لما كان الكتاب المدرسي المحور الأساسي في العملية التربوية والمصدر الأهم لتلقين المعلومات والمفاهيم والقيم، كانت ضرورة تسليط الضوء على واقع الكتاب المدرسي في العالم العربي لا سيما كتاب المرحلة الابتدائية. يبدو أنّ المشكلات التي يعاني منها الكتاب المدرسي، في المضمون والإنتاج على السواء عديدة ومتنوّعة. ولا تقل عنه مشكلة كتاب المعلم الذي بدلاً من أن يكون المصدر الذي يساعد الأستاذ في توسيع نشاطاته، تحوّل مجرد صفحات تقتصر على حلول المسائل المطروحة لا اكثر، ما أبعد عامل الحركة والديناميكية عن العمل الأكاديمي. المنهجية الجديدة يبدو أنّ المنهجية الجديدة التي اتبعت منذ بضع سنوات في لبنان لم تتخطَ المشكلات القديمة التي كان يعاني منها الكتاب المدرسي، بل وقعت في ثغرات أخرى. فقد بدت الحاجة الماسة مثلاً الى مراقبة الكتب العلمية قبل صدورها لا سيما كتب علم الأحياء. إذ يمكن اعتبارها كتب علوم وليس كتباً علمية لما يعتريها من أخطاء وشوائب كغياب الدقة التعبير والاختبارات. هذا إضافة إلى عدم اطلاع المؤلفين على الأبحاث التي تجرى في العالم وفي لبنان في ميدان طرائق تعليم العلوم. وعلى رغم تنافس الكتاب مع العديد من الوسائل التعليمية الحديثة، لا تزال غالبية مدارس لبنان تعتمد الكتاب كمصدر أساسي ووحيد في الكثير من الأحيان للتعلم، ما يبرر خطورة عدم تطويره وتحسينه وتنقيبه من الأخطاء. ولا بد من الإشارة إلى المشكلة الكبرى التي تكمن في اللجان المتخصصة لوضع المناهج التي يغيب عنها مدرسو المواد الذين يمكن الإفادة من خبرتهم التطبيقية وأصحاب الكفاءة اللازمة. عملية الفهم كما تلاحظ في كتب الصف السادس ظاهرة قد تأخذ أبعاداً اجتماعية كبيرة وخطيرة في الوقت عينه. فموقع المرأة في هذه الكتب محدود خصوصاً في النصوص ومستوى الأسئلة والعناوين وبطولة القصص ووضع المرأة في صورة نمطية تحددها في موقع ربة البيت. أما مشكلة الكتاب المدرسي الأردني فتكمن في حاجة كتب الاجتماعيات إلى نشاطات مرافقة ومهارات فنية تسهل عملية الفهم والإدراك. اما في ما يتعلق بكتاب الرياضيات للصفين الثاني والثالث الأساسيين، فيبدو انه لا يقدم معرفة رياضية من خلال حل المسألة المطلوبة والرياضية المحض. كما انه يقدم استراتيجيات الحل بطريقة عشوائية وغير منظمة. وكذلك الأمر بالنسبة الى كتاب القواعد من الصف العاشر حتى الصف الثاني عشر، اذ تغيب عنه الطرق الصحيحة في تعليم أصول المادة التي يمكن من خلالها أن يستنتج الطالب القاعدة الأساسية عبر تحليله للنص الذي بين يديه. تضاف إلى هذا نقاط الضعف التي تظهر في كتاب التربية الوطنية للصف الثامن الأساسي لا سيما من ناحية عدم مراعاته للمعايير المطلوبة شكلاً ومضموناً من وجهة نظر المشرفين التربويين الأردنيين. وتمكن الفلسطينيون من إدارة التعليم في المدارس والتعليم العالي منذ عام 1944. اذ ان المقررات الدراسية المعمول فيها منذ عام 1967 كانت تتبع النظام المصري في قطاع غزة، والأردني في الضفة الغربية، الى ان انشئ مركز المناهج الفلسطينية في عام 1995 وأُنجزت خطة المناهج عام 1998. تظهر مشكلة الكتاب المدرسي الفلسطيني، لا سيما كتاب العلوم في النشاطات العلمية التي تعتبر أحد المحاور الأساسية التي تفتح المدرسة على العالم الخارجي ومواكبة التغيير السريع الذي يجري فيه، فهي كثيرة وغير منظمة. وعادة ما تشكّل مواد التاريخ واللغة العربية والتربية الوطنية في شكل خاص قلب العملية الأيديولوجية حيث تصهر التلميذ داخل بوتقة الدولة والنظام الحاكم. وهذا ما تعاني منه المواد المذكورة في بعض الدول العربية. إلا أنّه لا يمكن القول إنّ الكتاب المدرسي في العالم العربي ضعيف وغير صالح، لكن لا بد من إلقاء الضوء على الثغرات والمشكلات التي يعاني منها من اجل الوصول إلى بيئة تعليمية تربوية صالحة. يذكر أن الاستنتاجات المذكورة هي ثمرة دراسات أجراها أساتذة مختصون في وضع المناهج وجاءت ضمن"المؤتمر التربوي الأول: الكتاب المدرسي دوره، مضمونه وجودته"الذي نظمته الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية في العام الفائت.