تواصلت الجهود الدينية والسياسية الرامية الى تطويق الأزمة الطائفية التي انفجرت في اعقاب تفجير الروضة العسكرية في سامراء، وما تلاها من اعمال عنف انتقامية شنتها"جماعات مجهولة". ونجحت الأطراف السياسية في التوصل الى بيان"يدين الارهاب بكل اشكاله"، ويحض على التهدئة. فيما أثمرت جهود التيار الصدري و"هيئة علماء المسلمين"عن توقيع"ميثاق شرف"يحرم الاعتداءات الطائفية. وعلى رغم تواصل حظر التجول في بغداد وثلاث محافظات اخرى منذ صباح الخميس الماضي، شهدت مناطق متفرقة من العراق خروقات أمنية واشتباكات متفرقة. واتفق زعماء الكتل السياسية والأحزاب على تهدئة الوضع وحل الأزمة الراهنة ووأد الفتنة الطائفية. وقال رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري في مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء اجتماعه مع قادة الكتل في ساعة متأخرة ليل الأحد"كانت جلسة عابقة تطابقت فيها وجهات النظر. والغالبية عبروا عن اهمية الاسراع في المبادرة السياسية وعدم التأخر فيها وتمت مناقشة الامور بكل صراحة". واشار الى ان"الزعماء عبروا عن الاهتمام بالاعتقالات التي حصلت"، وأكدوا"وجوب اجراء التحقيق فيها وعدم تكرارها مستقبلا الا بقرار من القاضي، واطلاق الابرياء الذين لم تثبت ادانتهم". واوضح أنه"تم الاتفاق على اعادة المساجد الى أصحابها واعمارها وادانة ما حصل في سامراء، والجميع أكد أهمية ان تتصدى قوات الشرطة في هذا الوقت لتقطع الطريق امام الارهابيين". وزاد ان"البعض طرح قضية ميثاق شرف وطني والاتصال مع الدول المجاورة للمساعدة في السيطرة على الحدود والاتفاق على تكرار هذا الاجتماع وسيادة القانون". وتابع أن"الجميع اتفق على حماية العتبات المقدسة والمساجد واعتبار من قتل في المساجد شهيداً وتعويض المتضررين وتطبيق الخطة الأمنية التي اعلنت مساء الاحد". وشدد على ان"هذه الأمور التي تم الاتفاق عليها سيتم طرحها في غرفة العمليات"لتحويلها الى خطوات عمل، معرباً عن سعادته وتفاؤله لما دار في الاجتماع لأن"هم الجميع كان هو العراق". وكانت الخطة التي أعلنها الجعفري تضمنت تشكيل فريق سياسي استشاري من عدد من الشخصيات والقيادات السياسية ورؤساء الكتل البرلمانية للوقوف على وجهات نظرهم ومساهمتهم في تعزيز الوحدة الوطنية للقضاء على الفتنة الطائفية. وتمخض اجتماع عقد في مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان في منطقة الأعظمية في بغداد بين ممثلين عن"التيار الصدري"و"هيئة علماء المسلمين"و"التيار الخالصي"عن توقيع"ميثاق شرف"ركز على إدانة"التفجير الإجرامي للروضة العسكرية"في سامراء واعتباره"اعتداءً على المسلمين جميعاً"، واستنكاره باعتباره"استهدف إشعال حرب طائفية تمزق نسيج المجتمع العراقي"، و"حرم الدم المسلم وتبعات ذلك على بناء المجتمع العراقي"، كما تضمن"إعادة إعمار المساجد التي هوجمت وأحرق بعضها، وضمان عدم تكرار ذلك في المستقبل". وأكد الاتفاق على"إزالة آثار الاحتقان الطائفي ونزع فتيل الأزمات المشابهة في المستقبل". من جهته اصدر الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر بياناً دعا فيه الى تظاهرة سلمية تجمع السنة والشيعة وتدين الاعتداءات على المراقد والمساجد، فيما أمر أنصاره بعدم ارتداء الملابس السوداء"التي تستثمرها عصابات مجهولة لزرع الفتنة". وقال الصدر في كلمة أمام حشد من مؤيديه في البصرة ان"العراق يمر اليوم بأزمة كبيرة... يدخل بين الاخوين الاعداء يبثون الفتنة". واضاف مخاطباً مؤيديه الذين كانوا يهتفون معارضين للوجود الاميركي، في ان"مواقفكم هذه يجب ان يعبر عنها بمواقف ملموسة، وهي عدم السير وراء مخططات المحتل... والا فسنقتل جميعاً عن بكرة أبينا". وتابع متسائلاً:"هل تريدون ان تنصروا العدو؟ هل تريدون ان تنصروا الثالوث المحتل عليه اللعنة؟ هل تريدون ان تنصروا المحتل الذي بات يمزق وحدتنا؟ ما لكم هل تريدون نصرة الباطل؟". وهذه أول تصريحات يخاطب فيها الصدر مؤيديه في العراق، بعد الأحداث الأخيرة التي ضربت عدداً من المدن، عندما كان في جولة زار خلالها عدداً من الدول المجاورة للعراق. وجدد الصدر اتهاماته المتكررة للجيش الاميركي محملاً اياه"كل التداعيات والمشاكل التي تحدث في العراق". وقال:"انتبهوا لمخططات الغرب... ان ما نريده ليس اخراج السفير الاميركي بل نريد اخراج المحتل او على الاقل جدولة الاحتلال. اذا خرج السفير واذا لم يخرج ماذا سيفيد العراق؟ اقطعوا رأس الافعى". وجاء في بيان صادر عن مكتب الصدر انه اصدر"أمراً الى أفراد جيش المهدي بعدم ارتداء الزي الاسود الذي كانوا معتادين على ارتدائه كي لا يستغله أصحاب النفوس الضعيفة الذين يحاولون إيذاء البلد". ودعا البيان الحكومة الى"توطيد الأمن ومعاقبة المجرمين الذين قاموا بالاعتداء على المساجد وحرقها". من جهته قال القيادي في"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"رضا جواد تقي ل"الحياة"ان"الهيئة التي شكلتها الحكومة لنزع فتيل الأزمة بعد حادثة سامراء تضم قادة سياسين وعسكريين ورجال دين وشيوخ عشائر، وستبدأ اجتماعاتها اليوم لوضع آلية لعملها". الى ذلك اعتبر بهاء الاعرجي عضو"الكتلة الصدرية"في قائمة"الائتلاف"الموحد الاتفاق الذي توصلت اليه الكتل السياسية الليلة الماضية محاولة لانهاء حال"اللااستقرار التي يعيشها العراق في الوقت الحالي"، وأن"نتائج الاتفاق بدأت في الظهور في الساعات الاولى من هذا اليوم اذ قلت اعمال العنف". من جهته اعرب"التحالف الكردستاني"عن مخاوفه من توسع فجوة انعدام الثقة بين الكتل السياسية بعد تفجيرات سامراء وتداعياتها. وقال محمود عثمان عضو البرلمان عن التحالف في تصريح صحافي امس ان"تفجيرات سامراء الاجرامية افرزت في الساحة السياسية العراقية مسألة انعدام الثقة بين بعض الاطراف، ما يؤثر سلباً في سير العملية السياسية خصوصاً في موضوع تشكيل الحكومة المنتظرة". واضاف ان"عملية تشكيل الحكومة قد تأثرت سلباً عقب نسف ضريح الامامين، اذ تدهور الوضع الأمني وانعدمت الثقة بين الاطراف السياسية وألقت ظلالها على تشكيل الحكومة وسير العملية السياسية في العراق".