أثارت"حرب الغاز"الروسية - الأوكرانية، قلقاً في اوروبا خشية ان يؤدي اضطراب محتمل في الامدادات الى نقص لدى المستهلكين في انحاء القارة، بعدما ردت أوكرانيا على قطع موسكو الغاز عنها في ذروة الشتاء، بالتلويح بسحب حاجتها من انابيب تمر عبر اراضيها الى الاسواق الاوروبية. في الوقت ذاته اعلنت النروج، المصدر الثاني للغاز في القارة بعد روسيا، عجزها عن زيادة الكميات التي تضخها الى الاسواق، كون منشآتها تعمل بأقصى طاقتها. وفيما ابدت واشنطن اسفها لقرار موسكو قطع الغاز الروسي عن اوكرانيا، عكست لهجة السياسيين الأوروبيين مخاوف من ان تسفر التطورات الأخيرة عن ازمة طاقة في اوروبا. واتهمت كييف موسكو بالسعي الى زعزعة الاستقرار في اوكرانيا، معلنة انها تدرس إمكان التوجه الى الدول النووية الضامنة لأمنها، وفقاً لمذكرة موقعة عام 1994، لتفعيل آلية المشاورات معها. ونتج من القلق الاوروبي، لوم للجانب الروسي، تجسد في تصريحات لوزير الاقتصاد والطاقة الالماني مايكل غلوس الذي حض موسكو على"التصرف في شكل مسؤول في المشكلة مع اوكرانيا"، معتبراً ان تولي روسيا رئاسة الدورة الحالية لمجموعة الدول الثماني الصناعية"يفرض عليها ذلك". وتحصل المانيا على نحو ثلاثة ارباع امداداتها من الغاز الروسي عبر اوكرانيا. وانتقد الوزير الالماني قرار روسيا"المفاجئ"رفع سعر الغاز لاوكرانيا"بعدما بقي السعر على حاله فترة طويلة". وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية توماس شتيغ ان المستشارة انغيلا مركل تنتظر من طرفي النزاع"التوصل الى حل معقول وسريع يتناسب وضمان امدادات الغاز الى اوروبا". وتريد موسكو رفع سعر الطن المكعب المباع الى أوكرانيا من 50 الى 230 دولاراً بحسب أسعار السوق الدولية، أي زيادة السعر بنحو خمسة أضعاف. وحذرت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بينيتا فريرو فالدنر طرفي النزاع من فقدان الثقة بهما كمصدرين للغاز، وحضتهما على إنهاء الخلاف بسرعة. كما اعلنت كريستينا غلاش الناطقة باسم الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا انه على اتصال بالروس والاوكرانيين"لتشجيعهم على استئناف المفاوضات"لتسوية النزاع بينهم. وزاد اللوم لموسكو بعدما اعلنت مولدوفا، احدى افقر الدول في المنطقة، ان روسيا قطعت امدادات الغاز عنها ايضاً، لعدم قدرتها على دفع السعر المرتفع الجديد. في المقابل، اعلنت شركة"غاز بروم"الروسية استعدادها لزيادة الكميات التي تشحن بحراً الى اوروبا، لتعويض اي نقص في الامدادات عبر الخطوط التي تمر في الاراضي الاوكرانية، متهمة كييف ب"سرقة"قسم من الغاز المخصص لأوروبا بمقدار 100 مليون متر مكعب سعرها 21 مليون يورو. وردت كييف باتهام روسيا ب"العمل لزعزعة الاستقرار في أوكرانيا". وكانت موسكو نفذت تهديدها بقطع امدادات الغاز عن جارتها بحلول العام الجديد، بعدما فشل الطرفان في التوصل الى حل وسط لتسوية الخلاف. وحملت الساعات الاخيرة من العام 2005 مبادرة روسية وصفها مسؤولون في موسكو بأنها"محاولة الربع ساعة الاخير"، اذ طلب الرئيس فلاديمير بوتين من"غاز بروم"مواصلة تأمين امدادات الغاز الطبيعي لاوكرانيا بالاسعار السابقة في الربع الاول من العام 2006، في حال وافق الاوكرانيون على توقيع اتفاق جديد ينظم اسعار الغاز بين البلدين. ووصف مسؤولون في"غاز بروم"طلب بوتين بأنه"قرار سياسي"لامتصاص الازمة، لكن كييف رفضت العرض الروسي، مصرة على تمديد الاتفاق السابق بين البلدين الذي تحصل بموجبه كييف على الغاز الروسي بأسعار مخفضة. وجاء في بيان للخارجية الاوكرانية ان الجانب الروسي رفض كل الاقتراحات الخاصة بأسعار الغاز التي قدمت في محادثات في موسكو في الفترة من السابع والعشرين الى الثلاثين من كانون الاول ديسمبر 2005. وأكدت الخارجية الأوكرانية استعداد كييف لتقديم الأدلة على"عدالة"موقفها بكل الوسائل، بما فيها من خلال محكمة دولية.