جدد رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة التأكيد ان الرئيس الاميركي جورج بوش تفهم طلب لبنان من الولاياتالمتحدة السعي لانسحاب اسرائيل من مزارع شبعا المحتلة، وقال ان بوش استمع باهتمام كبير الى هذا المطلب، حين شرحه له"وابدى تقديراً لطلبنا الذي يعني مساعدة الحكومة اللبنانية على ان تستعيد السيادة والاستقلال عبر الانسحاب الاسرائيلي من المزارع وبسط سلطة الدولة على كل الاراضي اللبنانية وتوافق اللبنانيين على استراتيجية دفاعية لمواجهة الاعتداءات على أرضهم". وكان السنيورة يتحدث خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده صباح أمس في"النادي الوطني للصحافة"في واشنطن، في اليوم الأخير من زيارته الى العاصمة الاميركية، التي كانت مثقلة بالاجتماعات المتتالية مع مسؤولي الإدارة الاميركية والتي تواصلت أمس وشملت لقاء مع مساعد وزيرة الخارجية ديفيد وولش، قبل ان ينتقل ليلاً الى نيويورك حيث سيعقد سلسلة اجتماعات اليوم مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان وعدد من مسؤولي المنظمة الدولية تتناول قضية مزارع شبعا وانشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري وتقرير انان الى مجلس الأمن حول تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559. وقال السنيورة رداً على سؤال حول ما إذا كان هناك أي التزام من الرئيس بوش إزاء طلبه مساعدة بلاده لانسحاب اسرائيل من مزارع شبعا"لا أريد ان استخدم كلمة التزام، وافضل ان ابقى ضمن حدود ما يمكن قوله: بحثنا الأمر وسنرى كيف ستتطور الأمور، لكنني واثق وايجابي، بأننا على المسار الصحيح". وشرح السنيورة لرجال الصحافة الاميركية والعربية اسباب تركيزه على هذا المطلب، وقال: ان الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا سيكون خطوة مهمة تمكن لبنان من ان يسيطر على كل أراضيه". ورأى ان هذا الانسحاب مقدمة كي لا يبقى سلاح في لبنان خارج إطار الدولة اللبنانية. وقال تعليقاً على رد فعل بوش حيال المطالب اللبنانية، حتى تلك المتعلقة بالوضع الاقتصادي:"شعرت ان الرئيس بوش صادق وجدي ومستعد لتقديم الدعم للبنان كي يعود مثالاً ونموذجاً للاعتدال والديموقراطية والانفتاح في المنطقة". وكان بوش طلب بعد لقائه السنيورة الثلثاء الماضي من مساعديه البحث مع السنيورة والوفد المرافق له في تفاصيل اقتراح لبنان تثبيت لبنانية مزارع شبعا تمهيداً لانسحاب اسرائيل منها، مؤكداً لرئيس الحكومة اللبنانية ان حكومته ستدعم ما يطلبه لبنان في الأممالمتحدة اذا تطلب الأمر صدور قرارات جديدة في هذا السياق. واستناداً الى ذلك قدم السنيورة، في اجتماع مطول عقده اول من امس مع مستشار الرئيس بوش للأمن القومي ستيفن هادلي ومسؤول الشرق الأوسط في المجلس اليوت ابراهام، شرحاً مفصلاً لما يسميه الاستراتيجية اللبنانية لاستعادة مزارع شبعا بدءا من استعادة مرجعيتها الى القرار الدولي الرقم 425، بدلاً من ابقائها تحت مرجعية القرار 242 لأن خرائط الأممالمتحدة تصنفها سورية، وأبلغهما ان الحكومة ستبحث في الأمر مع الأممالمتحدة وتتوجه الى سورية من أجل الحصول على خريطة مشتركة لبنانية - سورية تحدد الحدود في منطقة المزارع بحيث يتم تسجيل ذلك في الأممالمتحدة لنقل المزارع الى السيادة اللبنانية. وعلمت"الحياة"ان هادلي وابراهام، شككا في ان تسهل دمشق هذه العملية، لكن السنيورة أسهب في شرح الاستراتيجية اللبنانية في هذا الصدد، والمستندة الى قرار متخذ في مؤتمر الحوار الوطني، ما أدى الى اعتبار المسؤولين الأميركيين في نهاية الاجتماع، أنها"استراتيجية مقبولة"، كما قال أحد الوزراء المرافقين للسنيورة ل"الحياة"، بعدما أكد السنيورة ان لدى الحكومة وثائق ودراسات تبرهن لبنانية المزارع. وذكر الوزير نفسه ان الجانب الأميركي أبدى استعداداً للتعاطي مع المطلب اللبناني تجاه اسرائيل"باعتدال وانفتاح"، وأن هادلي وابراهام أكدا ان حكومتهما ستبقى على تواصل مع الحكومة اللبنانية والامم المتحدة في صدد هذه القضية وغيرها. وكان السنيورة التقى أول من امس ايضاً مدير"أف بي آي"جون مويلر، لبحث المساعدات التي يمكن ان تقدمها الوكالة الفيديرالية لأجهزة الأمن اللبنانية كانت قدمت قبل اشهر هبة وهي مختبر متطور لفحوصات الحمض النووي لتطوير قدراتها، لا سيما في التجهيز والتحقيقات الجنائية والاتصالات. وعلمت"الحياة"ان مويلر طرح فكرة التعاون الأمني بين لبنان والوكالة الفيديرالية للأمن، مذكراً بما كان طرحه قبله وزير العدل الاميركي ألبرتو غونزاليس، عن المطلوبين من قبل السلطات الاميركية، مثل عماد مغنية ومحمد علي حمادة، لاتهامهم بأعمال ارهابية ضد مواطنين اميركيين. كما طلب مويلر في هذا السياق تعاوناً أمنياً لبنانياً في المعلومات حيال"حزب الله"من زاوية نشاطاته ضد المواطنين الاميركيين لتوقيف المتهمين بها. الا ان وزير الخارجية فوزي صلوخ قال خلال الاجتماع ان القضايا التي تطلب واشنطن تعاوناً فيها حصلت قبل نشوء"حزب الله"، كما أن وزير العدل شارل رزق أشار الى ان ثمة مراسلات سبق أن حصلت بين وزارتي العدل اللبنانية والاميركية سابقاً تشير الى ان الاسماء المطلوبة غير موجودة في لبنان. وأوضح مصدر وزاري ان الجانب اللبناني تجاوز هذا الطلب الذي يكرره الجانب الأميركي في كل اللقاءات. وفي محاضرة القاها في مركز وودرو ويلسون الدولي في واشنطن، اكد السنيورة ان حكومته"لن تسمح أن يتحول لبنان ملعبا أو كرة لأي فريق أو طرف دولي"واعتبر أن مناعة لبنان هي في الحوار ووحدة اللبنانيين، وأشار الى أن قيام سورية بترسيم حدودها مع لبنان وتسوية الخلاف حول مزارع شبعا سيؤسس لتحسين العلاقات بين البلدين، ويدعم الجهود لاعادة الثقة بينهما. ورداً على سؤال ل"الحياة"حول مدى استقرار الوضع في الجبهة الجنوبية وتأثره بالمناخات الاقليمية، اوضح السنيورة أن حكومته"لن تسمح بتحول لبنان الى ملعب أو كرة"لأي طرف اقليمي أو دولي وقال أن"الامتحان هو في التصرف"و"المناعة لا تأتي من قوة الجيش بل من وحدة اللبنانيين والحوار و تمسكهم بالمصلحة الوطنية". وفي دمشق، قالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة"امس ان الحكومة السورية بعثت بملاحظات خطية الى وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في شأن"التقرير غير الموضوعي"لمبعوث الأمين العام لتنفيذ القرار 1550 تيري رود لارسن. وتشغل قطر مقعداً غير دائم في مجلس الامن عن المجموعة العربية. ويأتي في مقدم الملاحظات السورية حديث رود لارسن عن ترسيم مزارع شبعا والحدود السورية - اللبنانية واقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، ذلك ان دمشق تعتبر هذه الامور"سيادية تخص البلدين والحديث عنها يتضمن خروجا عن القرار 1559".