بجدارة واستحقاق توج منتخب مصر بطلاً لكأس الأمم الأفريقية ال25 لكرة القدم، وهو رقم قياسي لپ"الفراعنة"بإحرازهم الكأس للمرة الخامسة في تاريخهم? المصريون عاشوا على أعصابهم فترات صعبة في المباراة النهائية مساء أول من أمس في ملعب القاهرة الدولي أمام منتخب ساحل العاج، واكتظت المدرجات بأكثر من 75 ألف متفرج يتقدمهم الرئيس المصري محمد حسني مبارك وقرينته التي حملت علماً مصرياً في نهاية اللقاء. وعجز الجانبان عن هز الشباك على مدار ساعتين من اللعب العنيف، وتفرغ اللاعبون خلال الأشواط الأربعة من الوقتين الأصلي والإضافي للالتحام والخشونة والاشتباكات والاعتراض على التحكيم، وأثار التونسي مراد الدعمي جدلاً كبيراً خلال اللقاء بقراراته، ولا سيما إلغاء هدف للمصري عمرو زكي في الدقيقة 83 واحتساب ركلة جزاء لمصر في الدقيقة 95. الفوز المصري أعاد إلى شعب بأكمله مظاهر الفرح التي غابت 33 عاماً منذ احتفالاتهم بانتصار تشرين الأول أكتوبر 1973 بعد عبور القناة وخط بارليف، واندفع الملايين إلى الشوارع في كل المدن والقرى المصرية في صورة غير مسبوقة وسط أمواج من الأعلام المرفوعة في أيدي الجميع، ولم يصب أحد بالضيق من التظاهرات العارمة التي أغلقت الشوارع الرئيسة في القاهرة والإسكندرية، وفقد الآلاف من المسافرين بالطائرات والقطارات والحافلات مواعيد رحلاتهم إزاء التأخير عن الوصول في الوقت المقرر. الاحتفالات بدأت في القاهرة منذ الصباح الباكر باحتشاد عشرات الألوف حول ملعب القاهرة الدولي الذي حاصرته الشرطة عقب صلاة الفجر، وازدانت كل السيارات بالعلم المصري، وسارت التظاهرات بهتافات"اصحى وصحصح أوعى تنام... كأس أفريقيا حتروح لحسام"، وپ"أوريفوار... كوت ديفوار". وقبل أربع ساعات كاملة من موعد المباراة امتلأت المدرجات عن آخرها مع حضور لافت لعدد ضخم من رجال السياسة والفنانين والأدباء. المباراة اندلعت الخشونة منذ بداية المباراة من العاجيين وأسفرت عن إنذار في الدقيقة الثانية لأكالي لاعتدائه من دون كرة على محمد بركات، وتعمد زوكورا إيذاء وائل جمعة وإخراجه بالفعل، واشترك أحمد فتحي بدلاً منه، ولم يكن لأي منتخب فرصة حقيقية وانتهى الوقتين الأصلي والإضافي من دون أهداف ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح. نجح بطل المباراة وحارس مصر عصام الحضري في إنقاذ الركلة العاجية الأولى من دروغبا والركلة الثالثة من باكاري كونيه، وسجل كولو توريه وإيمانويل إيبويه - وهما لاعبا أرسنال - الركلتين الثانية والرابعة. وأحرز لمصر أحمد حسن ومحمد عبدالوهاب وأهدر عبدالحليم علي الثالثة وانخرط بعدها في البكاء، وسجل عمرو زكي وأخيراً محمد أبو تريكة، ومع الهدف الرابع والفوز 4-2 انطلقت الفرحة في الملعب والمدرجات. وعلى رغم الهزيمة المريرة إلا أن لاعبي ساحل العاجل كانوا على قدر عال من الروح الرياضية بقبول النتيجة والجلوس في الملعب بين حزن وغضب وبكاء، وقادهم دروغبا إلى منصة التتويج لتسلم الميداليات الفضية من الرئيس حسني مبارك ورئيس الاتحاد الإفريقي عيسى حياتو. على هامش البطولة اختارت اللجنة الفنية للبطولة كابتن مصر ولاعب الوسط أحمد حسن للفوز بكأس أحسن لاعب في النهائيات، وجاء الاختيار قبل المباراة النهائية، وسبق للنجم الفوز بلقب أحسن لاعب فقط في مباراة السنغال في نصف النهائي. فاز المصري عصام الحضري بكأس أحسن حارس مرمى في النهائيات بعد منافسة شرسة مع النيجيري فنسنت أنياما. ونال المنتخب النيجيري جائزة اللعب النظيف، وحصل الكاميروني صامويل إيتو على جائزة هداف البطولة برصيد 5 أهداف. أصبح المصري حسام حسن أول لاعب في تاريخ أفريقيا ينال الميدالية الذهبية للبطولة ثلاث مرات 1986 و1998 و2006، واستحق أيضاً عدداً جديداً من الأرقام القياسية القارية في عدد المباريات الدولية 168 وعدد الأهداف 82 وفارق سنوات المشاركة في النهائيات 1986 - 2006. تسلم حسام حسن كأس البطولة للمرة الثانية في تاريخه، وحرص على تقبيل الرئيس مبارك من رأسه بعدما تبادلا القبلات العادية، ووقف حسام أمام الرئيس ورفع الكأس عالية للجمهور. وهمس الرئيس في أذن كابتن مصر عند تسليمه الكأس:"مبروك يا حسام... انت عملت اللي عليك، ربنا يحميك". ابتسم المدير الفني المصري حسن شحاتة كثيراً عندما تحدث مع الرئيس مبارك عقب تسلمه الميدالية الذهبية، وعرف الجميع أن الرئيس قال لشحاتة:"برافو عليك يا حسن... الفوز باللقب أحسن ردّ على الذين هاجموك قبل وأثناء البطولة". الانقسام الوحيد في صفوف الجمهور المصري كان في ردّ فعلهم عندما قام المحترف أحمد حسام بدورة الشرف في المضمار بعد فوز المنتخب بالكأس. واستقبل الكثيرون اللاعب بالهتاف:"بنحبك يا ميدو"، وسكت الباقون من دون أي تعبير أو تصفيق. حرص الحكام الأربعة للنهائي التونسي مراد الدعمي، والرواندي سيلستين بانجيوا، والجزائري إبراهيم جزاز، والسيشيلي إيدي ماليه، على الحصول على توقيع الرئيس مبارك على كرة حملها كل حكم في يده، وقدم مدرب مصر شوقي غريب إلى الرئيس فانلته الشخصية ليوقع عليها. حملت سيدة مصر الأولى سوزان مبارك علم مصر ولوّحت به للجماهير أثناء تنفيذ الركلات الترجيحية وتبادلت التهاني مع زوجها عقب فوز مصر، وحمل رئيس الحكومة المصرية الدكتور أحمد نظيف علماً مماثلاً عقب نهاية اللقاء. ارتفع مجموع المكافآت المالية التي تلقاها المنتخب المصري من رجال الأعمال إلى أكثر من خمسة ملايين جنيه في أقل من 24 ساعة فقط عقب تحقيق الفوز.