74.670 مركبة تدخل وتغادر المملكة يوميا    1% زيادة بتداولات الأسهم السعودية    الذهب يواصل مكاسبه للأسبوع السادس وسط تصاعد التوترات التجارية    الحرس الملكي يحتفل بتخريج دورات الأمن والحماية واختتام الدوري الرياضي    عربات النقل الترددي وخطورتها على المشاة    في قطار الرياض !    تجاذبات الرسوم الجمركية    حزب مودي يحقق فوزا ساحقا في انتخابات نيودلهي ويستعيد السلطة بعد 27 عاماً    تركي الفيصل.. رسالة تؤكد أن فلسطين في قلب الأمة    سوريا.. إلى أين ؟!    أزمة القطاع الصحي في غزة تتسبب في وفاة 100 طفل    موعد مباراة الهلال القادمة بعد التعادل مع ضمك    الأسطورة والمتعصبون    كريستيانو ابن الأربعين...!!    كبير المدرجات السعودية    سبب اخفاق النصر في ضم لياو    ماذا في جعبة وزارة التعليم ؟    التسليم على الرغبات المتوحشة    الحكمة.. عقل يفهم العواطف    البودكاست في المملكة.. ثقافة وتأثير    المملكة تسلم مصر وفلسطين حصتيهما من الهدي والأضاحي    محمية تركي بن عبدالله تعقد لقاءً تعريفيًا مع المجتمع    أمانة المدينة تدشن تقاطع الأمير عبدالمجيد مع سعد بن خيثمة    وفد من شركة "أرامكو" يزور مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة    أمير عسير يرعى تكريم الجامعات العربية المميزة    مليار ريال سنويا حجم سوق الحرف السعودية    البودكاست السعودي يصل للعالمية بدخوله Guinness    مفتي المملكة ونائبه يتسلمان تقرير نشاط العلاقات العامة والإعلام    تعزيز التطوع المجتمعي    5 % نسبة أمراض الكلى في المملكة    انعقاد «الملتقى القرآني» لمديري وأئمة الشؤون الدينية بمكة المكرمة    ضمك يحرم الهلال من صدارة دوري روشن    ضبط (15) إثيوبياً في جازان لتهريبهم (486) كجم "قات"    بعد لقائه بالشرع.. أرياس: نضع الأساس لإغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في سورية    لبنان أمام فجر جديد: حكومة مكتملة بعد جمود طويل    هل تتأثر هدنة غزة بتناقضات المعايير الإسرائيلية    ربع مليون طالب وطالبة في 1700 يحتفلون بيوم التأسيس بالطائف    السالمي بطلا لكأس خادم الحرمين للقدرة والتحمل بالعُلا    الاتفاق يواصل الانتصارات في الدوري    مفوض الإفتاء موجهًا رؤساء الجمعيات اللحمة الوطنية من القيم الأساسية التي تعزز من تماسك المجتمع    إنطلاق مؤتمر السمنة السنوي الدولي الثامن بالخبر    1383 حالة ضبط للمنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    تخصصي تبوك يكرّم الموظفين والأقسام المميزة    القتل تعزيراً لأمير زاده لتهريبه الهيروين    «الداخلية»: ضبط 21 ألف مخالف للأنظمة في مناطق المملكة خلال أسبوع    ترقية م. بخاري في هيئة الإذاعة والتلفزيون    الدكتوراه ل«السهلي»    انخفاض درجات الحرارة ورياح نشطة مثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    تحويل منزل فيروز «القديم» متحفاً في لبنان    انطلاق بطولة VEX IQ لصُنّاع المستقبل في تصميم وبرمجة الروبوتات    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام وحقوق الانسان : أسئلة المرجعية والفاعلية
نشر في الحياة يوم 29 - 04 - 2009

ترافق البحث الاسلامي الحديث في حقوق الانسان مع السؤال النهضوي في القرن التاشع عشر والقرن العشرين، حيث أثيرت اسئلة كثيرة عن بعض حقوق الانسان وخصوصاً حقوق المرأة وأهل الذمة والحريات، ومنذ صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان واليى اليوم أخذت المقاربات الاسلامية لحقوق الانسان تتوالى وتتكاثر، متخذة اشكالاً متعددة كالمواثيق والاعلانات الاسلامية لحقوق الانسان، والدراسات المقارنة بين الشريعة والميثاق العالمي سواء لعموم الموضوع او لأجزاء خاصة منه، ويغلب على تلك المقاربات والمقارنات نزعة تلفيقية أو توفيقية متفاوتة، فمنها من يبحث عن تأصيل تلك الحقوق في الاسلام لتثبيت الأسبقية الاسلامية فيها، ومنها من يبحث عن الفوارق ليدين احدهما بحسب الخلفية الايديولوجية الموجّهة، ومن تلك الدراسات ما يأخذ نزعة تأويلية للتوافق مع الاعلان او تبرير الاختلاف عنه.
لكن الاسئلة الجوهرية عن حقوق الانسان في الاسلام غابت عن تلك المقاربات، وأهم هذه الاسئلة التي ارى انه ينبغي ان يتحول البحث اليها هما السؤالان، الاول يتعلق بالمرجعية والثاني يتعلق بالفاعلية.
سؤال المرجعية
ما يحرض سؤال المرجعية هو النزعة التلفيقية في المقاربات والتي تستبطن مرجعية اخرى، فالاعلان العالمي كان المقياس غير المعلن للموضوع، والمنطلق لمعرفة حقوق الانسان في الاسلام، حتى تصنيف تلك الحقوق كان بالاقتباس من الميثاق العالمي مع تأصيل نصي لمضمون بنوده وتعديل لها بحسب المقتضى، وكأن الحضارة الاسلامية وبعد قرون من العالمية الاسلامية والنموذجية بين تواريخ الأمم قد اكتشفت من جديد هذه الحقوق وأصبحت من خلالها تعرض رؤيتها لتلك الحقوق، فالسؤال الذي لم يطرح كيف صيغت تلك الحقوق في الرؤية الاسلامية عبر التاريخ؟ لقد كانت هناك نصوص وقيم تحكم العلاقات بين الناس وبين المسلمين والعالم في مختلف ميادين الحياة، وقد تجسدت تلك القيم في ما يشبه القوانين المدونة يستند اليها الحكام والقضاة والمفتون في فض النزاعات او ترخيص المهن او حماية البيئة وغيرها، والمتخصص عندما يطالع كتب الفقه والقضاء والفتوى في زواياها الفرعية وقضاياها الزمانية سيجد من الاحكام والاقضية والتنظيرات ما يكشف عن منظومة من القيم والحقوق يفتقدها المسلمون اليوم تنظيراً وتطبيقاً، وللباحث الذي يمتلك الصبر في قراءة الكتب القديمة ان يتأكد من ذلك بمطالعة الأبواب المغلقة بأحكام الصنائع والعمران والصحة والارتفاق والجوار والتقاضي والجهاد وغيرها، يضاف الى ذلك ابواب الاخلاق والآداب المتعلقة بكرامة الانسان والعلاقات الاجتماعية، ومن يعجز عن القراءة يمكنه ان يتجول في معالم الحضارة الاسلامية القائمة كبقايا المدن الاسلامية القائمة كالبيمارستانات ويتساءل عن تفسير اجزائها ووظائفها، وكذلك المنازل والازقة ومعالم المدينة الاسلامية وماذا يعني كل معلم فيها، وكل سؤال قد يثار سنجد لدى الباحثين المتخصصين في موضوعه اجوبة ترتبط بقيم اسلامية وأحكام فقهية كانت تحكم تلك المعالم، وقد تنبه بعض الباحثين في التراث لا سيما الغبيين منهم لهذه القيم بينما غابت عن كثير من الاسلاميين المعاصرين الذين راحوا يبحثون عن حقوق الانسان في الاسلام عبر مفتاح غير اسلامي، فظلوا في فلك الكلام والتلفيق، ولم يفلحوا في التأصيل ولا في الاقناع بمكانة حقوق الانسان في الاسلام.
لا يمكن بحال ان يعيش المسلم معزولاًً عن العالم وغير متأثر بحراكه واسئلته المتحدية وعلى رأسها موضوع عالمي كحقوق الانسان، لكن الوعي باللحظة العالمية لا يعني الدوران بفلكها مع نفي لهذا الانجذاب او ادعاء الاختلاف معه، والاستجابة العلمية والمشاركة العملية في هذه القضايا يقتضي الوعي باختلاف المرجعية من دون القول بتنافيها ضرورة، والوعي بالاختلاف يقتضي البحث في المرجعية المعلنة والمدعاة من مداخلها وبأسئلتها ومن خلال قراءة تاريخ تجلياتها عبر التاريخ، عند ذلك يمكن ان يكون هناك لقاء او اختلاف مع المرجعية العالمية المعاصرة، لكن هذا اللقاء او الاختلاف ينبغي ان يكون غائباً في ذهن الباحث وان يكتشف كنتيجة لئلا يتحول الى هاجس يوجه البحث، فهل يستأنف باحثو حقوق الانسان في الاسلام بحثها من خلال حضارة يمتد تاريخها اربعة عشر قرناً ومدونات متخصصة تغطي مختلف مجالات الحياة، لكن الخوض في هذه المدونات لن يكون مجدياً ما لم يتزود الباحث بعدة منهجية معاصرة وبحيادية علمية بعيدة من الخلفيات.
سؤال الفاعلية
السؤال الثاني والمهم الذي لم يتطرق اليه باحثو موضوع حقوق الانسان في الاسلام، هو سؤال الفاعلية، وأعني بذلك ان التغني بحقوق الانسان في الاسلام والكتابة حولها لم يرافقها سؤال جوهري هو: لماذا غابت معظم هذه الحقوق في عالمنا الاسلامي المعاصر؟ وانتهك الكثير منها في تاريخنا الاسلامي؟ ويتبع ذلك سؤال آخر كيف نفعّل هذه الحقوق على ارض الواقع ونجسدها في حياتنا، فما دامت اشكالية الهوية قد غابت عندما سميناها حقوقاً اسلامية فلماذا تنتهك هذه الحقوق مع ان انتهاك بعضها يعتبر مع كبائر المعاصي في الاسلام؟ لماذا يغيب النضال الاسلامي لتجسيد هذه الحقوق؟
على الاقل ان يرتقي الى نضال دعاة حقوق الانسان العالمية، لقد غابت الاجابات عن هذه الاسئلة، ولا غرابة في ذلك لأن المنهج السائد عملياً في دراسات حقوق الانسان في الاسلام لا يحمل هاجس هذه الاسئلة، فالذي ينقص المسلمين اليوم ليس منطق الفكرة ولكن منطق العمل والحركة - بحسب عبارة مالك بن نبي - فالدارسون لحقوق الانسان في الاسلام لا يفكرون ليعملوا بل ليقولوا كلاماً مجرداً، فالمحرك هاجس الدفاع الذي يعكس عقد نقص تجاه العالم المعاصر.
ان الاجابة عن سؤال الفاعلية مرتبطة بالاجابة عن سؤال المرجعية، ذلك ان بحث حقوق الانسان في الاسلام من خلال مرجعيته الخاصة ومن خلال نسقه النصي والتاريخي سيقود الى آليات استمرارية تفعيل تلك الحقوق وتجسيدها على ارض الواقع، وسيكشف هذا البحث عن القيمة الجوهرية التي كانت تحتلها بعض الحقوق حتى اصبحت خطاً أحمر يصعب انتهاكه، وكيف سقطت تلك القيمة الجوهرية في مراحل اخرى وكيف يمكن استعادتها في عصرنا الراهن.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.