مسؤول إسرائيلي: سنقبل ب«هدنة» في لبنان وليس إنهاء الحرب    السعودية تتصدر العالم بأكبر تجمع غذائي من نوعه في موسوعة غينيس    الصحة الفلسطينية : الاحتلال يرتكب 7160 مجزرة بحق العائلات في غزة    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    التعليم : اكثر من 7 ٪؜ من الطلاب حققوا أداء عالي في جميع الاختبارات الوطنية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة يحصد 4 جوائز للتميز في الارتقاء بتجربة المريض من مؤتمر تجربة المريض وورشة عمل مجلس الضمان الصحي    «الإحصاء»: الرياض الأعلى استهلاكاً للطاقة الكهربائية للقطاع السكني بنسبة 28.1 %    الطائرة الإغاثية السعودية ال 24 تصل إلى لبنان    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    السعودية الأولى عالميًا في رأس المال البشري الرقمي    سجن سعد الصغير 3 سنوات    حرفية سعودية    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    فصل التوائم.. أطفال سفراء    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    ألوان الطيف    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    القتال على عدة جبهات    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    خادم الحرمين يوجه بتمديد العمل ب"حساب المواطن" والدعم الإضافي لعام كامل    كلنا يا سيادة الرئيس!    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوارات غير منشورة كانت تنتظر استكمالها وموافقته على التوقيت . رفيق الحريري : راداري يلتقط سريعاً من يقتربون مني طمعاً بالمال الثالثة والأخيرة
نشر في الحياة يوم 02 - 01 - 2007

قبل عامين كنت في باريس وعرفت بالصدفة ان الرئيس الحريري وصل فجأة اليها. اتصلت به وذهبت اليه. بدا قلقاً من الأوضاع العراقية والفلسطينية. قال ان لبنان يحتاج الى مناخات جديدة وان سياسة العرقلة التي ينتهجها فريق الرئيس اميل لحود تحول دون تحقيق انجازات. تطرق الى سلبية الشارع المسيحي منتقداً أسلوب التعامل معه.
وقال:"المسيحيون المشاركون في الحكم هم الأقل تمثيلاً. ميشال عون الموجود في المنفى أكثر شعبية منهم وسمير جعجع الموجود في السجن أكثر شعبية منهم".
سالته إذا كانت هناك قنوات بينه وبين عون فأجاب:"هذا الملف ليس عندي. بصراحة غير مسموح لي ان أتدخل فيه. لو فتحت حواراً مع عون سيعتبرون ذلك مشروع انقلاب على لحود وسورية معاً".
سالته عن الملف القضائي لعون والاتهامات الموجهة اليه فرد مبتسماً:"تتفق مع عون أو تختلف معه لا بد لك من الاعتراف بأن هذا الملف سياسي. للأسف لقد نجحوا في برمجة القضاء وهذا الأمر خطير". قلت له ألهذا السبب يشكك أصدقاء جعجع في قصة تفجير كنيسة الذوق التي كانت السبب في استدراجه الى التوقيف والسجن؟ وفوجئت به يجيب:"أنا أيضاً لدي علامات استفهام حول هذه الحادثة. هذا الموضوع صعب ولا أريد التحدث فيه".
أترك هنا ما دار في ذلك اللقاء الذي انشغل الحريري فيه في قراءة الوضعين الاقليمي والدولي وأعود الى لقاء سردينيا وهنا نص الحلقة الأخيرة:
نريد ان نسأل أين ولدت وفي أي بيئة؟
- قصتي بسيطة. والدتي، رحمها الله، انجبت خمسة أولاد توفي منهما اثنان الأول ولد في الشهر التاسع وتوفي والثاني عاش عشرة اشهر وتوفي بعدما أصيب بمرض معوي. لم يكن الطب متقدماً مثل اليوم. هكذا نشأنا ثلاثة أنا وأخي وليد، ونسميه شفيق، وشقيقتي بهية وهي نائبة في البرلمان اليوم. ولدت في عائلة متواضعة ومتماسكة. والدي ووالدتي كانا من المؤمنين بالله سبحانه وتعالى ومن المحبين للناس. انها تلك القيم الدينية والانسانية البسيطة التي تقوم على محبة الجار والقريب. واحترام الآخر. لم اسمع في صغري كلاماً مسيئاً بحق الآخرين ولا كلاماً نابياً. كانت تربطهما بعائلة والدي ووالدتي علاقات قوية تقوم على التزاور والتعاضد والمشاركة في الأفراح وفي الاحزان.
استطيع القول أنني نشأت في جو طبيعي. الأم تعطي لعائلتها اقصى ما تستطيع من الحنان والرعاية والاب يقدم لعائلته أقصى ما يستطيع من الجهد والاهتمام والعطف. لم تؤد الصعوبات المالية التي كانت العائلة تعيشها الى توتير الأجواء أو تنامي مشاعر الحقد والحسد. وربما هذه الصعوبات نفسها زادت من إصرار والدي على توفير مناخ من الحب والحنان والعطف. في العائلة التقليدية كانت الانانية غائبة. يقدم الأهل لأولادهم بلا حساب. ويقدم الأخ لأخيه بلا حساب أو مقابل. ولدت في منزل خارج صيدا القديمة على مقربة من ساحة النجمة في أول طريق جزين.
والوضع العائلي"
- كان لدى جدي، رحمه الله، بعض الأملاك. وكانت أوضاعه معقولة على ما رواه لي والدي فأنا لم أعرف جدي. ورث والدي بضع قطع بسيطة من الارض ثم عمل في التجارة وكان حريصاً على سمعته واسمه. أذكر، على رغم صغر سني آنذاك، انه عندما حدثت كارثة ثلجية في لبنان وقضت على المواسم أصيب والدي بخسائر كبيرة لأنه كان قد ضمن مجموعة بساتين. اضطر والدي الى بيع كل شيء ليسدد التزاماته وكي لا يعلن إفلاسه. سيطرت تلك الحادثة على تفكيرنا من زاويتين: الأول أهمية الوفاء بالالتزامات مهما كان الثمن، والثاني غياب دولة تعويض الخسائر أو بعضها أي غياب بعد التكافل الاجتماعي لدى الدولة. بمعنى ان الخاسر المباشر تحمل العبء كله ولم يشاركه المجتمع. من دون ان يقصد علمني والدي درساً عزيزاً على قلبي مفاده ان من الأفضل ان تخسر من مالك أو مالك على ان تخسر من سمعتك. اي الأفضل ان يهتز وضعك المالي ولا تهتز ثقة الآخرين بك. والحقيقة ان المال يأتي ويذهب في حين ان السمعة لا تقبل التفريط. من الأسهل ان تعيد بناء رصيدك في البنك من ان تعيد بناء رصيدك لدى الناس وبغض النظر عن حجم الأول والثاني.
وعلمت لاحقاً ان المبلغ الذي جمعه والدي من بيع كل أملاكه لم يكن كافياً فلجأت والدتي وهي من آل حجازي من صيدا الى بيع ما لديها من مصاغ لإكمال تسديد الالتزامات. هكذا تحول والدي من رب عمل الى عامل. عندما حصلت الكارثة الثلجية كان عمري أقل من سبع سنوات. أثرت بقوة على طريقة حياتنا إذ صار على والدي ان يكافح أكثر من ذي قبل ليوفر لنا شروط العيش والتعليم. كنت صغيراً لكن ما حدث بقي محفوراً في ذاكرتي. أذكر ان والدتي تأثرت جداً بما حصل وان والدي تمالك أعصابه وقال لها هذا أمر الله وعلينا ان نعمل.
وبعد ذلك؟
- شعرت أنا ايضاً ان علي ان أتحمل مسؤوليتي تجاه الوضع الجديد وفي ايام العطل المدرسية كنت أرافق والدي واعمل معه في بساتين الجنوب. أنا أعرف بساتين الجنوب لأنني عملت فيها أثناء متابعتي دراستي.
اين تعلمت؟
- أرسلني أهلي الى مدرسة فيصل وكانت أقساطها بسيطة. أعفتني المدرسة من القسط لأن علاماتي كانت جيدة. بعدها انتقلت الى المقاصد ومنها الى جامعة بيروت العربية. الحقيقة انها كانت سنوات صعبة. كنت أعمال في أيام العطل الاسبوعية وفي فترة الصيف ايضاً. طبعاً كان الوضع مؤلماً بالنسبة الى والدي. ثمة فارق بين ان تكون رب العمل وان تعمل لدى الآخرين. منذ تلك الايام صممت ان أوفي هذا الرجل حقه إذا أكرمني الله وتحسنت أحوالي ذات يوم.
هل كان والدك صارماً؟
- كان ذكياً بالفطرة وطيب القلب وقريباً من الناس. كانت علاقته بالناس طيبة. يضحك ويمزح ويبادله الناس المشاعر نفسها. لم يكن والدي صارماً والأمر نفسه بالنسبة الى والدتي. طبعاً كان لديهما تمسك كامل بالقيم الدينية والاخلاقية.
الم تكن كمراهق تصطدم بوالدك؟
- أنا لم أعش مراهقتي لأصطدم بأحد بسببها. كنت في المدرسة أو في الشغل أو كنت أهتم بالقضايا المطروحة.
القومية العربية
ماذا كان انتماؤك السياسي في أول شبابك؟
- كنت من الشبان الذين أثارت اهتمامهم فكرة القومية العربية وتعرفت على عدد من قادة هذا التيار قبل بلوغي العشرين.
يقولون انك انتسبت الى"منظمة العمل الشيوعي"؟
- لا.
لم تدخل اي حزب؟
- لا. كانت لدي ميول وصداقات. كنت في خط حركة القوميين العرب وعملت لبعض الوقت في مجلة"الحرية". كان هناك محسن ابراهيم ومحمد كشلي وسامي مشاقو وغسان كنفاني رحمه الله.
هل صحيح انك شاركت في توزيع بيانات تعارض الانفصال بين مصر وسورية؟
- نعم. وكنا نسير في التظاهرات. أذكر انني كنت أحمل سامي الشعار، وكان أكثر سمنة من الآن، على كتفي في التظاهرات. وانتخبت في جامعة بيروت العربية في اتحاد الطلبة.
هل أرست تلك المرحلة علاقة صداقك بينك وبين محسن ابراهيم؟
- حصلت صداقة وباعدت الأيام بيننا بسبب سفري وانشغاله بالموضوع الفلسطيني وحين كنت في الحكم كنا على طرفي نقيض. لكن ابو خالد دمه خفيف. تختلف معه في السياسة وتتفق معه في خفة الدم.
منظار مختلف
نشأت في صيدا، من كان النموذج في ذهنك، عبدالناصر؟
- أنا جزء من جيل تفتح ذهنه على فكرة القومية العربية بعيداً عن الطائفية والمذهبية. كان هناك موضوع فلسطين. اندفع الجيل الشاب آنذاك نحو الشعارات التي نادى بها عبدالناصر. عندما حصلت النكسة في 1967 طرحت اسئلة كثيرة وتحتم علينا التساؤل عن الخطأ والصواب. كانت هناك موجة تأييد عارمة لعبدالناصر من دون التوقف عند الصواب والخطأ. بعد 1967 بدأ قسم من الشباب يرى الأمور بصورة مختلفة. في هذا الوقت كنت قد صرت في السعودية. هناك بدأت أرى الأمور بمنظار مختلف. في السابق كنا نستمتع الى ما يقوله عبدالناصر واليسار عن الدول النفطية ولم نكن نعرف واقع الحال في تلك الدول. عندما ذهبت الى السعودية رأيت الواقع مختلفاً. أنا عايشت تجربة المملكة العربية السعودية من 1965 حتى الآن. أدركت ان هذه الدول استطاعت في المحصلة النهائية ان تبني بنيتها التحتية وان تطور نفسها وان تبني انسانها وان تتحول الى قوة مؤثرة في المنطقة والعالم. كل ذلك بهدوء وبعيداً عن الضجيج والمبالغات والشعارات البراقة. حققت هذه الدول تقدماً مستمراً وغير بطيء. لم تقم بحرق المراحل لكنها تخطت فعلياً مرحلة التخلف التي كانت قائمة منذ مئات السنين واستخدمت الثروة في نقل الانسان، في هذه الدول، خصوصاً في السعودية، من حال الى حال. أوجدت هذه الدول طبقة وسطى مهمة جداً. التطور كان كبيراً على صعيد الانسان نفسه قبل ان يتجلى التطور في المنشآت والطرقات. هناك فرص التعليم ونظام للتأمينات الاجتماعية من الأكثر تقدماً في العالم وهناك الضمانات الصحية. كل ذلك بهدوء.
عملت في دار"الصياد"؟
- نعم عملت في"الصياد"في المحاسبة وفي الليل كنت مصححاً في صحيفة"الأنوار"وأتابع دراستي في الجامعة العربية في فرع المحاسبة وادارة الاعمال.
الراتب الأول... والقطاف
كم كان أول راتب قبضته؟
- عندما كنت صغيراً وأعمل في البساتين كنت أحصل على خمس ليرات في النهار أي نحو دولارين ونصف. كنت اشارك في القطاف وفي حمل الصناديق. في الصيف كنت أعمل في قطف التفاح وتعليب التفاح. عملت في بلدات جبل لبنان والبقاع والشمال. أعرفها من العمل لا من الاجازات الصيفية. كنت أجمع بعض ما أحصله صيفاً لأتابع دراستي شتاء. نعم عملت في التفاح في بشري وأهدن وكسروان. لا أذكر تحديداً أول راتب تقاضيته، لكنه كان في حدود المئتي ليرة.
ماذا كانت هواياتك؟
- لا هوايات. لا الوقت موجود ولا الوضع يسمح. ربما لهذا السبب اعرف معنى ان يحرم تلميذ من مدرسة جيدة ومن ان تكون له هوايات وأعرف معاناة الأهل حيال وضع من هذا النوع.
في السعودية
متى قررت الذهاب الى السعودية؟
- كان الأمر مجرد صدفة. قرأت في احدى الصحف المحلية اعلاناً يتحدث عن الحاجة الى مدرس فقدمت طلباً. اعتقد انني اللبناني الوحيد الذي ذهب في ذلك العام 1965. ذهبت وبدأت أدرس في احدى المدارس في جدة. كنت في الواحدة والعشرين من عمري وكنت متزوجاً. كان راتبي في حدود ستمائة ريال شهرياً اي الحد الأدنى. لم تكن تحسم من هذا المبلغ ضرائب باستثناء ما كان يعرف ب"طوابع طرق"ونسبتها 2 في المئة، أي 12 ريالاً. هذا يعني انني كنت اتقاضى 588 ريالاً شهرياً. لهذا كنت أعمل بعد الظهر في مكتب محاسبة. وبين دوامي الوظيفتين كنت أعطي دروساً خصوصية للطلاب. هذا جعل دخلي يتراوح بين 1200 و1300 ريال شهرياً. بدأت باتفاق على 600 ريال لكنني وبعد عشرين يوماً فقط سعيت الى زيادة دخلي.
ما دفعني الى الذهاب السعودية شعوري بأن ذلك البلد تتوافر فيه فرص غير موجودة في لبنان، وكان رأيي صحيحاً. درست فترة سبعة أو ثمانية أشهر ثم عملت في مكتب للمحاسبة ما يزيد على سنة وانتقلت الى شركة مقاولات.
عالم المقاولات
كيف كانت انطلاقتك بعد ذلك؟
- كما قلت عملت في شركة مقاولات نحو خمس سنوات تعلمت خلالها المهنة. بدأ وضعي يتحسن ومررت بمراحل صعود وهبوط. عندما حدثت حرب 1973 ارتفعت الاسعار كنا قد اخذنا اشغالاً بأسعار منخفضة. ارتفت اسعار النفط وكذلك اسعار المواد الأولية. صارت كلفة الالتزامات عالية جداً وأصبنا بخسائر كبيرة. هنا في 1973 كنت بدأت أعمل لحسابي بعدما تعلمت أصول المقاولات. كنا نأخذ مقاولات من الباطن Subcontractor. اعمال في الطرق والجسور الصغيرة والعبارات والحمايات على جوانب الطرق. في 1973 بقيت أسعار العقود التي وقعناها على ما هي عليه وارتفعت أسعار المواد والعمالة فخسرنا. كان لا بد من الصبر. لاحقاً وفقنا في شغل آخر وكانت السوق بدأت تتوازن. ربحنا في الشغل الجديد فسددنا ديوننا. كانت هذه اللبنة الأولى في بناء الثقة مع المؤسسات المالية والسوق.
ومشروع البناء في الطائف؟
- في تلك المرحلة. ولم آخذ أنا المشروع بل أخذت مقاولة من الباطن. ارباح كانت بسيطة لكن صار لدينا فوائض سددنا فيها الديون. كنت أعمل مع آخرين لفترة ثم توافقنا على الافتراق اذ لكل منا طريقته في العمل. الانفصال كان حبياً ومن دون خلافات.
المليون الأول... والغرور
نريد ان نعرف قصة المليون الأول، متى نمت في رصيدك أول مليون دولار؟
- كان عمري 31 عاماً حين صار لدي أول مليون دولار.
من أين جاء؟
- من العمل. أنا لم أعمل في غير المقاولات. لم أحصل مالاً لا من عمولات ولا من وساطات. المقاولات هي ميداني الوحيد.
من مشروع قصر المؤتمرات في الطائف؟
- من مجموعة مشاريع منها الطائف ومنها الهدى ومستشفى. بعد أن أسسنا شركة"سعودي اوجيه". حين أسست، اعتقد في 1976، كانت حصتي صغيرة فيها. بعدها اشتريت حصص الآخرين.
ماذا يشعر المرء حين يمتلك المليون الأول؟
- أريد ان اجيبك بصدق كامل. حين يمتلك شاب مثل هذا المبلغ يصاب بنوع من الغرور والشعور بالنجاح وربما بالتفوق. هذه حالة مرضية. اعترف انني اصبت بشيء من ذلك. أحمد الله لأن هذه المرحلة لم تدم طويلاًَ لدي. دامت نحو سبعة أشهر.
شعرت يومذاك ان رفيق الحريري قوي؟
- يضحك شعرت ان رفيق الحريري قوي وقبضاي وذكي ودمه خفيف. النكتة التي يرويها تثير الضحك. والفكرة التي يطرحها ممتازة وتثير الاهتمام. انها مبالغات الشباب. اشكر الله ان تلك الفترة لم تدم طويلاً وهذا يرجع في اعتقادي الى أمرين: الأول التربية في البيت والثاني الجو العام في المملكة العربية السعودية. الجو العام في السعودية يغلب عليه التواضع ولا يقبل هذا النوع من السلوك. الجو لا يسمح بالفظاظة ويشدد على التمسك بالبساطة والقيم واحترام الآخر. عدم مراعاة هذه القواعد تجعلك غريباً ومنبوذاً. ربما كان هناك شيء من التبرير لشاب مثلي جاء من لبنان ومن وضع مالي مسحوق ومر في ظروف صعبة ان يصاب بشيء من الغرور لدى تحسن أوضاعه. لم يتحسن وضعي وحدي تحسن وضع معظم من عملوا في المقاولات آنذاك. حظي انني طويت صفحة النشوة هذه سريعاً في حين ان هناك من لازمتهم حتى اليوم.
هل يصاب المرء بسبعة شهور مشابهة حين يتولى رئاسة الحكومة؟
- المال كما المواقع كما السلطة السياسية كلها أنواع من السلطة. اذا كان لديك الاستعداد للتكبر والغرور واذا لم تكن قدماك على الارض كما يقولون يمكن للمرء ان يصاب بالغرور سنوات طويلة. أكرمني الله سبحانه وتعالى بأمور كثيرة لكن من أبرز ما أكرمني به هو ان فترة الغرور انتهت سريعاً.
ويلعب جيش المداحين دوره؟
- على المرء ان يصارح نفسه وأن تكون لديه الجرأة لمعرفة حدود الأشياء. يتعرض صاحب الموقع لمثل ما تقول أو بعضه. تقول شيئاً عادياً فيأتي من يقول لك ان ما قلته رائع وخارق. يكون وزنك 130 كيلوغراماً وتعثر على من يعتبرك صاحب قوام ممشوق. بعض الكلام عن حسن نية وبعضه جزء من اسلوب. المهم ان تكون لدى المرء جرأة التحديق في نفسه. لا أقول ان المرء يجب ألا يفرح بنجاحه أو بما ينجزه. الانسان يحب النجاح ومن حقه أن يبتهج بثمار جهده لكن ليس من حق صاحب المال أو السلطة ان يصاب بالعمى فلا يرى الا الألوان التي يريد ولا يسمع الا الأصوات التي يريد.
وهل يصاب المرء بسبعة أشهر مختلفة اذا غادر السلطة؟
- يضحك هناك من يصاب بالمرارة لا الغرور. هذه ليست حالتي. دوري لم يبدأ مع تولي رئاسة الوزراء ولم ينته مع مغادرتها.
ثمة من يقول انك تعشق السلطة وان الاقامة خارجها تزعجك؟
- لو كنت أعشق السلطة كما تقول لبقيت حيث كنت. للوجود في السلطة هدف وللنجاح فيها شروط ومن الأفضل للسياسي أن يكون خارجها حين لا تتوافر شروط النجاح.
ويقولون ان كلمة الرئيس السابق مؤذية؟
- ربما تكون مؤذية لمن يكون دوره مرهوناً بوجوده في السلطة. في الديموقراطية لا الألقاب دائمة ولا المواقع.
لم اجرؤ على الحلم
عندما ذهبت الى السعودية هل كانت في بالك صورة نجاح لبناني ما؟ اميل البستاني مثلاً أو غيره؟
- هنا يجب ان اعترف. أنا لم اجرؤ على الحلم بأن أصل الى ما وصلت اليه. لقد حققت اشياء كثيرة لم أكن أحلم بتحقيقها.
بماذا تشعر حين تقف قبالة المرآة؟
- أحياناً أكاد لا اصدق ان رفيق الحريري الذي انطلق من الصفر تمكن من الوصول الى ما يتخطى أحلامه. طبعاً أنا الآن غير ما كنت عليه قبل سنوات. التجربة مدرسة لمن يحسن القراءة. لكنني اقول ان بين ما أفخر به في حياتي هو ان الأمور الأساسية في داخلي لم تتغير.
وهي؟
- لا أزال أنظر الى نفسي آخذاً في الاعتبار انني شاب انطلق فقيراً وعمل في البساتين وأهله وأقاربه هم من البسطاء الذين تربطهم به مودة. في المناسبات الاجتماعية ندعو الأقارب اشعر ان لهفة هؤلاء الناس تجاهنا جميلة وحميمة وخالصة ومنزهة. المال لا يوفر مثل هذا الشعور. هناك من لم يستفد منك ولم يطلب ولم تقدم له شيئاً وتراه يبادرك بعاطفة بعيدة عن الأغراض.
ألا تشعر ان الذين يتقربون منك يريدون مالاً؟
- هناك من هم على هذا النحو. أعرف ذلك ولدي حساسية تجاه هذه القصة. راداري يلتقط هؤلاء الناس بسرعة سواء ظهر علي ذلك أم لم يظهر. لكن من الظلم اعتبار ان كل من يظهر لك الود يحمل مطلباً. أقول ذلك في ضوء تجربتي. أنا مثلاً أحافظ على صداقاتي القديمة.
يقولون انك متعلق ببنتك جداً؟
- نعم متعلق بعائلتي. هند هي الصغيرة وظريفة جداً.
كيف تحاول حماية أولادك من كونك غنياً وشهيراً وتحت الاضواء؟
- اعتقد اننا نجحنا حتى الساعة.
هل يستطيعون العيش بصورة عادية؟
- اننا نحاول أن نوفر لهم ذلك.
هل نجحت التجربة مع الشبان؟
- نعم. انهم يعيشون عيشة عادية، يتصرفون بتواضع ومسؤولية وتخرجوا من الجامعات باستثناء الصغير.
هل أنت عصبي تهبط معنوياتك إذا خسرت وتنرفز فينعكس ذلك على جو البيت؟
- أعوذ بالله، ثم انني لم أخسر في السياسة. غيري يخسر. كي تفهمني يجب أن تعرف حقيقة أساسية. لا قيمة للمال عندي. المال لا يعني لي شيئاً.
كم مليونيراً خرجوا من مؤسساتك أو بفضل الصداقة معك؟ هل تفرحك قدرتك على تغيير المصائر؟
- ساعدت كثيرين في حياتي. لكنك لا تستطيع أن تساعد الناس كل الوقت. تعطي فرصة لشخص فإن كان مؤهلاً يتابع طريقه.
هل تسببت في ولادة مئتي مليونير مثلاً؟
- ممكن. كثيرون ساعدتهم ونجحوا. ربما بين الذين أعطيتهم منحاً تعليمية من صار مليونيراً. أنا غيرت مصير 30 ألف شخص بتعليمهم.
بماذا يشعر من يستطيع تغيير المصائر؟
- مرة كنت جالساً مع زوجتي في مقهى ال"سيتي كافيه"، اقتربت صبية حلوة وسلمت علي وقالت:"أنا من مؤسسة الحريري. أنا من الخريجات. أتمنى أن ادعوك الى عرسي وهو الأسبوع المقبل". هذه المشاهد تتكرر معي. معظم من ساعدناهم لا أعرفهم.
في السياسة يقولون انك تهتم بالشخص إذا كان دوره ضرورياً لك وحين ينتهي هذا الدور لديك القدرة على نسيانه؟
- هذا غير صحيح. أنا عكس ذلك. نقطة ضعفي انني احافظ على صداقاتي.
ألم يؤثر صعود نجمك في السنوات العشر الأخيرة على علاقتك مع زوجتك؟
- لا مشكلة أبداً. أنا أحب زوجتي. أحبها جدياً واقدرها.
لماذا؟
- لأنها سيدة بكل معنى الكلمة.
ألم تعرقل طموحك؟
بالعكس كانت عاملاً مساعداً. سيدة تبيّض الوجه في المجتمع وتحب الناس ويحبونها وأنيقة وذكية.
هل ستكون في الحكم في العام 2000؟
- أنا الآن في المعارضة؟
هل كان يوماً ثقيلاً اليوم الأول بلا رئاسة الحكومة؟
- نعم ثقيل، لكنه لم يكن مفاجئاً بالنسبة لي. صدقني انني لست متمسكاً بموضوع السلطة.
أي ألوان تحب؟
- في اللبس أفضل الكحلي والألوان مثل الكريم. أحب القمصان الزرقاء.
أي محل في العالم يجتذبك؟
- هنا، سردينيا لأنها هادئة.
هل لديك وقت للقراءة؟
- قبل عملي في السياسة كنت قارئاً جيداً جداً. تاريخ وأديان. أنا قرأت العهد القديم بأكمله. كنت قارئاً نهماً. التاريخ العربي والإسلامي. كل كتب نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ومصطفى لطفي المنفلوطي والترجمات العالمية للكتب الأساسية:"وداعاً ايها السلاح"و"الشيخ والبحر" و"الحرب والسلم"وغوركي والبرتو مورافيا.
من تحب من المطربات والمطربين؟
- فيروز وفريد الأطرش وعبدالوهاب.
هل لديك هاجس التاريخ، وكيف ستكون صورتك؟
- يهمني لكنه ليس هاجساً. اعتقد أن الأمر يتحول هاجساً في مرحلة من العمر والعمل السياسي.
ماذا تتوقع أن يكتب عنك في التاريخ؟
- أتوقع أن يكتب عني انني أعدت بناء البلد.
هل تقصد أن يرتبط اسمك باسم مدينة؟
- لعله ارتبط الآن على الاقل بإعادة بناء بيروت وورشة الإعمار على رغم كل الحملات والتشويهات.
ألا تخاف من أن يكون التاريخ ظالماً؟
- صعب أن يكون ظالماً إذا كتب بانصاف.
مع الملك فهد
كيف توطدت علاقاتك في السعودية؟
- ناصر الرشيد صديق عزيز وأخ. درس في الولايات المتحدة ونال دكتوراه في الهندسة. اختط لنفسه طريقاً كما فعلت أنا. لم يفكر في العمولات. اختار ان يكون استشارياً وأنا اخترت ان أكون مقاولاً. واستمر العمل حتى اليوم. هو يأخذ شغلاً من الحكومة وأنا أنفذ شغلاً للحكومة. نحن لم نهتم بدور الوسيط بمعنى استقدام شركات اجنبية وتقاضي عمولات. طريقتنا كانت مختلفة. انه شخص محترم جداً وعلاقتنا قوية ومستمرة حتى اليوم.
يقولون انه لعب دوراً في قيام العلاقة بينك وبين الملك فهد بن عبدالعزيز؟
- الحقيقة ان الأمور جاءت طبيعية. كان الدكتور ناصر الرشيد استشارياً للملك خالد وللأمير فهد الذي كان ولياً للعهد. نحن كنا الشركة التي نفذت العمل. هكذا نشأت العلاقة. الملك فهد يهتم شخصياً بمتابعة الأمور التي يعتبرها مهمة للدولة. العلاقة مع الملك فهد بنيت خطوة خطوة وأساسها مسألة بسيطة هي الثقة. أنا اعتقد انه في العلاقات الانسانية لا يمكن القيام بأي شيء من دون الثقة. الثقة هي الاساس. لا تقوم علاقة قوية ودائمة الا اذا ارتكزت على الثقة. كنا وما زلنا صادقين مع خادم الحرمين الشريفين وهو أعطانا ثقته وانتقلت مني الى ابني سعد الذي تسلم الاشغال. أنا قليلاً ما أتدخل حالياً. الحقيقة ان علاقات الثقة هي مع الملك فهد ومع الأمير عبدالله والأمير سلطان والأمير نايف والأمير سلمان ومع العائلة ككل. انها علاقة مبنية على الاحترام المتبادل والثقة.
في أي سنة بدأت علاقتك مع الملك فهد؟
- في 1977 - 1978.
تبدو هذه العلاقة مع الملك فهد مميزة ماذا تذكر من محطاتها؟
- أثمن ما يمكن ان يحصل عليه المرء هو ان يكون موثوقاً من الآخرين وان يتصرف بصدق وأمانة واخلاص. انا اعتبرت دائماً ان حبل الكذب قصير.
الملك فهد شخصية مميزة وفريدة. محب للعمل وللخير وللانجاز. الانجاز مسألة اساسية لديه وترك بصمات واضحة في المملكة العربية السعودية. دوره في قيام الطبقة الوسطى حاسم. من أهم الاشياء في السعودية وجود طبقة وسطى عريضة جعلت الناس يرون مصلحتهم في استقرار النظام. دور الملك فهد مميز في البناء وفي التعليم وفي السياسة الحكيمة.
العلاقات مع الأمير عبدالله ترتكز على المبدأ نفسه. واذا شئت اختصار شخصية الأمير عبدالله بكلمة تستطيع القول انه فارس. لديه فضائل الشجاعة والمروءة والوفاء. اعتقد انه سيقود المملكة، بعد الملك فهد، بحكمة نحو الأفضل.
هل هو عنصر الثقة الذي أبقى مؤسساتك تعمل في السعودية حتى حين كانت الظروف المالية صعبة؟
- كل الدول تمر بصعوبات. اعتقد ان بعض الصحافة الأجنبية ضخم هذه الصعوبات في اطار حملة على المملكة نتيجة لمواقفها القومية. حصلت صعوبات لكن السعودية تملك القدرة على تجاوزها.
ماذا تذكر من معايشتك للملك فهد؟
- ذات يوم وخلال الحرب العراقية - الايرانية خرقت طائرات ايرانية الأجواء السعودية فتصدت لها الطائرات السعودية والدفاعات الأرضية فتم اسقاط طائرتين ايرانيتين واصابة ثالثة. كنا مع الملك فهد حين أبلغ بالحادث. انتظر قليلاً ثم أمر بأن يتم الاعلان عن اسقاط طائرة واحدة. سألناه عن السبب فأجاب: اذا أعلنا عن اصابة ثلاث طائرات نكون كمن يهين الجيش الايراني. نحن لا نريد مواجهة مع ايران أو مشكلة معها. اذا أهنت الجيش الايراني علانية يشعر ان من واجبه ان يرد. الجيش الايراني يعرف ماذا حصل ولا ضرورة لاخراج الحادث كله الى العلن.
الواقعة تشير الى حكمة الملك فهد وهي تجلت ايضاً في محطات اخرى خلال تلك الحرب التي كانت حساسة جداً بالنسبة الى المنطقة. بهذه الروحية تعاطى مع مشكلة الحج والحجاج. عثر الملك فهد دائماً على وسيلة لتنفيس الاحتقانات التي كانت قائمة. نجحت هذه السياسة في تفادي مواجهة جدية وهو ما سمح الآن بإقامة علاقات ودية بين البلدين. حصلت بين البلدين حوادث معينة ويعرف الايرانيون ان المملكة لم تكن راغبة في حصول صدام لكنها اضطرت الى ممارسة الحزم في بعض الأحداث. كان الملك فهد يقول لنا ان ايران دولة موجودة منذ آلاف السنين ونحن أمة موجودة منذ آلاف السنين. نحن لا نستطيع الغاء ايران ولا هي تستطيع الغاءنا. لا بد من وقت تهدأ فيه النفوس ونجلس الى طاولة لحل مشاكلنا بروية. يجب ألا نقدم على أي عمل من شأنه اطالة الفترة التي تفصلنا عن موعد الجلوس الى الطاولة. يجب ان نظهر انفتاحاً وسعة صدر وصبراً. والحقيقة ان سورية لعبت دوراً في تهدئة الأجواء بين ايران والسعودية. أعرف هذا الموضوع فقد كانت لي مساهمة فيه. ذهبت من قبل الملك فهد عشرات المرات الى دمشق بهذا الشأن.
الحادثة الأخرى عندما اجتاحت القوات العراقية الكويت حاول الاخوة الفلسطينيون، وموقفهم كان معروفاً، فتح خط بين السعودية والعراق. اتصلوا بمجموعة في المملكة وكنت أنا من عداد هذه المجموعة. قالوا ان هناك رسالة عاجلة من الرئيس صدام حسين للملك فهد.
وصلت الرسالة الى الملك فهد وفحواها ان صدام مستعد للانسحاب من الكويت اذا وافق الملك فهد علىالاجتماع به في خيمة على الحدود السعودية - العراقية. الملك فهد، وببراعته المعهودة. ارسل جواباً قال فيه لماذا نجتمع على الحدود. أنا مستعد للذهاب الى بغداد لكن نريد رسالة من الرئيس العراقي انه مستعد للانسحاب من الكويت اذا اجتمعنا. الرسالة نحفظها لدينا ولم يسبق لنا ان كشفنا أموراً نحتفظ بها. كان الملك فهد جدياً ومستعداً للتوجه الى بغداد، على حد ما قال لنا، وان يعلن من هناك عن انسحاب القوات العراقية من الكويت. ربما لهذا السبب تأخرت وسائل الاعلام في السعودية في الاشارة الى الغزو. وشرح لنا الملك فهد ذلك، قال اعتبرنا ان صدام قد يتأثر برد الفعل الدولي على العمل العسكري الذي قام به ضد الكويت وبالتالي يجب أن نوفر له باباً للتراجع عبر السعودية لكنه لم يغتنم تلك الفرصة.
يقولون ان الملك فهد تألم كثيراً من الغزو العراقي للكويت؟
- نعم تألم الملك فهد وتألمت كل العائلة السعودية. اذ ان المملكة لم تقصر في دعم العراق خلال الحرب العراقية - الايرانية. الملك فهد حاكم ذكي ومقدام ولديه فكرة واضحة عن السياستين الاقليمية والدولية. محدث لبق وحديثه محبب. الجلسة معه ممتعة.
حضوره جذاب ويأسر محدثه. الوفاء هو من سمات العائلة السعودية. هل انتبهت الى الاحتفال بالذكرى المئوية لدخول الرياض؟ لقد كرموا كل الناس الذين كانوا مع الملك عبدالعزيز من المقاتلين الى الطباخين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.