لم ينجح وزير العدل شارل رزق من خلال الاتصالات التي أجراها في تذليل الخلاف القائم على القاضي الشيعي الثاني بعد أن توافق الجميع على تسمية القاضي عبداللطيف الحسيني عضواً في المجلس باعتباره الأقدم من بين القضاة الشيعة في العدلية. وفي معلومات"الحياة"أن التأخر في استكمال عدد أعضاء المجلس يثير اعتراضات سياسية لا سيما من القوى السياسية وتحديداً فريق 14 آذار لأن التأخر في التعيين حال حتى الساعة دون تعيين المحقق العدلي للنظر في جريمة اغتيال النائب والصحافي الشهيد جبران تويني في 12 كانون الأول ديسمبر الماضي لأن تعيينه من صلاحيات مجلس القضاء، إضافة الى تأثير التأخير السلبي في سير عمل القضاء. وبحسب هذه المعلومات فإن لا مشكلة في تشكيل مجلس القضاء من الاعضاء الحكميين الثلاثة وهم الرئيس الأول لمحكمة التمييز رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي انطوان خير والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي محمد علي عويضة، إضافة الى العضوين المنتخبين من محكمة التمييز هما القاضيان رالف رياشي وسهيل عبدالصمد. واستناداً الى هذه المعلومات، فإن الاتصالات التي جرت بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة فؤاد السنيورة والوزراء والتي تولاها في شكل أساسي الوزير رزق انتهت الى اتفاق على تعيين أربعة قضاة من جانب مجلس الوزراء وهم شكري صادر، سعد جبور، نعمة لحود، عبداللطيف الحسيني. لكن ما يؤخر صدور التعيين بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، استمرار الخلاف على العضو الشيعي الثاني في مجلس القضاء، فرئيس المجلس النيابي نبيه بري يدعم ترشح القاضية سلام شمس الدين لهذا المنصب في مقابل اصرار الآخرين على تأييد ترشح القاضي حبيب مزهر المشرف حالياً على السجل التجاري في بيروت، علماً ان مصادر بري تؤكد بأنه يتعاطى مع التعيين من زاوية الأخذ في الاعتبار بمبدأ الأقدمية في الوظيفة. ونقلت المصادر عنه قوله"أتحدى ان يقول أحد أنني أبحث عن محاصصة، ومن يدقق في أسماء المرشحين الشيعة يكتشف أنهم ليسوا من"أمل"وأنا ملتزم بمبادئ الأقدمية والكفاءة والسلوك في التعيينات وليس بأي شيء آخر". وكانت جرت محاولة في اليومين الأخيرين، لكنها لم تؤد الى انهاء الاشكال القائم على تعيين القاضي الشيعي الثاني وذلك بسبب اصرار بري على موقفه في مقابل عدم اعتراض الفريق الآخر على اختيار القاضي فيصل حيدر كبديل عن القاضية شمس الدين. ولم تستبعد مصادر وزارية في حال اصرار بري على موقفه وتمسك الفريق الآخر بموقفه ايضاً الابقاء على المشكلة عالقة من دون حل ما يطرح مجدداً مسألة التدخل في شؤون القضاء وتسييسه من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية على بساط البحث لا سيما ان هذا التدخل يفسح المجال أمام عودة الترويكا للتحكم في التعيينات الادارية والقضائية وصولاً الى احياء"نظام"المحاصصة في الادارات والمؤسسات العامة والرسمية. يذكر ان الوزير رزق أجرى أمس لهذه الغاية مشاورات مع القاضي خير وعقد على الاثر مؤتمراً صحافياً شرح فيه حصيلة المشاورات التي أجراها أخيراً. وقال رزق انه تدارس مع القاضي خير في الوضع الناجم عن تأخير رسوم تعيين الاعضاء الخمسة المتبقين في المجلس معترفاً بأن تباينات سياسية حالت حتى الآن دون صدور هذا المرسوم. وأكد رزق انه توصل الى تأمين توافق حول أربعة اسماء من أصل خمسة منوهاً بالمساعدة التي وفرتها له مراجع مختلفة وخص بالذكر الوزير مروان حمادة والنائب علي حسن خليل اللذين لعبا دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر. وبالنسبة الى الذين يطالبونه بالا ينتظر التوافق حول العضو الخامس المتبقي وان يقدم اقتراحاً يضع رئيس الجمهورية والحكومة أمام الأمر الواقع قال رزق ان ذلك يزيد الأمور تعقيداً وتشنجاً وتسييساً وتأخيراً وان المنطق والحكمة يقتضيان الاستمرار في تأمين التوافق الذي هو شرط مسبق لصدور المرسوم"لأن قانون المجلس الاعلى للقضاء يقضي بأن يُعيّن الأعضاء الخمسة المتبقون من السلطة السياسية متمثلة بالحكومة. وقد يكون للبعض ولي شخصياً تحفّظ عن هذه الآلية في التعيين، ولكن لا بدّ من احترام هذه الآلية التي تفرض توافق السلطات السياسية المسبق طالما ان هذه الآلية منصوص عليها في القانون وطالما ان هذا القانون لا يزال نافذاً وساري المفعول". وتوقف رزق أمام دعوة المحامين الى الاضراب اليوم وقال:"اتفهم تفهماً كاملاً موقف نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس ولا أشك في أن مرده هو الحرص على مصلحة العدل والقضاء بعيداً من المؤثرات السياسية، إذ لا ريب باستقلالية النقابتين واكتراثهما للمصلحة العامة ويساعد هذا الموقف على التوصل الى استعجال الحل. لذلك أعلن للرأي العام أنني سأستمر في السعي الى تأمين التوافق حول القاضي الخامس وإنني واثق بأنني سأصل الى الحل المنشود كما أعد الرأي العام بأن أطلعه على تقدم مساعي أولاً بأول لأن في الانظمة الديموقراطية هو مصدر السلطات جميعاً ومرجعي الأول والأخير".