اعلن الرئيس العراقي السابق صدام حسين أمس لدى استئناف جلسة محاكمته انه مضرب عن الطعام منذ ثلاثة ايام مع معاونيه السبعة الذين يحاكمون معه. وقد رفعت الجلسة الثانية عشرة للمحاكمة على ان تستأنف في 28 شباط فبراير الجاري. وهتف صدام عند دخوله قاعة المحكمة"الله اكبر عاش شعبنا العظيم وامتنا المجيدة وعاش المجاهدون"، بينما هتف أخوه غير الشقيق برزان ابراهيم التكريتي عند دخوله القاعة:"يحيا العراق عاش العراق عاش البعث العظيم فداك أمي وابي يا حزب البعث". وقال صدام بعدما جلس"نحن مضربون عن الطعام منذ ثلاثة أيام". وكانت معلومات تحدثت الاحد عن اضراب عن الطعام يعتزم المعتقلون تنفيذه. لكن خليل الدليمي رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس السابق نفى هذه المعلومات وقال انها"لا اساس لها من الصحة اطلاقا". وبدأت جلسة محاكمة المتهمين في غياب المحامين وذلك في قضية قتل 148 قرويا في بلدة الدجيل الشيعية في الثمانينات. وقال طه ياسين رمضان النائب السابق للرئيس السابق:"لم تتركونا نتكلم. هذا دجل واثم. طردتم محامينا والشهود يحضرون بالقوة والمشتكون اسماؤهم فلان وفلان دون ذكر الاسم الحقيقي. هل هناك شيء من هذا القبيل في الدنيا؟". ورد القاضي رؤوف رشيد عبدالرحمن ان"محاميكم هم الذين تركوكم وغادروا العراق، والمحكمة من حقها توكيل محامين عوضا عنهم. ونحن بذلك نطبق القانون المنفذ منذ عام 1971". لكن رمضان اتهم القاضي بأنه"يحاكم وفق قانون الحاكم المدني السابق على العراق بول بريمر". وحاول برزان الحديث فلم يسمح له القاضي، ما دفعه الى القول"عيب انا انسان مثلك وربما احسن منك لم تفعل بي هذا". وقال صدام الذي كان يرتدي دشداشة زرقاء وسترة سوداء كما كان يلبس يوم الاثنين متوجها الى القاضي:"انت بتكليف من بريمر ... طلبت منك الكلام ولم تسمح لي ... كل يوم نكرر نفس الاقوال. هذه تمثيلية مطلوب ان تسترسل هذه هي الخلاصة". وبدأت المحكمة بالاستماع الى عدد من الشهود ممن عملوا في جهاز المخابرات ابان حكم نظام صدام والمعتقلين حاليا على ذمة التحقيق. والشاهد الاول كان ضابط مخابرات تحدث من خلف ستار من دون كشف هويته، وقال"انا كنت في عام 1982 ابان احداث الدجيل موظفاً بسيطاً في جهاز المخابرات وليس لدي اي شيء جديد اضيفه إلى الاقوال التي سبق وان أدليت بها سابقا الى قاضي التحقيق". واضاف:"كل ما اذكره انه في ليلة الحادث تم استدعاء منتسبي الجهاز وحصلت عملية استنفار". فيما اكد الشاهد الثاني فاضل صلفيج العزاوي الذي عمل معاونا لرئيس جهاز المخابرات لمدة خمسة اعوام ابتداء من 12 من كانون الاول ديسمبر من عام 1984 انه كان سفيرا للعراق في موسكو وانه يرفض الشهادة او ان يكون طرفا فيها لانه لا يملك المعلومات الكافية. وعندما سأله القاضي عن عملية اعدام شخصين خطأ، قال:"نعم كان هناك اربعة اشخاص مدانين بالاعدام، اثنان منهم صودق على حكم الاعدام بحقهما واثنان لم يصادق، لكن السجان أخطأ وأعدم اللذين لم يصادق على حكمهما". ونفى الشاهد الثالث حامد يوسف حمادي، وزير الثقافة السابق الذي كان يعمل سكرتيرا خاصا لصدام إبان الاحداث علمه بالقضية، وقال"عندما حدثت اتذكر انه لم اسمع من احد ان هذه القضية جرت". واضاف:"سمعت هذا الخبر في النشرة العربية من اذاعة طهران يقول"تصدى ابطال الاسلام للطاغية فلان الفلاني وامطروا موكبه بوابل رصاص جرح على اثره"". ودافع صدام عن الشهود قائلاً:"لا احد كان يطلع على بريدي الخاص لا سكرتيري ولا رئيس الديوان ولا اقدم المرافقين، وكل ما يأتيني كنت افتحه انا بيدي". واضاف:"هكذا كنت اتعامل ولهذا عجز الاميركان والصهاينة واستخدموا القوة العسكرية"ضد العراق. وتابع:"كان ممنوعا على المخابرات النظر في قضية عراقية ان لم تكن متصلة بجهة اجنبية، مثلما كان ممنوعاً على الامن التدخل في شأن مخابراتي عراقي متصل بجهة اجنبية". من جانبه، نفى برزان المسؤول السابق عن جهاز المخابرات ضلوعه بالقضية، مؤكدا ان"عمل جهاز المخابرات كان مقتصرا على الامور الخارجية وليس الداخلية". وقال انه"يوم الحادث"توجه من تلقاء نفسه الى المنطقة بعدما علم بمحاولة الاغتيال و"اتصلت بالمؤسسة المخابرات وطلبت دعما فجاءت مجموعة لا تتجاوز عشرين شخصا معي بصفة حماية". وتابع:"توجهت مباشرة الى مقر الفرقة الحزبية حيث التقيت بالرفاق"... موضحا ان"بعض الرفاق قالوا لي حجزنا عددا من الناس في مقر الحزب"فقلت لهم:"هل هم متورطون"فقالوا لا انه اجراء احترازي وهناك شك ونحن اجتهدنا بالأمر". وقال برزان:"لذلك قمت بالافراج عنهم وكانوا اكثر من 80 شخصا واعتذرت منهم ... ثم عدت وبعدها لم اعد اسمع باسم الدجيل". وحاول برزان مرات عدة التدخل في جلسة المحاكمة ليشرح ان"عمل جهاز المخابرات يقتصر على الجهات الخارجية وليس الاحداث الداخلية"ومنعه مرات عدة القاضي من الكلام. من ناحيته وجه المحامي خليل الدليمي رسالة الى مسؤول اميركي أمس يطلب فيها"بشدة والحاح"ترتيب موعد"قريب"للقاء صدام والتشاور معه مؤكدا في الوقت ذاته ان هيئة الدفاع "لا تقاطع المحكمة". لقطات - الشاهد الثاني فاضل صلفيج أكد ان القاضي رائد جوحي استغل عدم وجود نظارتيه معه ودفع به للتوقيع على تفاصيل لم يتطرق اليها. - أكثر الشاهد الثاني من التباهي وقال ان"الخير هو الذي يقول في الميدان"، لافتاً الى انه منح الكثير من الأراضي الى فلاحين لم يكونوا يملكونها. - لفت فاضل صفليج الى ان الإجراءات التي اتخذت في ما يتعلق بقضية الدجيل طبيعية"ولا يستحق الموضوع هذا الحجم من الاهتمام"باعتبارها قضية تتعلق باستهداف موكب رئيس الجمهورية آنذاك. - وصف برزان التكريتي صلفيج بتعامله ب"الفوقية مع جهاز المخابرات"بعدما أكد أنه"لم يتعلم من الجهاز شيئاً على رغم أن العمل فيه سياسي". - وصف برزان القاضي محمد أمين رزكار ب"الطيب الرائحة"، وقال انه لفت نظره الى ضرورة عدم الأخذ بالشهادات السماعية"لأنها لا تقود الى شيء غير ادخالنا في دهليز". ووصف الشاهد المتوفى وضاح الشيخ ب"حبيبكم"وشكك بمعلوماته، مشيراً الى ان الشيخ تحول من متهم رئيسي في قضية الدجيل الى شاهد اثبات بعدما وعده المحققون بتسليمه حقيبة وزارة الداخلية في الحكومة الجديدة. وقال للقاضي:"اعترف انك والمدعي العام أناس أذكياء لأنكم تعرفون كيف تستدرجون الناس"، واتهمه بالتباهي أمام وسائل الإعلام بطرد صدام ومعاونيه من قاعة المحكمة لإخلالهم بالنظام. - بدا حامد يوسف حمادي متعباً وظهر مرتدياً بذلة رياضية، ورد على القاضي الذي سأله عن صحته قائلاً انه في السبعين وهذه"أحكام السن". - هاجم طه ياسين رمضان بشدة الشاهد الثاني حامد يوسف حمادي متهماً إياه بالشهادة ضده استناداً الى حديث شخص مثل وضاح الشيخ الذي أغروه بمنحه وزارة الداخلية وحولوه من متهم رئيسي الى شاهد. - قال صدام إنه عندما يذكر آيات قرآنية في مستهل حديثه، فإنه لا يقصد بها المحكمة، بل آخرين، وقال""عندما القي آية قرآنية لا اقصد المحكمة ليس خوفاً، ولكن ما أريد قوله هو ان أولئك الذين يرتكبون اخطاء في المحكمة هم أبنائي كغيرهم من العراقيين". - ذكر برزان أن الهاجس الوحيد الذي سيطر عليه عندما سمع بحادث محاولة اغتيال الرئيس السابق هو تكرار ما حدث في سورية من قبل رفعت الاسد الذي أمر بإعدام جميع السياسيين المحتجزين بعد تعرض الرئيس حافظ الأسد لمحاولة اغتيال، هذا ما دفعني إلى اطلاق سراح اكثر من 80 محتجزاً كانوا في مقر الحزب في الدجيل والاعتذار منهم. - أصر برزان على تلقيب حامد يوسف حمادي بالرفيق، وعندما طالبه القاضي بعدم تكرار هذا اللقب، قال انه حر بمخاطبة الآخرين بما يرغب. - أعلن صدام انه مسؤول مسؤولية كاملة عن كل أمر صدر عن مجلس قيادة الثورة او مجلس الوزراء وحمل توقيعه. وحيى سكرتيره السابق حامد يوسف حمادي بابتسامة وبدا مطمئناً الى ما سيقوله.