سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اللبنانيون يحتفلون بالأضحى وسط دعوات الى الوحدة وإشادة بالمبادرات العربية . قباني : المشاكل لا تعالج بالانكفاء والشروط المتبادلة قبلان : وطننا يستصرخ ضمائرنا لحمايته بتشاورنا وتفاهمنا
احتفل المسلمون في لبنان بعيد الاضحى المبارك واقيمت الصلوات في المساجد في مختلف المناطق، واطلق مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني مجموعة مواقف لافتة في خطبة العيد، فأكد "ان احداً لا يريد بالمقاومة شراً ولا يقبل بأي وصاية مطلقاً وتحرير الارض واجب، ولا مبرر للجدل القائم وما من أحد في لبنان يقبل عن ثوابته ووحدته بديلاً". وأمّ المفتي قباني المصلين في المسجد العمري الكبير في وسط بيروت، وامام حشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية وجمعيات واحزاب اسلامية، القى المفتي قباني خطبة قال فيها: "مجدداً أيها الإخوة يعود علينا عيد الأضحى هذا العام، وقد أحاط به إطار كثيف من الأحزان والآلام، أحزان اللبنانيين في مآسيهم، والدمع في مآقيهم، بقتل رجالاتهم، وتفجير سياراتهم ومواكبهم، بدأ بتفجير موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وآلام اللبنانيين من الأوضاع والظروف الخطيرة التي يمر بها وطنهم لبنان، وكأن حصاد الأيام السالفة بدأ، وحسابات الأخطاء المتراكمة آن وقتها، تطرق أبواب اللبنانيين صباح مساء، وتقض مضاجعهم بين آن وآن، حتى أصبحوا حيارى في التناقضات التي تغشى وطنهم، وتكاد تقضي عليه من جديد إذا لم يتعظوا، وتجعله في محصلة الصراعات الداخلية ضحية تناقضاتهم إن لم يعتبروا". واضاف: "ما من شيء أضر بوحدة لبنان واستقراره مما يحدث في هذه الأيام، إنكفاء عن المسؤولية وتحمل تبعات الدولة وتسيير مصالح الناس، وانقسامات شتى، تضعف الجبهات الداخلية والتماسك الوطني، وتصريحات ومواقف متشنجة تباعد، وتجعل الوضع الداخلي أكثر احتداماً واحتقاناً، وهواجس وإشاعات تجتاح الساحات والبيوت الآمنة، تقعد الناس عن الاهتمام بشؤونهم، وتربك حياتهم، وتضرب استقرار البلد وسلامه وأمنه، والكل في حال ترقب وانتظار، ولكن البلد ما عاد يتحمل الانتظار، والناس باتوا في لوعة وأسى وحزن ومرارة وحيرة من أمرهم، حتى ذهب هذا الليل الدامس الذي يلف حياتهم ويقض مضاجعهم، بما كانوا يرتجونه من أمل، أو قبس من نور يضيء ظلمة الليل الطويل، أو يفتح أمامهم طريق الأمل والرجاء بغد أفضل ولو بعد حين". وأمل المفتي قباني "أن يتوحد الجميع، ويتضامنوا، رحمة بالجميع، ومن أجل الجميع". وسأل: "ما بال أهل السياسة عن أمر الناس غائبون، وعن همومهم بعيدون، وفيما يكابدونه من حاجة وعوز وإقفال أبواب الرزق بوجههم غير مبالين، ما بالهم يأخذهم الجدل والنقاش والكلام غير المجدي، وهم عن الحوار والترفع عن المصالح الخاصة، وعن التحلي بروح التفاهم والتواضع معرضون، فالبلد لا يحتمل كبرياء في غير محله، ولا تعنتاً في غير موضعه، ولا انكفاء لا حدود له أو أفق، ولا يجوز لنا أو لأي منا أن ينكفئ عن الآخر، فمشاكل الناس وشؤون الدولة لا تعالج بالانكفاء ولا بالابتعاد، ولا بوضع شروط وشروط مضادة، فلبنان هو بلد الوفاق، وبلد التآخي، وبلد الحوار، والحوار لا يكون إلا بالكلمة الطيبة، من أجل التفاهم والتضامن والتلاقي والوفاق". وقال:" نحن في لبنان، إخوة متحابون، ليس بيننا عداء، ولا يجوز أن يكون بيننا عداء، عدونا واحد ومعروف هو إسرائيل، عدونا هو من يحتل أرضنا، ويقتل شعبنا، وينهب خيرات أمتنا، ويحاول زرع الشقاق في ما بيننا، ويبعثر صفوفنا، ويمزق وحدتنا، ويضمر الشر لنا، ويعمل على بذر بذور الفتنة في وطننا وبين أهلنا وأبنائنا، فهل نتركه يفعل فعلته؟ ونغفل عن نواياه ومقاصده؟ ونرتد على بعضنا بعضاً؟ بدل أن نمسك بأيدي بعضنا بعضاً، ما أرى لهذا الجدل القائم مبرراً ولا لاستمراره سبباً، وقد أعطي أكثر مما يستحق من حجم، وما عاد أمراً مستساغاً ولا مقبولاً، فلا أحد يريد بالمقاومة شراً، وهذا أمر مجمع عليه، ولا أحد يقبل بالوصاية، أي وصاية مطلقاً، وهذا أمر لا جدال فيه، ولا أحد يختلف في اعتبار إسرائيل عدواً، وأن تحرير الأرض حق واجب، وسيستمر ما دام جزء من أرض لبنان محتلا، ولا أحد يرضى بطمس حقيقة اغتيال الرئيس الحريري وصحبه، وكشف الجهة التي تقف وراءها، وما من أحد في لبنان يقبل عن ثوابته، ومسلمات عيشه المشترك، وعن وحدته بديلا، أو يجد في غيرها خيارا، فلنلم إذن شعثنا، ولنجدد إيماننا، ولنفتح قلوبنا، ولننور عقولنا، ولنعد إلى رشدنا، ولنرحم شعبنا، ولندركْ أن الطريق الذي نسير فيه طريق شائك ومظلم، ولن يجر علينا إلا الندم". واكد المفتي قباني "ان اللبنانيين في هذا الإعصار، الذي يضرب وطنهم لبنان، يصبحون كل يوم على أمر أليم قد حدث، ويمسون على أمر منه يكاد يحدث، يثير فيهم الخوف والقلق والفزع. ولطالما عشنا وعاش اللبنانيون بوحدتهم على ألطاف الله في كل أمر جلل، حتى كشف الله عنهم الغمة، وأعانهم على تجاوز العقبات والملمات، وكما قال سيدنا ونبينا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم لابن عباس: "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا". وعقب الصلاة، توجه مفتي الجمهورية والوزير قباني والحضور الى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث قرأوا الفاتحة على روحه وارواح رفاقه. وتفقد المفتي قباني مسجد محمد الأمين، مطلعاً على الاعمال النهائية التي وصل اليها والذي كان شيده الرئيس الحريري. قبلان وأدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان صلاة العيد في مقر المجلس، في حضور وزير الخارجية فوزي صلوخ، وحشد كبير من الشخصيات والفعاليات وعلماء دين. ودعا الشيخ قبلان الى "انتهاز هذا اليوم المبارك للتواصل والتراحم مع الآخرين، وتأكيد رسالة الإسلام التي تنبذ كل عمل إرهابي وتدين كل إعتداء وتتبرأ من كل جرم ينتهك حرمة الآخرين. فالإسلام براء من أعمال الإرهابيين في العراق وغيره". وقال: "ونحن إذ نجدد دعمنا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإخوانه في حربه ضد الإرهابيين واجتثاث جذور الإرهاب، وندعو علماء الدين الى محاربة الإرهابيين والتبرؤ من كل فكر تكفيري. إننا بأمس الحاجة في هذه الأيام الى تجسيد إسلامنا فعلاً وقولاً بالتعاون والتضامن لمواجهة الحملات والمشاريع التي تستهدف المسلمين في حاضرهم ومستقبلهم". ونوه ب "الحركة الديبلوماسية النشطة التي يقوم بها الرؤساء العرب ونأمل أن تؤدي الى تعاون وثيق يدرأ الأخطار المحدقة بأمتنا الإسلامية والعربية، فلا يجوز أن تستفرد دولة عربية او إسلامية، فتترك لمصيرها فيما تقف دول أخرى موقف المتفرج وغير المبالي، لأن استهداف سورية هو استهداف للجميع، والوقوف الى جانب سورية هو وقوف الى جانب الحق العربي في استعادة الحقوق العربية المسلوبة في فلسطين والجولان ومزارع شبعا". ودان الشيخ قبلان "الضغوط الدولية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الهادفة الى منعها من الحصول على حقها في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية"، وقال:" نستغرب التغاضي عن امتلاك إسرائيل ترسانة نووية تهدد العالم بالخراب والدمار. ونحن إذ نشيد بالمواقف الحكيمة للملك خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس حسني مبارك ونبارك تحركاتهما، فإننا نقدر الجهود المبذولة للحؤول دون إدخال المنطقة العربية في دائرة المجهول". ودعا "العرب والمسلمين الى تحمل مسؤولياتهم في نصرة شعب فلسطين والدفاع عن الأقصى المبارك الذي يمثل عنواناً للسلام، ومعلماً حضارياً إنسانياً، فلا يجوز في أي شكل من الأشكال السماح للعصابات الصهيونية المتطرفة أن تعيث خرابا بهذا المعلم المقدس تحت عناوين واهية وكاذبة. فالقدس تستصرخ ضمائر المسلمين والمسيحيين لمنع تهويدها". وشدد على وجوب "الا ننسى معاناة أهلنا في العراق الذين انتصروا بوحدتهم وإنجازهم للانتخابات النيابية على مشاريع الاحتلال متحدّين الفكر الشيطاني الذي يحمله الإرهابيون، وندعوهم الى تحصين وحدتهم الوطنية وتعزيزها والامتثال الى دعوة المرجع الديني الإمام السيد علي السيستاني بتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل مختلف شرائح الشعب العراقي". وتوقف عند "حال القلق والاضطراب الخطيرة" التي يعيشها الداخل اللبناني "نتيجة الخطابات السياسية المتشنجة والمواقف غير المسؤولة التي تعبر عن عدم وعي لدى أصحابها لخطورة المرحلة". وقال: "فما يجري خطير جداً وينبغي التعاطي معه بروح المسؤولية الوطنية التي تحفظ لبنان، وهنا أدعو العقلاء في لبنان الى تحمل مسؤولياتهم الوطنية بصفتهم أهل الحكمة والمشورة والحل والعقد، ونطالبهم بلجم من يأخذهم الغرور والشطط فيعيدونهم الى عقلانيتهم ووعيهم وصوابهم لاتخاذ المواقف العاقلة التي تهدئ النفوس وتعيد تجميع اللبنانيين على ثوابتهم الوطنية، وفي طليعة هذه الثوابت التفاف اللبنانيين حول خيار المقاومة التي وحدت اللبنانيين تحت لوائها وأبعدت الأخطار عن لبنان بعد أن حررت الأرض ودحرت المحتل". وأكد الشيخ قبلان: "إن المقاومة وسلاحها حاجة وطنية لم ينته دورها بعد، لأنها تمثل ضمانة لتحرير الأرض واستعادة الأسرى، وهي الذراع القوية التي تحمي لبنان وتذود عنه الأخطار. أيها الأخوة إن وطننا يستصرخ ضمائرنا أن نحميه بتشاورنا وتعاوننا وتفاهمنا، فحفظ لبنان يتحقق بحفظ اللبنانيين لبعضهم والتعاون معاً لمواجهة المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية، فاللبنانيون محكومون بالعيش معاً والإنصهار معاً في بوتقة الوحدة الوطنية التي تستوعب الجميع، لذلك أطالب الجميع، مسلمين ومسيحيين، أن يتفاهموا ويتحاوروا بهدوء وروية بعيداً من الشطط والتهور. نحن بأمس الحاجة الى جمع الكلمة ولمّ الشمل ورأب الصدع واستبعاد شبح الفتنة التي تطل برأسها من جديد، فلبنان لا يستعيد عافيته وإستقراره إلا بعودة اللبنانيين الى طاولة الحوار والتشاور بعيداً من منطق العصبية والتشنج والانفعالية". وأكد "ان تعاون اللبنانيين وتوافقهم يوصدان باب التدخلات الأجنبية في شؤون لبنان الداخلية ويخرجان لبنان من دائرة الوصاية الأجنبية، فلبنان بلغ سن الرشد وهو يرفض أي وصاية أجنبية تخرجه عن محيطه العربي والإسلامي". وقال: "لبنان أصيب بزلزال كبير بفعل جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم التي تلتها، فالجميع خسروا الرئيس الحريري لما مثّله من قيمة وطنية وعربية وإسلامية، ومقتضى الوفاء لهذا الرجل الكبير يحتم علينا أن نعمل متعاونين لكشف الحقيقة ودعم التحقيق لجلاء كل الملابسات، فهذه الجريمة النكراء أصابت لبنان والعالمين العربي والإسلامي في الصميم، ويجب بذل الجهود وتقديم المساعدة للقضاء الوطني ولجنة التحقيق الدولية لكشف الحقيقة المرتكزة على الإثباتات والوثائق والأدلة الواضحة. ومقتضى الوفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري ألا تستغل دماؤه فتكون جسر عبور لضرب سورية، لأن استهداف سورية هو استهداف للبنان واستهداف لبنان هو استهداف لسورية، لذلك ندعو اللبنانيين الى عدم الانجرار في مؤامرة ضرب سورية وعدم الخروج عن محيطنا العربي لأن من يخرج عن محيطه وعن بني جلدته وقومه يصبح عارياً، وليعلم الجميع أن سورية ليست عدواً للبنان وإسرائيل، فقط هي العدو المتربص بالشر ضد لبنان وسورية والأمة العربية والإسلامية". ودعا الجميع الى "استحضار تاريخ لبنان والمنطقة الذي لطخته يد الإجرام الإسرائيلية بإرهابها ومجازرها وعدوانها وألاّ يتنكر أحد لتضحيات سورية التي وقفت مع لبنان لتحرير الأرض وقيام مشروع الدولة الحاضنة للجميع". صلاة العيد في سجن رومية وأقيمت صلاة وخطبة عيد الاضحى في سجن رومية للمساجين المحكومين، برعاية هيئة رعاية السجناء وأسرهم التابعة لدار الفتوى. وألقيت خطبة العيد متضمنة مزايا التوبة وقصة الفداء واستقامة السجين.