أرجع باحثان مصريان لعب الأطفال وفنون العرائس الى عصور سحيقة من تاريخ بلدهما الذي شهد"أول عرض مسرحي للعرائس في العالم"منذ تأسيس"الاسر الفرعونية"التي يعتبرها باحثون أول نظام مستقر للحكم في التاريخ البشري المدون. وقالت سرية عبد الرازق صدقي الاستاذة في كلية التربية الفنية في جامعة حلوان إنّ الأطفال في مصر القديمة هم الذين ابتكروا صنع اللعب والدمى والعرائس من خامات مختلفة بعدما فرغ الكبار من استخدامها، فالتفت الكبار الى أهمية تلك اللعب. وأضافت أن المصريين القدماء كان لهم"الفضل في ابتكار أنواع مختلفة من الالعاب. ففي مقابر"الوزير الحكيم بتاح حتب من الاسرة الخامسة نحو 2494 - 2345 قبل الميلاد نقوش تمثل ألواناً متعددة من ألعابنا الشعبية التي يمارسها أطفال الاحياء الشعبية حتى اليوم مثل النحلة الدوارة على أشكالها والكرات المختلفة وقطع الشطرنج والبلي والصفارات. تلك اللعب القديمة التي يرجع بعضها الى عهد ما قبل الاسر". وقسم علماء المصريات التاريخ المصري الى ثلاثين أسرة تنتهي عام 332 قبل الميلاد بغزو الاسكندر الاكبر وتبدأ بعام 3100 قبل الميلاد على شكل تقريبي، مرجحين أن الملك مينا وحّد شمال البلاد وجنوبها في تلك الفترة. ويطلق على الفترات السابقة"ما قبل الاسر". ونشرت الدراسة في كتاب"الابداعات التشكيلية الموجهة للطفل"الذي صدر متواكباً مع مهرجان يحمل الاسم عينه يتضمن معرضاً تشكيلياً يقام حالياً في قصر الفنون في أرض دار الاوبرا في القاهرة بمشاركة 909 أعمال في فنون مختلفة كاللوحات الفنية والرسوم الصحافية وأفلام الرسوم المتحركة. وضم الكتاب الذي يقع في 216 صفحة ملونة كبيرة القطع دراسات وصوراً للعب للاطفال تعود الى أزمنة فرعونية مختلفة. ومن بين هذه اللعب حصان خشب بعجلات وعروس خشب مستقيمة الساقين تحمل فوق ذراعيها المفرودتين بطة ذات رأس متحرك وكرات مصنوعة من ورق البردى والجلود ودمية خشب استخدمت فيها النقوش والخيوط، اضافة الى ذئب مصنوع من الخشب حيث يمكن تحريك فكه الاسفل فتحاً وغلقاً من خلال خيط صاعد من الفك الاعلى الى الرأس. وقال محمد كشك مدير مسرح القاهرة للعرائس ان هذا الذئب الذي يحتفظ به متحف اللوفر في فرنسا كان أحد الحيوانات المستخدمة في مسرح العرائس في مصر القديمة. وأضاف في دراسة عنوانها"تاريخ فن العرائس"أنّ مصر القديمة شهدت"أول عرض مسرحي للعرائس في العالم". وأشار الى أن أسطورة ايزيس وأوزيريس الفرعونية القديمة كان لها أهمية كبرى في عالم العرائس الفرعونية لما بها من صراع بين الخير والشر والحب والوفاء، وأن الكهنة في معابد مصر القديمة كانوا يقومون"بتمثيل مسرحية أوزيريس في معابدهم بعرائس الماريونيت وهي عرائس تتحرك بالخيوط ولا يحضرها العروض، الا من يقوم بالاعداد والاخراج والتمثيل عرائسياً، لانّ بعض الفصول كانت تعتبر سراً حيث كانوا يشرحون في المسرحية حوادث قصة ايزيس وأوزيريس". وأضاف أن بقية فصول المسرحية كانت تقدم علناً أمام الجمهور حيث كان للعرائس دور مهم في المعابد والحياة العامة"وكان هذا أول عرض مسرحي للعرائس في العالم". وأشار الباحثان الى توارث فنون العرائس في مصر ومن أشهرها العرائس الزاهية التي تصنع من الحلوى وغيرها والتي تعود الى عصر الفاطميين الذين حكموا مصر بين عامي 969 و1191 ميلادية. ويستمر المهرجان حتى 20 شباط فبراير حيث تقام على هامشه ورش فنية يشارك فيها الاطفال بهدف مساعدتهم في ابتكار شخصيات تصلح لافلام الرسوم المتحركة والافلام التي تعتمد على مادة الصلصال. كما ينظم المهرجان أربع ندوات حول حاضر الرسوم المتحركة ومسرح العرائس والرسوم الصحافية وثقافة الطفل بمشاركة متخصصين منهم ناجي شاكر وحلمي التوني وصلاح بيصار وفرغلي عبدالحفيظ وفايزة حسين وزينب زمزم وعلي مهيب ويعقوب الشاروني.