"المترجم خائن"... عبارة طالما رددها الايطاليون قبل عقود الا انها اليوم باتت بديهية تتبناها الجماعات المسلحة، في العراق، وتتخذ بموجبها من جميع المترجمين - العاملين مع القوات الاميركية هدفاً حياً، يجب تصفيته آجلاً، ام عاجلاً. وعلى رغم الإحصاءات، التي أعلنتها وزارة الداخلية العراقية، وتشير الى ان عدد المترجمين الذين قتلوا في العراق على ايدي الجماعات المسلحة لا يتجاوز 43 شخصاً الا ان مصادر رسمية في وزارة حقوق الانسان العراقية أكدت ان"العدد يفوق بكثير الأرقام المعلنة". يقول رائد، الذي يعمل مترجماً مع القوات الاميركية داخل المنطقة الخضراء، ل"الحياة"انه"اضطر الى مغادرة ضاحية العامرية غرب بغداد وانتقل مع عائلته للسكن داخل المنطقة الخضراء بعد حصوله على عقد مع القوات الاميركية"مشيراً الى ان"مهنة الترجمة باتت من اخطر المهن التي يمارسها العراقيون حالياً". ويلفت الى ان ترك العمل مع القوات الاميركية بات اخطر ويضع المترجمين في موقف لا يحسدون عليه لانهم"سيضطرون حينها إلى مغادرة البلاد او تغيير محل السكن هرباً من عمليات التصفية الجسدية التي طاولت الكثيرين منهم". ويؤكد رائد ان"الكثيرين من زملائه اضطروا إلى الهجرة بعدما انتهت عقودهم مع تلك القوات خشية انتقام الجماعات المسلحة فيما انتقل البعض الآخر منهم الى العمل في الوزارات الامنية العراقية بوساطة الجانب الاميركي". وتروي جنان قصة رحيل صديقتها سارة، التي عملت مترجمة للاميركيين، من ضاحية الدورة جنوببغداد، التي تعد واحدة من اسخن المناطق امنياً بعدما تلقت تهديدات خطية تدعوها الى ترك العمل ومغادرة المنطقة. تقول"ان سارة وعائلتها غادروا منزلهم برفقة رتل اميركي بعد تلقي تهديدات مباشرة وما لبثت ان تركت البلاد وتوجهت إلى الولاياتالمتحدة بعدما حصلت على منحة دراسية هناك". ويؤكد علي، المترجم في المركز الصحافي في بغداد،"ان تأمين حمايتنا بات امراً صعباً خصوصاً أن البعض يرتبط بعائلته بشكل كبير ولا يستطيع الانفصال عنها"مشيراً الى ان السكن في المنطقة الخضراء هو احد الخيارات التي يقدمها الجيش الاميركي للمترجمين العاملين معه، الا انه يرفضه على رغم لجوء عدد كبير من زملائه الى هذا الحل التقليدي بعدما عجزت السلطات المحلية عن تأمين حياته وعائلاته فيما سارع البعض الآخر منهم الى تجربته قبل ان يكتشف الجيران والمعارف حقيقة عمله. ويعاني المترجمون، عموماً من المخاطر اثناء العمل بسبب مرافقتهم القوات الاميركية في عمليات مداهمة المنازل في الاحياء الساخنة تارة وعند القيام بعمليات عسكرية في المدن التي تعاني من التوتر الامني تارة اخرى ما يجعلهم اهدافاً مباشرة للجماعات المسلحة ويدفعهم إلى ارتداء الاقنعة اثناء العمل لاسيما في المناطق ذات الغالبية السنية للحؤول دون الكشف عن هوياتهم الا ان رفاقهم في المدن، ذات الغالبية الشيعية، يتمتعون بحرية اكبر في التحرك ولا يخشون الكشف عن الجهة التي يعملون لصالحها.