أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني"ان لبنان لن يغمض له جفن بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى تكشف العدالة من الذي دبر وخطط وحرض وساعد أو شارك ونفذ في قتل هذا الرجل الكبير، وتنزل العقاب العادل بهم". ورأى قباني في خطبة الجمعة في افتتاح عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مدينة صيدا مسجد الحاج بهاء الدين الحريري، ان الحوار الذي يجرى اليوم في لبنان"المدخل السليم لحل المشكلات العالقة، وبداية التغيير المرتجى والمرتقب"، وقال قباني:"نعلق على القيادات السياسية المخلصة والمشاركة في الحوار آمالاً كباراً في الوصول إلى نتائج إيجابية، تخرج لبنان من حالة اللاإستقرار والمراوحة، والأنفاق المظلمة، التي دخل فيها منذ اغتيال الرئيس الحريري، إلى النور والفجر الجديد، الذي يشرق على لبنان وأهله، كما أشرق وجه الرئيس الحريري على لبنان بعد حرب مدمرة، فجعله شامة حسن خد العالم كله". وحضر الافتتاح رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ووزراء ونجل الرئيس الشهيد بهاء الدين الحريري وحشد من النواب، وممثل عن الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصرالله مسؤول منطقة الجنوب في الحزب الشيخ نبيل قاووق، وشخصيات عسكرية وروحية وحزبية وقضائية واجتماعية، وممثلون عن الفصائل الفلسطينية. ونوه المفتي قباني بانجازات الرئيس الشهيد في المجالات الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وأكد ان"الأمل الكبير الذي نتطلع إليه اليوم في استمرار مسيرة الرئيس الشهيد، هو في أسرة الرئيس الشهيد وأبنائه واللبنانيين المخلصين جميعاً، وتصدي ابنه الشيخ سعد الحريري لقيادة مسيرة والده، مسيرة كل لبنان، ونسأل الله تعالى ان يوفقه لقيادة هذه المسيرة لما فيه خير لبنان واللبنانيين جميعاً". وشدد على"ان الوفاء للرئيس الشهيد، كما الوفاء للبنان، يكون في السير على المبادئ التي أرسى قواعدها في حياته، وهي التمسك بصيغة العيش المشترك، وبالوحدة الوطنية ووحدة اللبنانيين، وتحقيق الإنماء المتوازن في البلاد، بدءاً بالمناطق المحرومة، وإعادة بناء الدولة من خلال الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والالتزام باتفاق الطائف نصاً وروحاً، وتأمين المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين جميعاً، والسهر على حقوق الإنسان والعدالة، وتوفير سبل الحياة الحرة الكريمة، وطمأنينة العيش وكفايته، وفتح آفاق المستقبل والعلم والمعرفة أمام الأجيال الناشئة". ورأى"ان ما قام به الرئيس الشهيد الحريري هو تأسيس لبناء دولة الحق والمؤسسات". وبعد إقامة صلاة الجمعة التي أم المصلين فيها المفتي الشيخ محمد سليم جلال الدين، ألقى الشيخ قبلان كلمة شدد فيها على"المحبة والخير والسلام بعيدين عن التعصب والفرقة". وأكد"ان المسلمين مطالبون بمواجهة دعوات التفرقة ونبذ الفتنة التي تحيكها أيدي السوء انطلاقاً من العراق، وعليهم تقع مسؤولية إزالة كل الالتباسات والمفاهيم والتهم التي تلصق زوراً بالاسلام، والاسلام منها براء". وناشد قبلان العلماء في العراق"أن يفتحوا صفحة جديدة عنوانها الأخوة والتعاون وأن ينبذوا كل دعوة تكفيرية ويعملوا متحدين متضامنين لمصلحة العراق وأهله"، وقال:"اعلموا ان العراق للعراقيين ولا يمكن لأحد أن يقرر مصيره غير العراقيين". وأكد"أن الحوار بين اللبنانيين خشبة خلاص لبنان، ولا يمكن أن يستقر لبنان ويزدهر من دون تفاهم اللبنانيين وتعاونهم، من هنا نطالب المتحاورين بأن يكثفوا لقاءاتهم ويتابعوا جلسات الحوار بهدوء وروية بعيداً من الأنانيات والانفعالات واضعين مصلحة لبنان فوق كل اعتبار". وقال قبلان:"ان لبنان بحاجة الى تعاون بنيه ووحدتهم وتضامنهم وتفاهمهم لأن اسرائيل لا تزال على غيها وعدوانها كمصدر شر وتهديد ليس للبنان فحسب، بل للأمة العربية والاسلامية برمتها، لذلك يجب على اللبنانيين وعي هذه الحقيقة والانطلاق منها في بحث سلاح المقاومة الذي كان ولا يزال عنصر قوة لبنان وضمانة للحفاظ على أرضه وسيادته استقراره". وتلا بهاء الدين الحريري كلمة كان والده الشهيد أعدها قبل استشهاده لمناسبة افتتاح مسجد والده، ويقول فيها:"أبي: يغمرني الشوق ويلفني الحنين اليك ويشدني التوق الى السجود في الجامع الذي يحمل اسمك والذي أردته رحباً وواسعاً بقدر محبتك لأبناء صيدا الطيبين أهل المروءة والمودة والصفاء، اليوم نحتفل ببيت من بيوت الله أنا واخوتي وأخواني، وشاء الله سبحانه أن يكون رحيلك لجواره قبل ساعتين من وضع حجر الأساس لبناء هذا المسجد عام 1999 كأنما ليكون جسدك الطاهر، كان هو حجره الأساس. غادرت قرير العين مرضياً راضياً جسداً في ثرى أرض المسجد وروحاً تعانق نسيم البحر وروائح البساتين كما عشت طوال حياتك، تحب بساتين الحمضيات والفواكه، تتشبث بالأرض مقدراً فضل الله وجوده، شديد الاحساس في حاجة الناس من المدرسة، الى المسجد، الى الميتم، الى المستشفى، وحاضناً لكل قاصد قريباً كان أم بعيداً، الصلاة في مسجد الحاج بهاء الدين بصحبة أهل المدينة عزاء عن فقدان الوالد وتذكرة وعبرة يعززها الايمان بمشيئة الله سبحانه وتعالى". وأزيحت الستارة عن اللوحة التذكارية للمسجد. ثم انتقل الجميع الى دارة آل الحريري في مجدليون حيث أقامت شقيقة الرئيس الشهيد النائب بهية الحريري غداء تكريمياً.