في أول هجوم انتحاري منذ مطلع العام، ضربت حركة"الجهاد الاسلامي"في العمق الاسرائيلي، مخلفةً عشرة قتلى، بينهم منفذ الهجوم الذي لاقى ادانة دولية ووصفه الرئيس محمود عباس ب"الحقير"، متعهدا ملاحقة المتورطين فيه. ويترقب الفلسطينيون رد الفعل الاسرائيلي الذي بدأ بحصار المدن الرئيسة الاربعة شمال الضفة الغربية، في وقت قال رئيس الوزراء ايهود اولمرت انه سيدرس"الرد المناسب". راجع ص 5 في غضون ذلك، أكد مجلس الوزراء السعودي الذي عقد امس جلسته الاسبوعية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ان الطريق الى السلام والوفاق في الشرق الاوسط"لا يمر عبر الاجراءات الاحادية الجانب، او عزل الشعب الفلسطيني"، مشدداً على أهمية ان تراجع الدول مواقفها"تجاه ما تقدمه من معونات للشعب الفلسطيني، لأن في ايقافها عقوبة جماعية لهذا الشعب الذي جرد من أبسط حقوقه الوطنية والانسانية". وكان وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار وصل الى الرياض امس حيث كان في استقباله وكيل وزارة الخارجية الامير تركي بن محمد آل سعود. ورفض الزهار التعليق على هجوم تل ابيب الذي استهدف مطعماً مكتظاً قرب محطة الباصات المركزية وسط تل ابيب، ونفذه احد ناشطي الجناح العسكري ل"الجهاد"عرّف نفسه في شريط فيديو باسم سامي سالم. ومنفذ الهجوم يتحدر من قرية العرقة حيث يعيش مع اسرته المؤلفة من تسعة ابناء وبنات، وقال والده انه التحق بجامعة القدس المفتوحة لدرس الخدمة الاجتماعية، لكنه لم يتمكن من مواصلة الدراسة بسبب الظروف المالية الصعبة للاسرة، فتركها والتحق بالعمل في مطعم في جنين، في حين قالت والدته انه لم يكن متديناً ولم يكن حتى يؤدي الصلاة. وبعد الحادث، بدأت الاسرة باخلاء اثاثها من منزلها المتواضع في القرية تحسباً لهدمه انتقاما كما جرت عادة الجيش الاسرائيلي. ويشكل الهجوم ضربة موجعة لاسرائيل، اولا بسبب العدد الكبير للقتلى، وثانيا لانه تزامن مع فترة الاحتفال بعيد الفصح اليهودي وسبقته انذارات ساخنة كثيرة، وثالثا لانه حصل قبل ساعات من الاجتماع الاول للكنيست الجديدة. لذلك يتوقع ان تعمد اسرائيل الى رد على مستويين، سياسي تقوم فيه بزيادة الضغط من اجل منع وصول المساعدات ل"حماس"من الخارج، وعسكري يستهدف قيادات"الجهاد"في قطاع غزة. وحملت حكومة"حماس"اسرائيل مسؤولية الهجوم، خصوصا بعد العمليات العسكرية التي اسفرت عن مقتل 20 فلسطينياً في قطاع غزة اخيراً، لكنها لجأت الى استخدام عبارات عمومية. وجاءت عملية"الجهاد"لتكشف حكومة"حماس"أمام الضغوط الدولية، في وقت بدأت الازمة المالية تشهد انفراجا، خصوصا بعد ان اعلنت قطر انها ستمنح السلطة الفلسطينية 50 مليون دولار تمثل سدادا كاملا لمساهمتها في دعم موازنة السلطة وفقا لقرار القمة العربية التي عقدت اخيرا في الخرطوم. ودانت اللجنة المركزية لحركة"فتح"الهجوم، معربة عن رفضها"استهداف المدنيين في اسرائيل". واضافت في بيان ان"هذه العمليات تشوه النضال الوطني ضد الاحتلال والاستيطان وتقدم ذريعة لاسرائيل لمواصلة عدوانها واستمرار الاجراءات الاحادية الجانب"، ومن"شأنها ان تؤدي الى عزلة شعبنا دوليا ووسمه بالارهاب الاعمى". ولاقى الهجوم استنكار المجتمع الدولي، اذ دانه البيت الابيض ب"اقصى العبارات"باعتباره"عملاً ارهابياً مشيناً لا يمكن تبريره بتاتاً"، محذراً حكومة"حماس"من"العواقب الوخيمة"لأي دعم"لاعمال ارهابية"، في حين دانته موسكو"بشدة ومن دون تحفظ"، كما دانته باريس باعتباره"غير مبرر ... ويثير الرعب"، ووصفته مدريد ب"الهمجي". ودعت برلين"الحكومة الفلسطينية الجديدة الى الوفاء بالتزاماتها على المستوى الدولي ونزع سلاح المجموعات الارهابية وتدمير بناها". اما عمان، فاعتبرت ان الهجوم"يوقع ضررا كبيراً بالشعب الفلسطيني وقضيته". ودان الامين العام للامم المتحدة كوفي انان"الافعال الارهابية التي لا مبرر لها"، واعرب عن اسفه لعدم ادانة حكومة"حماس"الهجوم، كما اعرب عن قلقه الشديد نتيجة استمرار قتل المدنيين نتيجة العنف في اسرائيل وفي الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، داعيا"جميع الاطراف الى تنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي والكف عن اجراءات تصعد الوضع وتعرض المدنيين للخطر". وقال السفير الاميركي جون بولتون انه ينوي طرح مشروع بيان رئاسي امام اعضاء مجلس الامن لادانة العملية. في هذه الاجواء، احيا الفلسطينيون امس بالتظاهرات والمسيرات الحاشدة"يوم الاسير الفلسطيني"تضامناً مع اكثر من تسعة آلاف اسير ومعتقل في السجون الاسرائيلية، في وقت هددت"كتائب شهداء الاقصى"التابعة لحركة"فتح"بخطف جنود ومستوطنين اسرائيليين ومبادلتهم بأسرى. وذهبت الى ابعد من ذلك عندما دعت الى استهداف اليهود في الخارج، مشيرة في بيان الى انه"ان لم يلتزم العدو اطلاق اسرانا، فسيكون الصهاينة خارج فلسطين هدفا سهلا لمجاهدينا".