نساء وراء المقود ... حالة عصرية لا تثير أي دهشة أو ارتياب في العالم الغربي، ولا حتى في بعض العالم العربي، إلا أنها تشكل أحياناً منبعاً للمشكلات والمخاطر التي تدفع البعض الى إبقائهن في المقعد الخلفي حفاظاً عليهن، والاستعانة برجل، أكان من عائلتهن أم غريباً يعمل لديهن، للتنقل وتنفيذ ابسط الواجبات المطلوبة منهن. عرضة للنكات النساء وراء المقود، مادة دسمة للنكات والأخبار المضحكة التي لا تعرف حدوداً جغرافية أو ثقافية أو اجتماعية. طرائف تتلون بتقاليد كل مجتمع وعاداته. تبدأ ب: اتخذ يمينك إذا رأيت سائقة تعطيك إشارة اليمين لأنها حتماً تقصد الالتفاف إلى اليسار... ولا تنتهي حتماً بالتأكيد النسائي على أن الإطار الإضافي في السيارة هو للديكور، أو أن التنسيق بين يد المرأة وعينها مفقود في قيادة السيارة، أي أنها ترى الخطر أمامها ولا تحرك ساكناً لتفاديه. وتتدعم هذه النكات بإحصاءات إدارة أمن السير على الطرق العامة الاميركية التي أشارت في عام 1994 إلى ان النساء اللواتي يقدن الشاحنات الكبيرة يسجلن نسبة حوادث سير ست مرات اكثر من السائقين الذكور. وتشير الإدارة نفسها إلى أنّ حوادث السير قد تسجل ارتفاعاً يبلغ 23879 حادثاً لو احتكرت السائقات حركة السير في أميركا، كما سيكون هناك 7674 امرأة قتيلة إضافية سنوياً بفعل حوادث السير في هذه الحال. اما التأكيد ان الجنسين متساويان في القيادة فيجد نقيضه في القول: ان المساواة حتمية بين الاثنين، لأن الرجل يقود سيارته احياناً كثيرة كما تفعل المرأة... دراسة بريطانية في المقابل، قد لا يصدّق الكثير من الرجال نتيجة الدراسة البريطانية التي أجراها باحثون من جامعة برادفورد، بل قد يقولون انها مدسوسة وملغومة. فالدراسة المذكورة تشير الى ان النساء اكثر تعقلاً واحساساً بالمسؤولية من الرجال عند قيادة السيارات في الطرقات العامة. ويشير الباحثون الى ان التجارب التي أجروها على عيّنة من الرجال والنساء شملت امتحاناً للذاكرة واليقظة والقدرة على التركيز والتنسيق. وعزوا تفوق النساء على الرجال في هذه المسائل الى هرمون"دمب همب"الموجود لدى النساء والذي يعتقد انه يحفز الدماغ على العمل ويجعلهن اكثر قدرة في هذا المجال. وذكرت هيئة الاذاعة البريطانية ان العلماء أشاروا في مؤتمر عقد في لندن، الى ان النساء يدركن ان المطلوب منهن الاضطلاع بمهمات جديدة بينما يقبل الرجال على أداء ما هو مطلوب منهم في شكل أعمى. وفي مقابل تدني أعداد النساء اللواتي يقدن في الشرق، قد لا تبدو الأرقام المسجلة في الغرب مرتفعة بقدر ما قد يتخيل بعضهم. إذ أنّ الإحصاءات تثبت مثلاً أن 25 في المئة فقط من السائقين في الشركات الخاصة هن سيدات. ولا تتعدى نسبتهن ال 15 في المئة في مجمل عدد المدربين على القيادة المسجلين رسمياً في الدوائر البريطانية المتخصصة. الا ان عدد سائقات السيارات الخاصة هو اكبر بكثير من دون ان يوازي عدد الرجال في هذا الاطار. اذ ان نسبة حيازتهن رخص السوق ارتفعت من 54 الى 61 في المئة في بريطانيا... على رغم السخرية الذكورية في هذا الصدد. وقالت ادارة أمن السير على الطرق العامة الاميركية ان خلو الطرقات من السائقات قد يخفض عدد حوادث السير بنسبة 22 في المئة في السنة الواحدة وينقذ 330 ألف شخص في السنوات الثلاثين المقبلة ويوفر 44 بليون دولار سنوياً كأضرار لتصليح السيارات. محاذير لقيادتهن في مقابل الحرية الشخصية التي تميزت بها نساء الغرب، سُجل اقبالهن على امتلاك سياراتهن الخاصة وقيادتها فيما تنفق السيدات في بريطانيا ايضاً اكثر من 12 بليون جنيه سنوياً على سياراتهن. ففي بريطانيا مثلاً، تملك 61 في المئة من النساء رخصة قيادة في مقابل 81 في المئة من الرجال، اي بنسبة مرتفعة اكثر من عام 1975 الذي كان سجل 29 في المئة من النساء حاملات رخصة سوق و69 في المئة من الرجال. وفي مقابل حرية قيادة المرأة في الغرب، تبرز محاذير عدة في هذا الاطار، اهمها الاعتداءات التي قد تتعرض لها عندما تقود سيارتها وحدها. وصدر كتيّب في هذا الشأن يفنّد الوسائل للحؤول دون ذلك، ابرزها ضرورة اقفال السيارة من الداخل، وابقاء الحقيبة او المعطف بالقرب من السائقة وليس على المقعد الخلفي منعاً لسرقتهما في عرقلة السير، والامتناع عن ايقاف السيارة في مكان مظلم او بعيداً من المارة، واللجوء فوراً الى الزمّور او الاتصال بالشرطة لدى أدنى شكل في أن احداً يتبعها. فالمرأة في الغرب كما في الشرق تعاني احياناً كثيرة من شروط صارمة تقيّد حريتها كما من انعكاسات سلبية ناجمة من هذه الحرية بالذات، بحيث يبدو مفهومها مختلفاً متى تعلق بالرجال دون النساء، ما يعرض حياتها مباشرة للخطر. ... وفي انتظار ان تنتقل المرأة بأمان من المقعد الخلفي الى الامامي، قد يكون بقاؤها في الخلف عامل ضمان لحياتها في أحيان كثيرة... ربما لأن الطرقات ملأى بالسائقين المتهورين. إرهابي أم بطلة رالي؟ بدأت المرأة تحذو حذو الرجل في قيادة السيارة في العديد من البلدان العربية. ففي قطر، سمح لها بقيادة السيارة لكن حُدّد العمر المسموح به لهذه الغاية بما بعد الثلاثين. ثم اصبحت السن القانونية بعد فترة، الخامسة والعشرين... على ان يكون ممنوعاً على المرأة ان ترتدي الحجاب فيما تقود وذلك لأسباب امنية. وسمحت القوانين للبحرينية بقيادة السيارة مانعة اياها من وضع الحجاب خلال جلوسها وراء المقعد، للحؤول دون تنكر الرجال بزيّها والقيام بعمليات إرهابية. إلا أنّ الحكومة البحرينية اضطرت في نهاية آذار مارس 2006 لنقض هذا القانون والسماح للمحجبّات بقيادة سيارتهن إثر الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها. وفي الامارات العربية المتحدة ايضاً، فازت مروى محمود العيفا، ابنة الخامسة وعشرين عاماً برالي السيارات العالمي لأول مرة. وهي تعيش مع عائلتها في الامارات حيث نظم لأول مرة سباق سيارات للنساء. قادت سيارتها "البورش"بموافقة عائلتها على مشاركتها في رالي دبي الدولي بعدما قادت سيارتها بنجاح لأول مرة العام 1997