مهّد وزراء الخارجية العرب الطريق لالتئام القمة العربية في الخرطوم غداً وبعد غد من دون معضلات، وتوصل الوزراء الى صيغ توافقية لم تحدث حولها انقسامات في غالبية القضايا المطروحة في القمة، ورحّلوا ما يمكن أن يعكر صفو القمة كموضوع محكمة العدل العربية، اضافة الى افكار العقيد معمر القذافي التي لم يرفضوها وإن رأوا أنها تحتاج الى مزيد من الدراسة، والحصول على رأي الفلسطينيين فيها. وكسر وصول القذافي مبكراً الى الخرطوم جدار الاشاعات الذي تفجّر أول من أمس حول غياب قادة عدة عن القمة، كما زادت أمس احتمالات مشاركة الرئيس المصري حسني مبارك بعد وصول خبراء امنيين مصريين الى العاصمة السودانية بدأوا في درس الاجراءات السودانية. واتفق الوزراء على مشروع قرار بدعم الموازنة الفلسطينية مالياً 55 مليون دولار شهرياً تحسباً لضغوط ما قد تمارس ضد الفلسطينيين بعد تشكيل حركة"حماس"الحكومة الفلسطينية، واتفقوا على جهود لتفعيل مبادرة السلام العربية وإدخال"حماس"في نطاقها. ورداً على انتقادات عراقية بشأن تأخر عودة البعثات الديبلوماسية العربية الى حجمها في بغداد ابدى الوزراء العرب استعداداً لتلبية الطلب العراقي اذا كفلت الحماية للسفراء في البعثات الديبلوماسية، لكنهم اصروا على دور عربي اكبر في تحديد مستقبل العراق في ظل تحركات دولية بينها الحوار المقترح بين اميركا وايران. واقر الوزراء تحديد مبلغ مليون و800 الف دولار لتغطية نفقات البرلمان العربي الانتقالي، وترددت معلومات عن مبادرتين للرئيس مبارك، الاولى تتعلق بتنقية الاجواء بين المملكة العربية السعودية وليبيا والاخرى خاصة بتخفيف التوتر بين سورية ولبنان وهو الملف الذي رفعه الوزراء للزعماء لمناقشته. وكان الوزراء ايدوا في اجتماعهم التحضيري الاخير للقمة امس مسعى السودان للحصول على دعم عربي واضح لموقف الخرطوم في قضية استقدام قوات دولية الى دارفور تحل محل قوات الاتحاد الافريقي، وضمّنوا قرارهم الخاص بالسودان"ضرورة التشاور مع الخرطوم قبل انتقال القوة الافريقية الى قوة دولية حسب قرار مجلس الامن الاخير". وعلمت"الحياة"أن الوزراء وافقوا على تقديم دعم مالي قدره 22 مليون دولار اميركي للسودان للمساهمة في تكاليف قوات الاتحاد الافريقي في دارفور، وعلمت"الحياة"أنه لا خلاف حول رئاسة السودان للقمة في الدورة الجديدة بعد ان تتسلمها من الجزائر خلافاً لما حدث في القمة الافريقية التي عرقلت تسليم السودان الرئاسة واسندتها الى الكونغو. وقالت مصادر الجامعة العربية إن تقاليد مجالس الجامعة منذ انشائها تعطي الرئاسة للدولة التي تترأس القمة. وأعربت الخرطوم عن رضاها عن مستوى القرار الخاص بدارفور ووعدت على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية السوداني السماني الوسيلة برئاسة متميزة للقمة وقال ل"الحياة"إن الخرطوم لديها ما تعطيه للقمة وقدمناه قبل الاجتماعات وان الانفاق عليه سيكون من ميزانية الجامعة. وأكد الوزراء مجدداً على تنفيذ قرار قمة الجزائر بشأن الوضع المالي للامانة العامة. مبادرتان الأولى مشروع للصلح بين سورية ولبنان، والثانية مشروع للعمل على تحقيق الاستقرار في العراق"ولن تتوقف مبادرات القيادة السودانية". وبشأن مبادرة السلام العربية اتخذ الوزراء قراراً بتفعيل المبادرة التي تبنتها قمة بيروت وعكس القرار - كما صرح وزير الخارجية المصري السيد احمد ابو الغيط - كل مرجعيات التسوية وأكد مجدداً على مبدأ الارض مقابل السلام وعلى خريطة الطريق التي تعتمد على اقامة دولتين تعيشان جنبا الى جنب وان القدسالشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية. وأكد الوزراء أهمية تفعيل الدور العربي في العراق وعقد لقاءات دول الجوار العربية ومصر لتجتمع في توقيت مناسب وعقد لقاء اللجنة العربية المعنية بالوفاق العراقي، ونص القرار على التمسك بقرارات القمة العربية الصادرة عن قمة الجزائر، وجددوا تضامنهم الاخوي مع العراق بوصفه عضوا مؤسسا في الجامعة العربية. وطالب وزراء الخارجية السلطات العراقية بسرعة تشكيل الحكومة الوطنية العراقية، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بتحقيق الامن والاستقرار في العراق، بما يمهد لخروج قوات الاحتلال من ربوع العراق. كما رحب الوزراء بمبادرة الاردن استضافة مؤتمر للقيادات والمرجعيات الدينية العراقية في العاصمة عمان، والتأكيد على استمرار التنسيق مع الاممالمتحدة والعمل سويا للحفاظ على وحدة العراق وسلامة اراضيه. ودان مجلس الجامعة التفجير الارهابي الذي استهدف مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، وما تبعه من اعتداءات نكراء على المساجد ودور العبادة وسقوط الابرياء، وأكدوا ضرورة احترام حرمة الاماكن المقدسة لكل الطوائف والاديان، ودعا العراقيين الى ضبط النفس وعدم السماح لتلك الاعمال الخبيثة بالنيل من وحدة العراق وامنه واستقراره. ووافق الوزراء على مشروع مجلس السلم والامن العربي الذي اعدته الامانة العامة للجامعة مع اعتباره جهازاً مؤسسياً جديداً وبالتالي الحاجة الى التصديق على انشائه من قبل سبع دول، وهو يحل عملياً محل الية فض المنازعات المنصوص عليها في ميثاق الجامعة، بينما تم تأجيل النظر في مشروع"محكمة العدل العربية لحاجته الى مزيد من الدراسة، حيث طلبت الدول الاعضاء التفكير في وسائل اخرى كالتحكيم او الهيئة القضائية لتناسب الواقع الحالي، حيث كانت فكرة المحكمة طرحت مع الميثاق عام 1945، وأكد الامين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى أن الاعتراضات على المحكمة منطقية وانه من الضروري البحث في الية اخرى، واعلن موسى أن مجلس السلم والامن العربي لن يكون بحاجة الى ميزانية مستقلة.