كادت التظاهرة المقررة اليوم، بدعوة من هيئة التنسيق النقابية مدعومة من احزاب في المعارضة وفي السلطة على حد سواء، تطغى على المحادثات التي أجراها أمس رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة في لندن. وركز أكثر من مسؤول بريطاني اضافة الى اساتذة الجامعات والمعاهد حيث حاضر السنيورة وطلابها اسئلتهم على ما يجرى حالياً في لبنان و"ماذا تطلبون بالتحديد من بلير وكبار المسؤولين في حكومته؟". وأكد السنيورة أن الحوار جار بين اللبنانيين وان لا مصلحة لأحد في تعليق اعماله لما يترتب عليه من تداعيات سياسية لا يستطيع ان يتحملها بمفرده، لكنه تجنب كما اعضاء الوفد الوزاري المرافق له، الخوض في التفاصيل رغبة منه في تسليط الضوء على زيارة العمل للندن. الا ان السنيورة سرعان ما خرج عن صمته، عندما تحدث أمام اعضاء الوفد عن وجهة نظره حيال تظاهرة اليوم الى الوسط التجاري لبيروت. ونقل اعضاء الوفد عن السنيورة قوله:"نحن مع حرية التعبير عن الرأي ولا مشكلة في تسيير التظاهرات، لكن لا يجوز التعاطي مع الحكومة انطلاقاً من قرار مسبق يقضي بمحكامتها على النيات أو منع وزير أو مجموعة من الوزراء من مجرد التفكير بطرح فكرة تتعلق بالاصلاحين الاداري والمالي". وأضاف السنيورة، كما يقول هؤلاء:"أنا لا اعرف الدواعي التي أملت على قوى سياسية معينة الدعوة الى التظاهرة وبمشاركة اطراف أساسيين مشاركين في الحكومة، وهل ان مجلس الوزراء وافق على وضع مشروع قانون يتعلق بتطبيق نظام التعاقد الوظيفي حتى تقوم القيامة في وجه الحكومة ولم تقعد؟". وأوضح:"ان الفريق الاقتصادي في الحكومة طرح فكرة في شأن التعاقد الوظيفي وبادر الى التداول فيها مع الهيئات النقابية والاقتصادية والقوى السياسية، والطرح لم يتطور الى قرار لا عودة عنه تبناه مجلس الوزراء". وقيل للسنيورة:"ان الداعين الى التظاهرة يطلبون منك اصدار بيان رسمي تعلن فيه ان لا نية لدى الحكومة العودة الى طرحه مجدداً؟". فأجاب سائلاً:"استغرب مثل هذا الطلب طالما أن الامر لم يطرح على مجلس الوزراء حتى يبادر البعض الى اتهامنا بأننا نعد العدة لتجهيز اقتراح قانون نحيله فوراً على المجلس النيابي؟". وسأل السنيورة:"هل إن الحكومة تهرّب مشاريع القوانين، واذا صح مثل هذا الاتهام ولو على سبيل التحامل، فهل يعقل ان نتسلل بالقانون الى البرلمان في عتمة الليل؟". وقال:"ان الطلب من الحكومة التراجع عنه أمر غير مجد"، وعزا السبب الى انها لم تتبن الفكرة، والفريق الحكومي الذي طرحها بادر الى سحبها من التداول فلماذا ابتزاز الحكومة؟ وبالنسبة الى المشاورات الهاتفية التي أجريت في الساعات الاخيرة بينه وبين رئيس المجلس نبيه بري، نقل اعضاء الوفد عن السنيورة قوله انه سأله عما يدور في لبنان وان الاخير أبلغه بأن كل شيء انتهى على حد علمه نتيجة المفاوضات الجارية بين المعنيين، لكن رئيس الحكومة أكد له أنه يجهل الاسباب التي أملت الدعوة الى التظاهر ضد مسألة لم تعد مطروحة. وأضاف أحد أعضاء الوفد ل"الحياة":"اننا بتنا على قناعة بأن هناك من يسعى دائماً الى الابقاء على جو الفوضى السياسية في البلد خصوصاً في ظل التطورات الجارية اقليمياً ودولياً ومع اقتراب الموعد المحدد لرئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليرفع تقريره الى مجلس الأمن الدولي حول المسار الذي بلغه في التحقيق". وأكد أن المسؤولين البريطانيين سألوا السنيورة:"ماذا تريد من حكومتنا؟ وقل لنا بالتحديد ما هي طبيعة المساعدة ونحن حاضرون لدعمكم؟". وكشف عضو الوفد النقاب ايضاً ان السنيورة بدأ يتعاطى مع التحرك النقابي ? السياسي على انه يتجاوز التعاقد الوظيفي الى امور اخرى. وينقل عنه خشيته من وجود خطة لإضعاف الحكومة واظهارها محلياً ودولياً عاجزة ولا تستأهل أي مساعدة. وخوفه من نية لدى البعض باستنزاف الحكومة وادخال البلد في حالة من الجمود والتجميد. وأعرب عن شكوكه في ان تكون هناك خطة على الاقل في المدى المنظور لتطيير الحكومة أو تحويلها مع الوقت الى حكومة"تصريف اعمال"غير قادرة على اتخاذ أي قرار. وأكد ان المعارضة مع بعض الاطراف في الحكومة يخططون لالغاء المفاعيل السياسية المترتبة على نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة وبالتالي يطمح كل هؤلاء الى تحويل الاكثرية الى اقلية لتأكيد شعار"الاكثرية الوهمية". وقال عضو الوفد:"انهم يمررون رسالة سياسية فحواها أنكم لن تحكموا من دون التوافق معنا على كل شيء، ونحن نتمتع بممارسة حق النقض، مشيراً الى ان ما يحصل اليوم لن يكون الا النموذج لما سيكون عليه الوضع في لبنان بعد انتهاء الولاية الممدة لرئيس الجمهورية اميل لحود"، بمعنى"ان الاكثرية لن تكون قادرة على انتخاب رئيس جديد ما لم تتفق مع المعارضة وتحديداً مع التحالف الشيعي على البديل ومضمون البرنامج السياسي للمرحلة المقبلة". وأكد أن عملية إضعاف الحكومة بدأت وان ما نشهده اليوم ما هو الا"عيّنة"لما سيحصل في البلد في حال أرادت الاكثرية انتخاب رئيس ينتمي اليها، لافتاً الى ان اختيار"التعاقد الوظيفي"كعنوان للتظاهرة لا يخفي تقاطع المصالح السياسية ولو في المرحلة الراهنة بين بعض القوى في الحكومة و"التيار الوطني الحر"وحلفاء لسورية ولو من باب"التضامن"مع النائب ميشال عون كبديل عن مطالبته بإسقاط الحكومة!