التطرف ظاهرة اجتاحت مجتمعاتنا العربية، وخصوصاً الفئة الشبابية وأصبحت مشكلة تهدد أمن المجتمع وسلامته. فما هو التطرف؟ إن التطرف هو ادعاء امتلاك الحقيقة، إذ يعتقد المتطرف بأنه يملك هذه الحقيقة وهو ليس مشغولاً بنفسه ولا يحتاج إلى أي نوع من أنواع الإصلاح لأنه مهموم بالآخرين، ويعتقد بأن جميع أفراد المجتمع يحتاجون إلى معرفة الحقيقة التي يدعي بأنه يملكها، إضافة إلى ذلك يرى بعض المتطرفين ضرورة تعميمها على الآخرين حتى لا تعتبر أنانية, لكن المشكلة تأتي من خلال فرض هذه الحقيقة التي يعتقدون بأنها الإصلاح. وبتعبير آخر إن التطرف هو الشدة أو الإفراط في شيء أو في موقف معين، وهو أقصى النهاية. وحين يقال عن تصرف ما انه تطرف، فيعني ذلك التصرف الذي يكون في أبعد حد وهو الغلو, وحين يبالغ شخص ما في فكرة أو في موقف معين دون تسامح أو مرونة يقال عنه شخص متطرف في موقفه أو معتقده أو مذهبه السياسي, الديني أو القومي, والمتطرف في اللغة هو من تجاوز حد الاعتدال. وفي شكل عام إن أي حوار لا بد من أن يحقق ثلاثة أهداف: إقناع الطرف المقابل, الاقتناع بالطرف المقابل, تبادل الحديث بين الطرفين للوصول الى الحقيقة, لكن المشكلة بالنسبة الى المتطرف تكمن في كونه يؤمن فقط بإقناع الطرف المقابل ولا يريد فتح حوار للمناقشة والاختلاف حول وجهات النظر, لأنه يعتقد بأن أي رأي مخالف لرأيه هو مخالف لمبدأ عقيدته. والتطرف معروف في العديد من دول العالم، في القضايا الدينية والسياسية والمذهبية والفردية والقومية وغيرها. وهذا التطرف ناتج عن الانفعال، إلا انه وهو إجراء بائس من شخص أو جماعة ضد طرف آخر, فإذا اقترن التطرف بالعنف والأعمال الإجرامية التي تفزع الناس وتهدد الأمن والأشخاص المدنيين وتقلق أمن المجتمع أصبح من الأعمال الإرهابية، ولا بد من مقاومته بطرق وأشكال متعددة أياً كان الطرف القائم به, بتفعيل دور القانون, حيث إن الممارسات الفردية المنافية للموضوعية مهما صغرت لا ينبغي أن يستهان بها حتى لو كانت آثارها المبدئية ضعيفة، فقد تنمو مع مرور الزمن لتصبح أكثر بعداً عن الوسطية والموضوعية معلنة نشأة التطرف بكل أطيافه الفكرية, فالتعصب للأفراد أو المذاهب أو الجماعات يجعله لا يرى الحق إلا من خلالها ويصادر بالتالي عقله ويفكر بمنطق غيره ويرفض كل رأي يخالف ما تعصب عليه من رأي أو طريقة مما يزيد هوة الافتراق في المجتمع. وللتطرف أسباب كثيرة ومختلفة قد تعمل مجتمعة أو منفردة في بروزه إلى العلن, حيث إن الأوضاع الاجتماعية التي يستشري فيها القهر والظلم والاضطهاد وجميع صور الاستلاب تؤدي إلى قيام المرء بردود فعل تخلق العنف طريقاً للتغيير بقدر ما تنحو إلى التطرف في التفكير, فالإنسان المقهور الذي يرى أن حقوقه مهضومة من جانب الآخرين لا يعود يعترف بأي حق للآخر, وربما يعمل على انتهاك جميع الحقوق كرد فعل لا يمكن السيطرة عليه، ما يؤدي إلى التماهي بين شخصيتي الجلاد والضحية وإلى فروقات ثقافية وعرقية, تحدث في شكل خاص نتيجة الهجرات الحديثة والمعاصرة التي تجبر جماعات مختلفة اللغات والعقائد والأعراف الاجتماعية, على العيش المشترك الذي يتطلب صراعاً مع الذات بهدف الانفتاح على الآخر أو الانغلاق دونه. أما في ما يتعلق بالفكر وتعاطيه مع الأفكار الأخرى حيث يقوم الفكر المتطرف على التبسيط والاختزال أو على الأحادية والانغلاق أو على الرفض وعدم التسامح. فهذه المواقف الفردية تكون نتيجة الاعتقاد بامتلاك اليقين وحصول الأمان في كل أمر, سواء في مجال المعرفة النظرية أو في مجال العمل والممارسة, حيث إن الأصول النفسية التي تتمثل على نحو خاص في فقدان الأمن الذي يفسح المجال للهواجس والوساوس المنتجة للمغالاة في الفكر والسلوك, فمن لا يأمن من الجوع أو الخوف قد يتطرف في تصرفاته بقدر ما يضطرب أمنه الذاتي النفسي والغذائي, وهذا السبب يفسر الكثير من الانفجارات التي تشهدها بعض المجتمعات المهددة بالبطالة من الداخل أو بالأخطار من الخارج. جاك ساموئيل - اللاذقية - سورية - بريد الكتروني