لعل أهم انجازات سنة الاحتفاء بمسقط عاصمة ثقافية عربية للعام 2006 أنها كانت مناسبةپللاهتمام ببعض الجوانب الثقافية التي كانت قابعة في النسيان. ومن أمثلة ذلك مشروع"المجمع الثقافي"الذي يعتبره المثقفون العمانيون المشروع الحلم الذي بدأ التفكير فيه منذ نحو عشر سنوات، ولم ينفذ وتحول مع الوقت حلماً على ورق قابعاً في أدراج الأمنيات. ولكن حينما أصبحت مسقط مدينة ثقافية تم احياء المشروع پووضع حجر الأساس له ومن المتوقع أن ينتهي تشييده في السنوات القليلة المقبلة. وبعد طول انتظار جرى قبل يومين تدشين"جمعية الكتاب العمانيين". وترقب المثقفون العمانيون اعلان هذه الجمعية منذ عقود. وكتبت حول هذا الحلم مقالات كثيرة مطالبة بها. ولم يعلن عنها إلا منذ شهرين تقريباً بعد صدور قرار بإنشائها من وزارة التنمية الاجتماعية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الجمعيات. وعلى رغمپالايمان الشديد لدى بعض المبدعين العمانيين بالعمل الفردي والاعتماد على الذات والطموح نحو التميز والابداع إلا أنهم طالبوا بكيان يجمعهم، وبعدما ظلوا طويلاً بلا اتحاد أو جمعية تمثلهم الى أن تحقق الحلم هذه السنة. وبالطبع فإن الكثيرين يسألون عن مستقبل الجمعية الحديثة الولادة، وهنا لا بد من الإشارة إلى"أسرة القصة القصيرة"التي أنشئت في تسعينات القرن الماضي تحت سقف"النادي الثقافي"، والتي تأرجح وجودها على فترات نتيجة إدارات النادي التي تعاقبت، إلى أن تكونت الإدارة الأخيرة وكانت على درجة راقية من التعامل مع الكتاب والأنشطة الثقافية. وأضيفت اليها أسرتان واحدة للشعر وأخرى تعنى بالكاتبات العمانيات. وزودت الأخيرة بميزانية، إضافة إلى توفير الحرية في تنظيم نشاطها ما ساهم في تنظيم بعض الأنشطة الثقافية والفنية.پ المشروع الثقافي الآخر والمهم هو جائزة السلطان قابوس للإبداع الثقافي، والتي أعلنت نتائجها قبل أيام. وعلى رغم الشروط غير الواضحة لهذه الجائزة في البداية، وما أحدثته من حيرة لدى الكتاب والفنانيين التشكيليين، وتدارك المسؤولين في وزارة التراث والثقافة في ما بعد بتنظيم مؤتمرات لتوضيح الشروط، إلا أنها تُعدّ لفتة مهمة ليست فقط لمثقفي عمان، وإنماپللمثقفين العرب. ويأمل الجميع في استمرارها وتطويرها. وبما أن مشروع إصدار الكتب الإبداعية لم يكن موجوداً قبل هذه السنة، فقد تبنته وزارة التراث والثقافة ونشرت كتباً في مجالات عدة. وكانت هذه لفتة طيبة استقبلت بسعادة لدى أصحاب الشأن. ولكن جاء مستوى الكتب متبايناً من كاتب الى آخر، ولم يتم التركيز على القيمة الإبداعية. ولاحظ البعض أن لم يكن هناك تنظيم إداري وفني لهذه المطبوعات، فجاء معظمها ضعيف الاخراج الفني وشابه بعض الأخطاء المطبعية. هكذا كانت مسقط خلال العام 2006 عاصمة ثقافية ناشطة، ولكن هل حققت ما يطمح اليه المثقفون العمانيون والعرب؟ هذا السؤال طرح كثيراً ولا يزال، فثمة مثقفون يرون أنها كانت سنة حافلة بالانجازات الثقافية ولكن ظلوا يتحدثون عن الرغبة في استمرارها، وألا يقتصر وجودها على هذه السنة. وفئة أخرى لم تخلُ آراؤها من النقد ازاء بعض الفاعليات وكيفية تنظيمها، حيث لم تتم الاستعانة بالمثقفين واستشارتهم في التنظيم طالما أنهم المعنيون بالأمر، فابتعد بعضهم عن المشاركة في أي نشاط وأخذ موقفاً مضاداً من الفاعليات.