يستشري الفساد منذ 15 عاماً في منتجع ماربيا السياحي التي سيُحل مجلسها البلدي بموجب قرار غير مسبوق للحكومة الأسبانية, بعد ان أصبحت هذه المدينة الساحلية جنة للمضاربات العقارية، وملاذاً للمافيات الدولية الناشطة في تبييض الأموال. وبدأ التحرك القضائي الأسبوع الماضي، باعتقال رئيسة البلدية ماريسول ياغوي, تلاه الاستماع إلى قائد الشرطة البلدية رافاييل ديل بوثو في قضية لم تشكل مفاجأة لأحد في هذه المدينة، التي يرتادها أصحاب الثروات الكبيرة في العالم. وفي قرار هو الاول من نوعه في تاريخ الديموقراطية الإسبانية, قررت حكومة الاشتراكي خوسيه لويس ثاباتيرو حل المجلس البلدي، بسبب إدارته"المسيئة جداً للمصلحة العامة". وأفاد مصدر قضائي، ان 9 من اصل 27 عضواً في المجلس البلدي, متورطون حالياً في فضائح عقارية، واربعة أودعوا السجن الاحترازي بتهمة الفساد, من بينهم مساعدة رئيسة البلدية ايسابيل غارثيا ماركوس، وهي اشتراكية سابقة. كذلك استقال أربعة بعد اتهامهم بارتكاب جنح مرتبطة بالتخطيط المدني. ويتهم مستشار البلدية والرأس المدبر لهذا النظام الفاسد, خوان انطونيو روكا, بأنه أعاد تقويم ثمن عقارات مخصصة لمراكز اجتماعية ومساحات خضر محمية مقابل رشوات. وقام بعد ذلك بتبييض هذه الأموال باستثمارها في المجال العقاري، عبر شبكة شركات وسيطة. وأعلنت حكومة الأندلس المحلية، ان 30 ألف مسكن في ماربيا هي غير مرخصة، وان 400 شكوى قُدمت بشأن رخص بناء. وهذه الحالة قائمة منذ 15 سنة، اثر انتخاب"الشعبوي"خيسوس خيل رئيساً للبلدية في العام 1991، وكان رئيساً لنادي كرة القدم"اتليتيكو دي مدريد"، وترأس بعد ذلك المجموعة المستقلة الليبرالية التي تسلمت البلدية لثلاث ولايات متتالية بالغالبية المطلقة. وأُطلق منتجع ماربيا في الخمسينات على يد بعض الأرستقراطيين الألمان ورفاقهم من الفنانين المشهورين والصناعيين الأغنياء, واصبح بعد ذلك مكاناً يرتاده الأغنياء العرب. ومنذ انهيار جدار برلين, أصبحت هذه المدينة تجذب مزيداً من الأموال من أوروبا الشرقية. ولدى ترؤسه البلدية, قرر خيل طرد المتسولين والمومسات من وسط المدينة، وزاد عديد الشرطة البلدية ثلاثة أضعاف، ومنح تسهيلات للشركات العقارية. وبذلك تحولت ماربيا إلى جنة للمضاربات العقارية، وملاذاً للمافيات الدولية الناشطة في تبييض الأموال. ويقول الكاتب فيليكس بايون، الخبير في تاريخ المدينة ان"خيل كان يتمتع بشعبية كبيرة، لانه بحسب آراء الناس جلب معه النمو الاقتصادي والنظافة والأمن. انه رجل فظ، وهذا يمكن ان يكون فعالاً". واتهم خيسوس خيل مرتين باختلاس الأموال العامة والإخلال بأمانة الوظيفة, لكن في كل مرة كان يطلق سراحه بكفالة. وفي عام 2002, أعلن القضاء انه لم يعد مؤهلاً للقيام بمهماته, فغادر البلدية قبل سنتين من وفاته. أما خلفه خوليان مونيوث 2002-2003, فوجهت إليه التهم ثلاث مرات في مجال تنظيم الأراضي. وتمضي ماريسول ياغوي ليلتها السادسة في السجن, بعد اكثر من سنتين على وصولها إلى رئاسة البلدية، اثر"إطاحة"المستشار روكا مونيوث في آب أغسطس 2003.