واصلت المعارضة اللبنانية امس، لليوم الخامس على التوالي، اعتصامها المفتوح في وسط بيروت، لإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. واستمع المعتصمون إلى مكبرات صوت بثت وقائع تشييع حركة"أمل"وقوى المعارضة، الشهيد أحمد محمود الذي سقط في أحداث شغب في منطقة قصقص قبل ثلاثة أيام. ونقلت شاشات كبيرة إلى المتظاهرين صوراً من التشييع في روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية، في حضور نواب كتلتي"التنمية والتحرير"امل و"الوفاء للمقاومة"حزب الله، والنائب إبراهيم كنعان ممثلاً رئيس تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي ميشال عون. وحمل شبان جثمان محمود على الأكف، على وقع صراخ ونحيب والدته واخواته وخطيبته اللواتي اتشحن بالسواد. والقى النائب أيوب حميد كلمة قال فيها:"هذه اللحظات ليست للحزن، بل لكفكفة دموع، والعض على الجروح والصبر وكظم الغيظ، والتطلع دائماً ليس فقط الى الحاضر، وانما الى الغد والمستقبل"، وأضاف:"نضرع الى الله ان يتقبله قربانا، فداء للوطن وللوحدة الوطنية، هكذا هو شهيدنا، وهكذا هم دائماً شهداؤنا، شهداء الوحدة الوطنية وشهداء السعي الى التغيير من خلال الممانعة والمقاومة، ومن خلال السعي الى الافضل". وتابع:"حين تدعو قوى المعارضة في اطار القانون وسيادته وتحت ظلاله للتعبير عن رأيها في العمل على المشاركة، يقولون إننا نسعى الى انقلاب، وكيف ينقلب المرء على ذاته"، مؤكداً"أننا دعاة المشاركة لا دعاة الإلغاء ولا دعاة الإقصاء ولا دعاة نبذ فريق من هذا الوطن. نحن ندعو الجميع الى أن يكونوا شركاء كي نصنع لبنان، لبنان الممانع والمقاوم والصامد والقادر على مواجهة الرياح التي تأتي من الخارج والتي لا تريد له خيراً". وقال حميد الى"الشركاء في المواطنية، وأخوتنا الذين يعيشون أسرى المحبسين هذه الايام، لا تغتروا ابداً بالاتصالات الهاتفية ولا تغتروا بمن يحرضونكم على الاستمرار في مواقف التشنج والرفض للمشاركة، ولا يغرنكم أبداً ما يريده الآخرون لكم. اسرائيل هذه التي كانت تستمد يومياً الضوء الأخضر من اميركا ومن اوروبا في ضرب لبنان وفي السعي الى القضاء على هذا الوطن المقاوم والممانع، هي وأميركا لن تكونا أبداً حريصتين على حكومة الرئيس السنيورة، فماذا يبقون للرئيس السنيورة حين يدمرون كل لبنان؟ اذا كانت أميركا حريصة على حكومة الرئيس السنيورة فلماذا سمحت بتدمير لبنان"، موضحاً"إننا نقول لمن بقي في السلطة ولمن يريدها إننا أبقى لكم من الاميركيين ومن الغربيين ومن كل الذين يرنون الهواتف ويسمعون كلاماً لهذا او ذاك من الذين لا يزالون يعيشون اسرى وفي ظل محبس او محبسين. نقول لكم نحن أولى بأن نكون وإياكم يداً واحدة، شركاء في الهم وفي حمل المسؤولية وشركاء لنبني الغد. لا تخافوا ولا تقلقوا، نحن لكم أقرب من حبل الوريد". ودعا حميد"أخوة الشهيد ورفاقه وكل المنتفضين من اجل الوطن، الى ان نكظم غيظنا ونعض على جروحنا، فنحن لن ننجر الى فتن ولن نكون ادوات في ما يريدونه وفي ما يخططون له، وهو الفوضى الخلاقة التي بشرتنا بها اميركا وكل القيادات التي لا تريد خيراً لوطننا. نحن مطالبون بأن نبقى يداً واحدة ولا ننجر الى ما يريدوننا ان ننجر اليه، وان نبقى موحدين خلف شعاراتنا". ثم قدم نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان التعزية بالشهيد"الذي قتل من دون سبب او مبرر في هذا الزمن الصعب وفي التحدي المستمر والانفلات الذي لا يبرره قانون ولا نظام". وقال:"هذا الاعتصام لم يكن ضد احد من الشعب اللبناني الذي هو اهلنا واخوتنا، لماذا نبث الفتن ونفرق بين الأخ والأخ، ولماذا نبعد بين الجار والجار، لبنان يعيش عائلة واحدة وجسماً واحداً وتجمعاً واحداً". وأضاف:"دائماً نرفع راية الوحدة... نحن في لبنان أحبة متعاونون ومتفقون وموحدون، نحن مع السنة في طريق واحد هم اهلنا واخوتنا وبني عمومتنا واصدقاؤنا، نرفض التفرقة بين المسلمين بين الشيعة والسنة وبين المسلمين والمسيحيين. فلماذا نختلف ما دمنا اتفقنا على حرب اسرائيل وعلى عداء اسرائيل؟ لماذا بعد ان انتصر لبنان على اسرائيل وصمد في وجه الاعتداءات؟ لماذا نعيش هذه الهواجس وهل يفكر احد اننا نفكر بالإلغاء فكيف نتجرأ ونبث السموم لنفرق بين سني وشيعي؟ وان كنا اجتمعنا في الأسبوع الماضي بقمة روحية ومنهم من عبر عنها بلا روح لا، نقول لهم نعم بروح وجسد واحد لا فرق بين سني وشيعي ودرزي، لذلك اقول حرام وحرام الاقتتال اللبناني، حرام قتل الشيعي للسني وقتل السني للشيعي وقتل الدرزي للشيعي وقتل الشيعي للدرزي وقتل المسيحي للمسلم". وتابع:"سبونا وحاصرونا وظلمونا ونقول لهم سامحكم الله يا من ينوي شراً بنا، لا نمد ايدينا اليكم بسوء بل سنقدم إليكم وردة بيضاء لا حمراء لأجل ان يبقى لبنان الذي هو ليس ملكاً لفريق بل هو لكل بنيه، نحن مستعدون نيابة عن والد الشهيد ان نقدم هذا الشهيد قربان فداء لكل لبنان وفداء لوحدة لبنان وفداء للحكومة الوطنية الموحدة في لبنان". وبدوره قال كنعان:"هناك وعد لدم الشهيد الذي نعتبره نقطة تروي بناء لبنان الواحد الموحد، لبنان الذي نطمح اليه من اجل أولادنا ليعيشوا في سلام ووئام، ولا نقع في أحضان السفارات مثلما يريدون، لأنهم لا يريدون وطناً لكل اللبنانيين، بل لفئة واحدة من اللبنانيين، ولكن نريد من خلال الدم الزكي الذي سقط منذ يومين في ساحة الشرف، أن نقول ان لبنان سوف يسامحهم، ونحن كشعب لبناني سوف نسامحهم، لأننا لا نقدر على بناء الوطن بالأحقاد، وان شاء الله يكون مكانه ومسكنه في الجنة والسماء". الاعتصام في هذه الاثناء، تواصل الاعتصام المفتوح في وسط بيروت بمشاركة الآلاف من مناصري"حزب الله"و"حركة أمل"و"التيار الوطني الحر"وغيرهم. واستمر إيقاع الأغاني الحماسية يصدح في أجواء المنطقة، خصوصاً في فترة بعد الظهر، وبين عشرات الخيم. وبين الحين والآخر، كانت تتردد هتافات لاسقاط الحكومة. وفي مدينة صور جنوب نفذ طلاب ثانويون تظاهرة في شوارع المدينة، قبل توجههم الى بيروت للمشاركة في تشييع الشهيد احمد محمود. وكذلك توجهت سيدات تيار"المردة"بقيادة الوزير السابق سليمان فرنجية الى ساحة الاعتصام في بيروت، ليضعن وروداً بيضاً تحت صورة محمود، وليؤكدن أنهن مع الاعتصام المفتوح حتى تحقيق المطالب.