إذا اتفقنا على أن الرياضة باتت مصدر رزق للمشتغلين فيها، بعدما دخلنا عصر الاحتراف، وخرجنا من عصر الهواية، وإذا اتفقنا على انه يجب على الفرد أن يبحث عن الأفضل ما دام أنه متاحاً أولاً، ما دام الفرد نفسه مرغوباً ومطلوباً في السوق، كما يقولون... وإذا اتفقنا على أن العقد هو شريعة المتعاقدين، وأن الانتماء الأول بات لمصدر الدخل بغض النظر عن هويته. إذا اتفقنا على هذه الأمور، فعندها لن نجد أية غضاضة في ما فعله ويفعله وما سيفعله الآخرون من انتقال من هذه الجهة إلى تلك، أو من هذا النادي إلى ذاك، ما دامت أن الأمور قانونية، وحتى لو كانت هناك عواقب مالية لفسخ العقود، فإن أحداً ما سيقوم بتسديد الغرامات، والغالبية أنها الجهة المستفيدة من خدمات الشخص المنتقل إليها، وليس المنتقل نفسه من سيدفع من جيبه! في المقابل هل يمكن أن نتفق على بضعة أمور أخلاقية، منها أن السعي لكسب الرزق يجب ألا يكون بأي حال من الأحوال على حساب الآخرين، دعك من حساب الأخلاق وكلمات الشرف التي لم تعد تسمن أو تغني من جوع في هذا الزمن الرديء. المشكلة في بعض ما يعترضنا من مشكلات هي نعمة النسيان، فمنذ آلاف السنين ونحن نسمع بالمثل الذي يقول:"يافرعون مين فرعنك... قال لم أجد من يردعني". فرعوننا الفرنسي برونو ميتسو يستحق هذا المثل عن جدارة واستحقاق... فهو حقق إنجازاً تاريخياً مع السنغال، وقاد منتخبها لربع نهائي كأس العالم الأخيرة مكرراً إنجاز الكاميرون في نهائيات إيطاليا عام 1990... وبعدما أصبح عراب الكرة السنغالية، والكل طوع بنانه، تركهم في ليلة ما فيها ضوء قمر، وتوجه صوب العين الإماراتي، ولكنه ترك العين قبل أن ينتهي عقده، على رغم الشرط الجزائي والغرامة لمن يخلع، ثم يمّم شطر الغرافة القطري الذي نال لقب الدوري في عهد ميتسو الأول، ثم تقهقر في عهد ميتسو الثاني، وكانت النتيجة أن ميتسو وإن قيل إنه غادر بالتراضي، إلا أنه لم يودع حتى لاعبيه، وترك لهم عبارة شكر على اللوح في غرفة تبديل الملابس، وبينما كان الكل يترقب عودته للكرة الإماراتية من بوابة منتخبها الأول، والدليل أنهم وضعوا الفرنسي دومينيك مدرباً ثم مساعداً لميتسو، ولا أدري لماذا أصروا عليه وهو المحكوم بغرامة مالية للعين وصلت أكثر من ثلاثمئة ألف يورو، ولا أظن أن عاقلاً يمكن أن يلوم منصور البلوي على حرصه على ناديه ومحاولة استقدام الأفضل لتدريبه، وميتسو في الواجهة حالياً وهو متوافر في السوق فلم لا؟ ولكن الغريب أن نركض نحن وراء ميتسو على رغم ما صدر ويصدر عنه أحياناً، وصرت مقتنعاً ألفاً في المئة، أن أية غرامة ستصدر بحق ميتسو تجاه أي موقف قد يقوم به لاحقاً لن يتم دفعها من جيب ميتسو، بل من جيب أحدٍ غيره، ومن يراهنني منذ الآن على أن هذا الأحد لن يكون إلا عربياً وخليجياً؟! [email protected]