تعثرت المفاوضات بين الأحزاب السياسية الرئيسية لتشكيل حكومة دائمة بعد مرور خمسة شهور على الانتخابات، وأعلن"حزب الفضيلة الاسلامي"، المنضوي في كتلة"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعية، انسحابه منها احتجاجاً على طغيان"المصالح الشخصية"عليها. وعلى رغم نجاح الكتل السياسية العراقية البرلمانية في تقاسم المناصب الرئاسية التسعة رؤساء الجمهورية والوزراء ومجلس النواب ونوابهم بحسب المحاصصة الطائفية بين الكتل الرئيسة الثلاث الشيعية والسنية والكردية، إلا أن آلية توزيع الوزارات تصطدم بخلافات بين مكونات كل كتلة من جهة، وبين الكتل من جهة ثانية. ويشهد"الائتلاف"130 مقعداً توتراً بين أحزابه السبعة الرئيسية، ظهر أمس في اعلان الناطق باسم"حزب الفضيلة الاسلامي"الشيخ صباح الساعدي عدم مشاركته في الحكومة العراقية، لأن مفاوضات تشكيلها"تسودها المصالح الشخصية والحزبية الضيقة وليس مصلحة المواطن العراقي". وقال الساعدي:"لن نعود الى طاولة المفاوضات وهذا هو موقفنا النهائي. سنبقى في البرلمان لنعبر عن أصوات الشعب الذي انتخبنا، وندافع عن حقوقه. وسنلعب دور الرقيب على أداء الحكومة، وننقل مطالب الشعب بأمانة". وانتقد الساعدي أحزاباً"تحاول فرض مرشحيها للوزارات"على"الائتلاف"في مقابل مناصب أخرى"في ما يشبه الصفقة"، والسفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاد"الذي يمارس ضغوطاً غير مبررة على المفاوضات الراهنة". ونفى أن يكون انسحاب"الفضيلة"بسبب التنافس مع"الكوادر"المستقلة برئاسة حسين الشهرستاني، أحد مكونات"الائتلاف"، على حقيبة النفط بل"احتجاجاً على العقلية المتحكمة بتشكيل الحكومة وهي الفئوية والأنانية والمكاسب". واعتبر أن"وزارة النفط"لم تحسم للشهرستاني كما جاء في الاعلام، بل ارتفعت حظوظ الفضيلة للفوز بها. ويملك"الفضيلة"15 مقعداً في"الائتلاف"ومرشده الروحي هو الشيخ محمد اليعقوبي أحد المراجع الدينية الأربعة في النجف. الى ذلك، أكد سياسيون بارزون أن"الائتلاف"قرر منح حقيبة النفط حصته الى مرشح المالكي، كما جرى مع وزارة الكهرباء، لكن حزب"الفضيلة"الذي لم يحظ بأي منصب سيادي رفض الأمر مرشحاً وزير النفط الحالي بالوكالة هاشم الهاشمي، في مواجهة المرشحين حسين الشهرستاني وثامر الغضبان وزير النفط السابق. وكان"حزب الدعوة الاسلامي"فاز بمنصب رئاسة الوزراء المالكي، فيما حصل"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"على نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، وكتلة"المستقلون"على نائب رئيس البرلمان خالد العطية و"منظمة بدر"على حقيبة المال لم يحدد بعد وزيرها، فيما فضلت الكتلة الصدرية الحصول على خمس وزارات سياسية وخدماتية. وأكد جابر خليفة نائب الامين العام لحزب"الفضيلة"أن حزبه حاول التخفيف من"طغيان التخندق الحزبي على مفاوضات تقاسم الوزارات داخل الائتلاف"، لكن"واجهنا واقعاً مريراً يتمثل بتغليب المصلحة الفردية". وقال ل"الحياة"إن حزبه لم يحصل على منصب سيادي رغم امتلاكه 15 مقعداً، لكن ذلك ليس السبب المباشر وراء انسحابه. وأكد مصدر قريب من المالكي أن الأخير يفضل منح النفط الى الشهرستاني، على أساس أن الوزارة تعتبر الشريان الأساس لرفد الاقتصاد العراقي المتدهور. وأوضح ل"الحياة"أن المالكي يرغب في تعيين وزراء أكفاء لا سيما للنفط والدفاع والداخلية وهو عازم على اختيار مستقلين وأكاديميين. يشار الى أن الشهرستاني عالم نووي درس علوم الطاقة قبل هروبه الى إيران في الثمانينات بعد تعرضه للاعتقال. وفضلاً عن خلافات الشيعة حول النفط، يواجه المالكي صعوبات أخرى تعرقل إعلان حكومته قبيل انتهاء المدة الدستورية لتكليفه في 22 الشهر الجاري، تتمثل في الوزارتين الأمنيتين، موضع النزاع بين السنة والشيعة. وكانت الكتل الرئيسية اتفقت مبدئياً على منح"الداخلية"الى"الائتلاف"، لكن الكتل الأخرى رفضت مرشحه الوزير الحالي باقر جبر صولاغ. كما رفضت"جبهة التوافق"السنية منح الدفاع الى كتلة اياد علاوي"لأن ذلك قد يؤدي الى اختلال التوازن الطائفي في الحكومة". وأكد عضو"الائتلاف"عن التيار الصدري بهاء الأعرجي ل"الحياة"أن محادثات اعلان التشكيلة الحكومية تواجه بعض المشاكل لكنها ستحل خلال يومين. وقال إن وزارة الدفاع حسمت لكتلة"العراقية"والداخلية ل"الائتلاف"، لكن ضغوطاً أميركية تمارس لاختيار مرشحيها، الامر الذي رفضته الكتل السياسية ورئيس الوزراء في شكل مباشر. وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني أكد في وقت سابق في أعقاب لقائه إياد علاوي وزلماي خليل زاد رغبة الأميركيين في تشكيل حكومة"مشاركة وطنية". من جهته، اعتبر عضو"القائمة العراقية"وائل عبد اللطيف أن أزمة"الائتلاف"لا تقتصر على حقيبة النفط، إنما حول مرشحي الداخلية أيضاً. وأكد أن"الائتلاف"أعرب في اجتماع مع"العراقية"عن رغبته في إشراكها في شكل فاعل في الحكومة. وقال إن الحوار كان ايجابياً في ما يخص مطالبنا الوزارية، موضحاً أن الدفاع"حسم لنا في شكل قاطع". ونفى رغبة"العراقية"في الانسحاب ما لم تلب مطالبها، مشدداً على ضرورة"اتسام جميع الكتل بالمرونة اللازمة في هذه المرحلة الحساسة وألا تضع خطوطاً حمراء على مطالبها والا انسحبت". وطالب بمنح"المالكي حريته اللازمة والقانونية لاختيار أعضاء حكومته التي سيترأسها والا كيف سيُبنى البلد اذا فُرضت عليه الاسماء؟". ولفت الى أن قائمته قدمت أسماء مرشحيها لحقيبة الدفاع، وتركت للمالكي اختيار أحدها.