سنوات من التجاهل لفن عبادي الجوهر... برامج تلفزيونية بمختلف أنواعها نست فنه الجميل... قنوات فضائية إنشئت خصيصاً للاهتمام بالفن الغنائي قديمه وحديثه لا يمر عليها اسم عبادي بتاتاً... مجلات متخصصة في مجال الفن الغنائي تعرض كل رخيص وغال من الأصوات والأجساد لم نر فيها صورة لعبادي أو خبراً له... مهرجانات تقام هنا وهناك باستثناء مهرجان الدوحة الذي قدمه قبل سنة يأتي إلى جدولها أسماء وأشكال فيها من النشاز والعذب العديد لكنها لم تفكر أبداً في الاستعانة بهذا العبادي... جلسات غنائية صورت وقدمت عبر كل الدول تناست جلسة لعبادي أو رنة لعوده من اصابعه الساحرة... ملاحق فنية متخصصة أفردت الصفحات والمانشيتات العريضة والصور الملونة والبوسترات البراقة لم تدر بالاً لهذا الفنان الذي يمتلك الفن والجمهور... عطور سميت بأسماء أغانٍ منوعة لم تشتم رائحة العبق في أغانيه... كليبات صورت وصرفت عليها ملايين الملايين لم نجد له أثراً فيها. حوارات تلفزيونية أجريت مع"اللي يسوى"و"اللي ما يسوى"غاب عنها"اللي يسوى"للأسف الشديد. أَلبومات طرحت ووزعت ضيعت اسمه وصورته... مناسبات وطنية وفنية أقيمت ولم يطل عبرها عبادي إلا قليلاً قليلاً... جوائز منحت لمستحقيها ولغير مستحقيها لم تلتفت الى فنان أعطى الكثير وقدم الأكثر... هذا العبادي الذي عرفناه قديماً وهو يغني رحال العمر واستمر واستمر حتى أصبح علامة مسجلة لكل ما هو راقٍ ورائع وذوق... مشكلته الكبرى أنه فنان يملك إلى جانب الموهبة والجمهور الكثير من الكرامة... مشكلته الأخرى انه خسر الكثير لكنه لم يخسر قناعته بفنه وبأسلوبه وبحزنه النبيل... عقبته الصعبة أنه لم يقدم تنازلاً ولم يشتر نصاً أو لحناً جاهزاً من دون أسماء حقيقية... حتى في حملات التناسي، أصر جمهوره على أن يبقى على رغم التجاهل... اغنياته [ تدرين وأدري وحبيبتي كل العواذل ودخون وسبعة ارقام وغريب والصبر ] كلها بقيت في الذاكرة ولم تذهب كما ذهبت آلاف الاغاني والجمل والابيات... عبادي الجوهر لم يجد من ينصفه الا جمهوره وهو الذي دخل القاهرة من اوسع ابوابها وغرد في بيروت من احلى لياليها وعزف اجمل المقطوعات ولحّن أعذب الاغاني... عبادي يملك جمهوراً وفياً رقيقاً حساساً تقبل لونه الهادئ البسيط ولم يخب ظن فنانه، لاحقه من مكان الى مكان بل وانتشر وتوسع ليشمل كل بقاع الخليج والامة العربية، ظهر بعده فنانون اشتهروا لكنهم لا يملكون جمهوراً خاصاً موقعاً باسمه... عبادي الجوهر كان الحاضر الغائب عبر سنوات كثيرة ولولا بعض الاطلالات المعدودة لقلنا انه اعتزل مثل غيره من الاصوات التي مرت مرور الكرام. أخيراً جاء من ينصف عبادي وفنه وعوده واغانيه وجمهوره وتاريخه... أخيراً جاء من يعيد حسابات الذوق الفني مرة أخرى الى وضعه الطبيعي... أخيراً جاءت كبرى الشركات الفنية"روتانا"لتجبر خاطر من يحبون هذا الفنان المرموق ولتجبر خاطر كل متذوق للفن الهادي والراقي... العقد الذي وقعته"روتانا"يمثل صيداً ثميناً للجمهور العربي الذي اشتاق الى عزف وصوت ولحن عبادي... نعم أخيراً جاء من ينصف عبادي الجوهر!