"من فضلك يا دكتور ابني يقضم أظافره، وقد حاولت معه شتى الوسائل، الا انني لم أفلح في ردعه ومنعه من المواظبة في عادته السيئة هذه، فماذا أفعل؟". عادة قضم الأظافر شائعة نوعاً ما لدى الصغار، فالاستطلاعات تشير الى ان 15 في المئة من الاطفال والمراهقين يشكون منها، وهي تظهر عند الجنسين معاً بنسب متساوية، ولكنها تبدأ باكراً عند الفتيات مقارنة مع الذكور، كما انها تختفي باكراً عندهن. وتبلغ ظاهرة قضم الاظافر أوجها عند الاطفال الذين تراوح اعمارهم بين 10 و13 عاماًً، وهذا القضم لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالحال العقلية، لكن الشيء اللافت هو ان عادة القضم هذه منتشرة عند مفرطي الحركة، والمتسلطين من الاطفال الذين يعيشون حياة انطوائية نادراً ما يعبّرون فيها عن احساسيهم ومشاعرهم. وقضم الاظافر يشاهد عادة عند الاطفال الذين يعانون خللاً على صعيد التوازن النفسي - الجسماني، فالقضم هنا ما هو الا رد فعل تجاه مواقف مقلقة وحرجة يتعرض لها الطفل، ولهذا نجد ان ظاهرة قضم الاظافر منتشرة لدى العوائل المفككة، فالطفل هنا يتعرض لظروف عاطفية صعبة تمهد لاستيطان عادة القضم والتي تكون هنا بمثابة بوابة النجاة التي يجد فيها الطفل مخرجاً للتخلص من عبء الضغوط النفسية التي حلت به. ورب سائل ما هي اسباب عادة قضم الاظافر؟ لا سبب واحداً ومؤكداً ولكن هناك فرضيات متعددة. هناك من العلماء من يقول ان وجود منعطف في التكوين النفسي للطفل هو الذي يحرض على ظهور عادة القضم عنده. وفي شكل عام يمكن القول ان الطفل الذي يقضم أظافره هو مخلوق حساس، عاطفي، لكنه عدواني نوعاً ما في سلوكه وتصرفاته: وكرد فعل على العدوانية يلجأ الى قضم اظافره ليعاقب ذاته. هناك نقطة ايجابية يمكن ان تسجل لعادة القضم هي انها تخلق نوعاً من العلاقة القوية بين الطفل وأمه، على رغم الاستفزاز الذي تسببه هذه العادة للوالدة. ما العمل لمنع الطفل من قضم اظافره؟ قبل كل شيء يجب التنويه الى نقطة في غاية الاهمية، وهي ضرورة عدم اللجوء الى الاساليب القميعة القديمة لردع الطفل عن المثابرة في عادته مثل ربط يدي الطفل، أو وضع مواد مقززة على الاصابع، أو استعمال طرق للتهديد والوعيد... ان مثل هذه الحلول لا ولن تعطي أي نتيجة، بل هي تزيد الطين بلة. يجب على الاهل ان يعرفوا ان الطفل يمكن ان يتنازل عن عادته عندما يكون مستعداً لذلك، وهذا الاستعداد لا يكون بين يوم وآخر، بل يأتي بعد توفير الظروف المواتية التي تساعد على ذلك، وعندما يلاحظ الأهل وجود هذه النية فعلاً عند طفلهم فبإمكانهم ان يوجهوه ليقلع عنها، ولمَ لا استعمال"الرشوة"اذا صح التعبير، لمكافأة الطفل على مجهوده، ولكن يجب الحذر هنا، لأن للرشوة سيئاتها، فالطفل قد يستخدمها للابتزاز بهدف الحصول على ما يريد، واذا لم يحصل على مبتغاه فإنه قد يعود الى قضم اظافره في شكل أسوأ من السابق. والمهم في عادة القضم هو ان يتعامل الاهل مع الطفل بحكمة وروية وبإعصاب هادئة، لتقديم العون للطفل كي يقلع عن عادته من دون اللجوء الى الاساليب الملتوية خصوصاً تأنيبه أمام الآخرين.