المتابعون لنهائيات بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم 2004 في البرتغال لم يجدوا فارقاً بينها وبين كأس الأمم الأفريقية 2006 في مصر على أي صعيد. المستوى الفني كان متقارباً جداً، والتنظيم في البطولة الأفريقية ارتفع الى مستوى القمة، والحضور الجماهيري في ملاعب القاهرة والاسكندرية والاسماعيلية وبورسعيد وصل الى رقم قياسي في تاريخ المسابقات الافريقية، وقدمت الجماهير المصرية في ملعب القاهرة الدولي بأعلامها وازيائها والوانها لوحات فنية زادت جمالاً عن ملاعب يورو 2004. وقدمت البطولة الأفريقية نجوماً كثيرين الى العالم، بداية بالمشاهير الكاميروني صمويل ايتو والعاجي ديديه دروغبا والنيجيري اوبا فيمي مارتينز والسنغالي الحاج ضيوف، ونهاية بالجدد الذين تعرف العالم عليهم للمرة الأولى أمثال العاجي زوكورا والنيجيريين ميكيل ونسفور واوتاكا وتاي تايو والسنغاليين دومانيسي كامارا وحبيب باي وامدي خاي والغينيين باسكال فيندونو وفودي مانساري واسماعيل بانغورا، والفراعنة عصام الحضري ووائل جمعة ومحمد بركات واحمد حسن ومحمد ابو تريكة وعماد متعب وعمرو زكي. وزاد من روعة البطولة خلوها من أي واقعة تعاطي للمنشطات في كل المباريات، وجاءت النتائج لكل التحليلات سلبية، وحققت الدورة أرباحاً طائلة للمصريين بعد أن تجاوزت مبيعات التذاكر حاجز 15 مليون جنيه، وتركت قدراً ضخماً من المنشآت الرياضية والبنية التحتية التي تحتاجها مصر لسنوات طويلة. واستفاد المصريون من فريق البث التلفزيوني الاسباني الذي اشرف على عمليات الإخراج، وهو الأمر الذي قدم المباريات على الشاشات بأجمل صورة وجعلها مماثلة للمونديال 2002 ويورو 2004. كأس الأمم الأفريقية ال25 لكرة القدم حملت شعار"كروكو نايل"وهو التمساح الذي يعيش في النيل ويركل كرة القدم بذيله، حققت حلماً لكل المصريين، وهو اجتماعهم للمرة الأولى عبر عشرات السنين حول هدف قومي واحد، عجزت السياسة والفنون والحروب عن تحقيقه وتناسى المصريون للمرة الأولى أيضاً صراعهم الممقوت بين التعصب للناديين الكبيرين الأهلي والزمالك، واتفقوا بنسبة كبيرة على الموقف الأخلاقي الذي اتخذه المدرب الوطني حسن شحاتة ضد لاعبه المحترف في توتنهام الانكليزي احمد حسام - ميدو - بايقافه لستة شهور وحرمانه من المباراة النهائية. وزاد من الاهتمام الشعبي للبطولة حرص الرئيس حسني مبارك ورئيس الحكومة احمد نظيف على التدخل والحضور الدائمين، وشهد مبارك ومعه زوجته سوزان مبارك المباراة الأولى لمصر ضد ليبيا، وحفلة الافتتاح وذهب الرئيس الى تدريب المنتخب في ملعب القاهرة الدولي قبل يومين من مباراتهم في نصف النهائي، وأعلن على الملأ عزمه حضور المباراة النهائية قبل أيام من انطلاقها، وتفرغ نجلا الرئيس علاء وجمال مبارك لدعم المنتخب باستمرار، بحضور المران والمباريات والذهاب الى المعسكر يومياً، وافتتح رئيس الوزراء احمد نظيف ملعب القاهرة بعد التجديدات والمركز الصحافي العالمي المتاخم للملعب. اعتراف ومن جانبه، تحدث نائب رئيس الاتحاد الدولي ورئيس الاتحاد الافريقي عيسى حياتو ل"الحياة"مؤكداً أن نهائيات البطولة 2006 رفعت من شأن الكرة الأفريقية على كل الأصعدة، وقدمت للعالم دليلاً دامغاً على تفوقها ومقارعتها للكرة الأوروبية، وهو الأمر الذي يعطي القارة السمراء الحق في مقاعد أخرى في كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا. وأضاف حياتو: كان التنظيم رائعاً ومثالياً في كل المباريات، وهو أمر ليس بغريب على مصر الدولة الرائدة في الكرة الأفريقية وملاعبها تمنحها دائماً القدرة على تنظيم الدورات الرياضية الكبرى عالمياً، وجمهورها بديع ومهذب ويدرك قيمة الروح الرياضية. ورفض حياتو التعليق على النتائج أو على مستوى التحكيم قائلاً: بكل تأكيد المفاجآت هي السمة المميزة لكرة القدم والتي تعطيها البريق والشعبية الدائمين، ولا يمكن لأي فريق أن يفوز باستمرار، ونحن يسعدنا أن تتطور الكرة في القارة بشكل يقارب المستوى بين جميع المنتخبات، وأخطاء الحكام جزء من اللعبة وهي موجودة ومنتشرة في كل البطولات العالمية والأوروبية، وحكام أفريقيا حققوا نجاحاً عالمياً بشهادة خبراء اللعبة. وحرص الاتحاد الافريقي على تقديم جائزتين لأحسن حكم وأحسن مساعد حكم في نهائيات كأس الأمم، وقامت اللجنة العليا للحكام باختيار الحكم المصري عصام عبدالفتاح والمساعد المالي درامان دانتي للحصول على الجائزتين، وفقاً لتقديراتهما في تقارير المراقبين عن الدورة، وتسلم عصام ودرامان الجائزتين بعد المباراة النهائية. على هامش البطولة اختارت اللجنة الفنية للبطولة اللاعب السنغالي دومانيسي كامارا للفوز بجائزة أحسن لاعب في مباراة نيجيرياوالسنغال لتحديد المركز الثالث ومنحت جائزة اللعب النظيف للمهاجم النيجيري اوبافيمي مارتينر. حرص وزير الشباب والرياضة النيجيري سامايلا سامباوا على زيارة معكسر الفريق قبل ساعات من مباراة السنغال في القاهرة، وقدم الى اللاعبين ويلسون اوروما وديلي اينوغبا المبالغ المالية التي سرقت منهما خلال اقامة الفريق في بورسعيد. قام وفد من مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب برئاسة الوزير الاردني مأمون نور الدين بتفقد المنشآت الرياضية والملاعب المصرية في مدينتي القاهرة والاسكندرية عبر اليومين السابقين وحرص على حضور المباراة النهائية لكأس افريقيا في ملعب القاهرة الدولي. في مباراته الدولية الأخيرة قبل إعلان اعتزاله اللعب مع منتخب نيجيريا وجه كابتن النسور الخضر جاي جاي اوكوتشا نداء الى اتحاد بلاده للمحافظة على المدير الفني الشاب اوغتسين اغوافوين في مكانه لضمان مستقبل أفضل لكرة القدم النيجيرية. رفض المدير الفني لمنتخب مصر حسن شحاتة أول من أمس دخول أي ضيف أو شخص من خارج اتحاد كرة القدم الى معسكر المنتخب للحفاظ على هدوء وتركيز لاعبيه، وهو الأمر الذي أدى الى تجمع أكثر من مئة نجم من نجوم الكرة المصرية السابقين حول أبواب المعسكر في مشهد غريب.