صعد جنرالات أميركيون خدموا في العراق حملتهم على وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. واتهمه بعضهم بأنه"متغطرس، سخر الحرب على العراق لشخصه - انطلاقاً من رؤيته الخاصة الى العالم...". راجع ص2 و3 وتتطورت انتقادات الجنرالات الى حدود مطالبته بالاستقالة. ومطالبة الجنود الذين ما زالوا في الخدمة بالتعبير علناً عن رفضهم إدارته. واتخذ الجنرال جون باتيست الذي كان قائداً لفرقة المدفعية في العراق قراراً برفض الترقية والعودة الى بلاده لأنه لم يعد يحتمل العمل بإمرة رامسفيلد"الذي فشل في إدارة الحرب". وأخطر ما في هذه الانتقادات انها تطاول الرئيس جورج بوش الذي اضطر امس الى اصدار بيان دافع فيه عن رامسفيلد وقال:"ان قيادة الوزير الفعالة والمتزنة هي بالضبط ما نحتاجه في هذه الفترة الحرجة. انه يتمتع بكامل تأييدي وخالص تقديري". أمنياً قتل أمس 24 عراقياً وخطف 20 شرطياً، واستهدف مسلحون مسجدين للسنة. وفجر آخرون مرقداً شيعياً في بعقوبة في تصعيد كبير للهجمات المذهبية التي كادت ان تتحول الى حرب طائفية، في ظل أزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من ثلاثة اشهر. وجدد رامسفيلد أمس رفضه الدعوات التي وجهها اليه جنرالات خدموا في العراق الى الاستقالة. وقال في حديث الى قناة"العربية"بثته مساء أمس:"إنني أنوي خدمة الرئيس وفقاً لرغبته". وأضاف:"إذا كان علينا تغيير وزير الدفاع الاميركي في كل مرة لا يتفق فيها معه اثنان أو ثلاثة من ألوف وألوف الاميرالات والجنرالات فالأمر سيصبح مثل الدوامة". ومع ان رامسفيلد تعرض لضغوط وانتقادات منذ بداية الحرب على العراق عام 2003 فإن الحملة الحالية هي الأشد والأخطر بالنسبة الى مستقبله السياسي. وأهميتها الاساسية تكمن في ان أي ضرر يمكن ان يلحق به لا بد ان يصيب بوش نظراً الى التقارب الايديولوجي والشخصي بين الرجلين. ويقول المحلل في معهد"بروكينغز"مايكل أوهانلون ان بوش"شريك في المسؤولية عن الحرب، وإذا أبعد رامسفيلد الآن يحكم على نفسه بالفشل". وكان البيت الابيض دافع عن الوزير عندما انفجرت فضيحة سجن أبو غريب سنة 2004، وفي ذلك الوقت اقترح رامسفيلد تقديم استقالته لكن بوش دافع عنه في مؤتمر صحافي مشترك وقال:"ان الرجل الواقف الى جانبي يخدم هذا البلد بطريقة استثنائية". ومن ابرز المنتقدين لرامسفيلد الجنرال المتقاعد تشارلز سواناك الذي كان على رأس القوات الاميركية في العراق عام 2004 عندما كان قائدا للفرقة المجوقلة الثانية والثمانين. وفي دعوته الى ابعاد رامسفيلد عن وزارة الدفاع قال سواناك لصحيفة"نيويورك تايمز":"نريد المضي في حربنا على الارهاب ومنع الارهابيين من الوصول الى شواطئنا. لكنني لا اعتقد بأن الوزير رامسفيلد مناسب لقيادة هذه الحرب، نظراً الى ادارته الفاشلة للحرب على العراق". وسواناك واحد من مجموعة جنرالات متقاعدين كبار انضموا الى حملة واسعة تطالب بتنحي رامسفيلد عن منصبه. ويوافق اكثر هؤلاء على ان الحرب على العراق كانت"قراراً صائباً". لكنهم ينتقدون تدخل رامسفيلد في القرارات العسكرية، ما أدى الى اتخاذ قرارات غير سليمة أدت الى ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود الاميركيين، والى تزايد الصعوبات لاتخاذ قرار بالانسحاب. وكان الجنرال المتقاعد جون ريغز وصف الانطباع الذي يتركه رامسفيلد لدى من يتعاطون معه بأنه"متغطرس". اما الجنرال جون باتيست الذي كان قائدا لفرقة المدفعية في العراق حتى تشرين الثاني نوفمبر الماضي فرفض الترقية وقرر العودة الى بلاده لانه لم يعد يريد العمل بإمرة رامسفيلد. وفي آذار مارس الماضي، أعلن الجنرال المتقاعد بول ايتون الذي كان مكلفا تدريب الجيش العراقي بين 2003 و2004 ان"على رامسفيلد الانسحاب". وجاءت مطالبته في مقالة نشرتها صحيفة"نيويورك تايمز"في الذكرى الثالثة لاجتياح العراق. واعتبر ان"رامسفيلد سخر البنتاغون لشخصه ولرؤيته الخاصة الى العالم التي تعود الى حقبة الحرب الباردة. كما أن لديه ثقة غير واقعية بالتكنولوجيا وقدرتها على الحلول محل العنصر البشري". اما الجنرال غريغ نيوبولد الذي كان مدير العمليات في هيئة اركان الجيوش الاميركية، فدعا العسكريين الذين ما زالوا في الخدمة الى التعبير علناً عن اعتراضهم. ومعروف ان مجموعة كبيرة من هؤلاء فعلت ذلك وانضم حوالي 10 آلاف جندي الى تنظيم يعرف باسم"مقاتلون سابقون في العراق ضد الحرب"يتنقلون بين المدن الاميركية رافعين لافتات معادية للحرب. وهاجم جنرال متقاعد آخر هو برنارد تراينور الوزير رامسفيلد في كتاب ألفه مع المراسل العسكري لصحيفة"نيويورك تايمز"مايكل غوردون في عنوان"كوبرا 2: القصة الحقيقية لغزو واحتلال العراق"اتهم فيه كلا من رامسفيلد والجنرال تومي فرانكس الذي قاد الغزو، بوضع سيناريوات متفائلة تبين انها خطأ تام. ويستغرب الكولونيل فيليب كراولي، وهو ضابط متقاعد في سلاح الطيران، هذه الحملة على رامسفيلد فيما تخوض الولاياتالمتحدة حربا خارجية. وسبق لكراولي ان عمل ناطقا صحافيا باسم البنتاغون، وكان مساعدا لشؤون الامن القومي في ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون. ويصف الانتقادات الموجهة الى وزير الدفاع بانها"تصويت بعدم الثقة. واعتقد ان على الرئيس أخذ هذه الانتقادات في الاعتبار. فكبار العسكريين يعلنون انهم لا يثقون بالقيادة المدنية للوزارة". غير ان رامسفيلد نفسه ينظر الى الانتقادات نظرة اخرى وينفي نيته الاستقالة. وعندما سئل عما اذا كانت هذه الحملة تمنعه من ممارسة عمله قال:"كلا. ليس هناك اي خطأ في ان يعبر الناس عن آرائهم". ولدى رامسفيلد حليف مهم داخل البنتاغون هو الجنرال بيتر بايس رئيس هيئة الاركان المشتركة الذي قال:"ان الوزير يمارس عمله بشكل جيد ويتمتع بروح وطنية عالية".