تترقب لندن باهتمام عملية انتقال تدريجية للسلطة من رئيس الوزراء توني بلير إلى وزير الخزانة غوردون براون المرشح لخلافته. ويبدو أن براون الذي يشتهر بالصرامة والتقشف الاسكوتلاندي، يخضع حالياً ل"عملية تجميل"في المظهر والسلوك إذ بدأ يبتسم اكثر ويخرج من العزلة التي فرضها على نفسه اجتماعياً وسياسياً، إضافة إلى تفادي اتباع إيديولوجية مطلقة. وتدور في الصالونات السياسية تساؤلات عن موعد إعلان بلير تقاعده ، لكي يفسح في المجال أمام براون لتحقيق حلمه بتزعم حزب العمال ورئاسة الوزراء قبل الانتخابات المقبلة المتوقعة بعد نحو عامين أو ثلاثة أعوام. ويتوقع مراقبون أن يحدد بلير خلال شهور، موعد اعتزاله العمل السياسي، على أن يأخذ في الاعتبار توفير وقت كاف لبراون لتولي السلطة والاستعداد للمعركة الانتخابية المقبلة التي ينتظر أن تكون مريرة بعد تولي ديفيد كاميرون زعامة المحافظين الخريف الماضي. وباختيارهم كاميرون زعيماً، استعاد المحافظون زمام المبادرة من جديد وأصبحوا يشكلون خطراً على العمال بعدما اقتربوا من خط الوسط السياسي حيث تقف الغالبية الشعبية في بريطانيا. وبدأ براون سلسلة جولات في أنحاء بريطانيا المختلفة، وإلقاء خطب تتجاوز مواضيعها الشؤون الاقتصادية والضرائبية والمالية، لتشمل الأمن القومي ومكافحة الإرهاب والسياسات العامة والتعليم والبيئة والعلوم، علماً انه كان يحرص على الحديث في الاقتصاد. الخلاف والتفاهم وكان أكبر سر مكشوف في بريطانيا هو خلافاته المريرة مع بلير، لأنه يعتقد أنه كان المهندس الرئيس لانتصار العمال في الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة على التوالي من خلال السياسات الاقتصادية الرشيدة. ولكن الأمور تغيرت، وأصبحت وسائل الإعلام البريطانية تتحدث عن"تفاهم سري"بين بلير وبراون أخيراً بأن يديرا معاً شؤون رئاسة الوزراء، تمهيداً لانتقال السلطة. وبدأ براون بارتداء ربطات عنق بألوان زاهية بدل الأحمر التقليدي، والأكثر أهمية، أنه بدأ يستعين بمستشار بلير السابق لشؤون الإعلام والاتصالات أليستر كامبيل الذي يعتبر العقل المدبر لنجاحات العمال إعلامياً وصحافياً. ويعقد براون حالياً لقاء نصف شهري في شكل منتظم مع كامبيل ويحضر بلير هذه الاجتماعات لبحث التفاصيل الخاصة بتحسين صورة وزير الخزانة وجعله أقل جموداً وكذلك ترتيب الجولات الجماهيرية التي يقوم بها وإعداد الخطب التي تتضمن رؤيته الخاصة للشؤون السياسية والأمنية. وألقى براون أخيراً خطاباً تضمن سبعة آلاف كلمة اعتبر بمثابة عرض شامل لسياساته بما في ذلك محاولة التخلي عن صورته كاسكوتلاندي صارم، والحديث عن أهمية المواطنة البريطانية والإعراب عن الاعتزاز بالمحاربين القدماء. وتضمنت الاستراتيجية الجديدة أيضاً إبراز دور زوجته سارة التي تنتظر مولودها الثاني في أيار مايو المقبل، وهي أيضاً خبيرة في العلاقات العامة. وكان براون يشتهر قبل زواجه في العام ألفين بأنه الأعزب الدائم الذي يفضل تناول"البيتزا"وهو يشاهد مبارات كرة القدم.