عزز قرار محكة التمييز العراقية أمس المصادقة على الحكم بإعدام الرئيس السابق صدام حسين، ومدير الاستخبارات في عهده أخيه غير الشقيق برزان ابراهيم التكريتي، ورئيس محكمة الثورة عواد البندر، المخاوف من اتساع نطاق الحرب الأهلية المذهبية، خصوصاً أنه تزامن مع موجة تفجيرات لسيارات مفخخة استهدفت ثلاث منها حي البياع الشيعي فيما استهدفت الرابعة حي الأعظمية السني قرب مسجد أبي حنيفة النعمان. وكانت حصيلة التفجيرات 103 قتلى وعشرات الجرحى، ووقعت اشتباكات عنفية في حي الدورة استخدمت خلالها قذائف الهاون. وفيما أكد مسؤولون قضائيون أن الأحكام ستنفذ خلال 30 يوماً، طلبت المحكمة إعدام نائب صدام السابق طه ياسين رمضان، معتبرة الحكم بسجنه مدى الحياة مخففاً. على صعيد آخر تجاوزت حصيلة قتلى الجيش الأميركي في العراق عدد ضحايا اعتداءات 11 ايلول سبتمبر بعد مقتل ستة جنود. وأصبح الحكم بإعدام صدام وبرزان والبندر في قضية الدجيل نهائياً، وينبغي تنفيذه في مدة اقصاها 30 يوماً بعدما أيدته أمس الثلثاء دائرة التمييز في المحكمة الجنائية العليا التي رفضت في الوقت ذاته المصادقة على العقوبة الصادرة بحق نائبه طه ياسين رمضان وطلبت تشديدها لتصبح الاعدام بدلاً من السجن مدى الحياة. وأعلن الناطق باسم المحكمة الجنائية العراقية العليا رائد جوحي ان دائرة التمييز أيدت الحكم بإعدام صدام في قضية الدجيل. وأكد رئيس المحكمة الجنائية العليا عارف شاهين في مؤتمر صحافي المصادقة على احكام الاعدام، وقال إنها باتت"واجبة النفاذ خلال ثلاثين يوماً"، موضحاً ان التنفيذ من اختصاص السلطة التنفيذية. وتابع:"صادقنا على إدانة طه ياسين رمضان لارتكابه جرائم القتل العمد في جرائم ضد الانسانية ورفضنا قرار العقوبة وقررنا اعادته الى المحكمة لأن العقوبة لا تتناسب مع الفعل وهي خفيفة وطلبنا تشديدها". وقالت مصادر قضائية عراقية انه وفق قانون الاجراءات الجنائية فإن حكم دائرة التمييز ينبغي ان ينفذ في غضون ثلاثين يوماً بعد مصادقة رئيس الجمهورية. ولكن القاضي جوحي شدد على انه"بموجب المادة ال37 من الدستور لا يجوز العفو عن المدانين في الجرائم الدولية أو تخفيف الاحكام الصادرة ضدهم". واضاف ان"المادة ال27 من قانون المحكمة الجنائية العليا لا تعطي لأي جهة، بما فيها رئيس الجمهورية، حق الاعفاء من العقوبة او تخفيفها في حالة الجرائم الدولية". وفيما أعربت منظمة العفو الدولية عن انزعاجها من المصادقة على الحكم، معلنة أنها ضد الإعدام من حيث المبدأ، خصوصاً في هذه الحالة لأن القرار جاء بعد محاكمة حافلة بالعيوب، أعلن رئيس هيئة الدفاع عن صدام المحامي خليل الدليمي أن الهيئة"لم تفاجأ"لأن المحاكمة كانت سياسية"تنفذ أجندة أميركية - ايرانية لتمزيق العراق وإشعال الحرب الأهلية فيه". وقال الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ستانزل إن القرار"علامة مهمة على طريق استبدال حكم القانون بحكم الطاغية". وجددت بريطانيا معارضتها عقوبة الإعدام، وقال الناطق باسم الخارجية إن"موقفنا لم يتغير. نحن نعارض مبدأ عقوبة الإعدام لكن القرار يعود إلى السلطات العراقية". وكان الرئيس جلال طالباني صرح بأن الحكم في قضية الدجيل سيصبح نافذاً بمجرد صدوره. وقال ان"لهذه المحكمة أحكامها القطعية وتنفذ بعد الانتهاء من التمييز"، مضيفاً انه"لا يتدخل في هذا الموضوع". وأفادت مصادر قضائية بأن طالباني، الذي أكد من قبل رفضه من حيث المبدأ عقوبة الاعدام كونها مخالفة لحقوق الانسان، يحق له احالة أمر المصادقة على هذا الحكم الى احد نائبيه، وانه سيفعل ذلك على الأرجح. أمنياً، قُتل 103 عراقيين وستة جنود أميركيين في هجمات بينها سلسلة تفجيرات شهدتها مناطق سنية وشيعية في العاصمة العراقية. وفي عملية أعقبت تفجير ثلاث سيارات مفخخة في منطقة البياع الشيعية جنوب غربي بغداد، وأودت بحياة 25 عراقياً، قُتل 15 شخصاً وأُصيب 37 آخرون ليل أمس في انفجار سيارة مفخخة قرب سوق شعبية مجاورة لمسجد أبي حنيفة النعمان في حي الأعظمية السني شمال بغداد. جاء ذلك في حين أعلنت وزارة الداخلية العثور على حوالي 50 جثة تحمل آثار طلقات نارية وبعضها يحمل آثار تعذيب في أنحاء العراق، بينها 40 عُثر عليها في أنحاء العاصمة. كما قُتل ستة جنود أميركيين خلال الساعات ال24 الماضية في العاصمة العراقية، ما يرفع عدد قتلى الجيش الأميركي منذ عام 2003 إلى 2978، ليتجاوز بذلك حصيلة ضحايا اعتداءات 11 أيلول عام 2001، التي قُتل فيها حوالي 2973 شخصاً، وفتحت الباب أمام"الحرب على الإرهاب"وغزو العراق. وأعلن الجيش الاميركي أمس ان ستة من جنوده قتلوا في هجمات بعبوات في بغداد لترتفع بذلك حصيلة ضحاياه الى 2975 قتيلاً، متجاوزة حصيلة عدد ضحايا الاعتداءات في 11 ايلول 2001 التي بلغت 2973 قتيلاً وكانت دافعاً أساسياً لشن الحرب على العراق. ولا يشكل حوالي الثلاثة آلاف جندي الذين قتلوا في العراق منذ غزو هذا البلد في 2003 سوى جزء صغير من الضحايا العسكريين، إذ ان تقدم الطب زاد فرص بقاء الجرحى على قيد الحياة، بحسب أرقام وزارة الدفاع الاميركية. فمقابل كل جندي قتل اصيب اكثر من سبعة آخرين في ساحة المعركة. وقياساً الى النزاعات السابقة، فإن فرص بقاء الجرحى على قيد الحياة ازدادت بشكل كبير بفضل العناية الطبية السريعة والمحسنة كثيراً، وتجهيزات الحماية الجديدة ومراقبة جوية افضل. وأفاد تقرير لوكالة مراقبة فيديرالية، في حزيران يونيو"ان حوالي 30 في المئة من الجنود الاميركيين الذين اصيبوا خلال الحرب العالمية الثانية فارقوا الحياة". وانخفضت هذه النسبة الى 3 في المئة في العراق وافغانستان في السنوات الاخيرة. في المقابل يعود كثيرون من الجرحى مع اعاقات خطيرة خصوصاً اصابات في الدماغ او اعضاء مبتورة. كما ان طبيعة النزاع في العراق تختلف عن الحروب في فيتنام او كوريا حيث كان على الجنود ان يخوضوا معارك كبيرة ضد قوات تقليدية مسلحة بشكل جيد ومدفوعة بحماسة شديدة. ويواجهون اليوم في العراق تمرداً حازماً، لكنه يعتمد على نوع واحد من الأسلحة: قنابل توضع على الطرقات وتكون احياناً متطورة الى درجة كافية لتخترق التحصينات، وفي معظم الاحيان متفجرات بسيطة للمدفعية يتحكم بها عن بعد. وافادت احصاءات الوزارة مطلع كانون الاول ديسمبر ان العبوات المزروعة على الطرقات تسببت بجرح 11233 جندياً اميركياً. مقابل ذلك اصيب 1969 جندياً في هجمات بالمدفعية ومدافع الهاون او الصواريخ، و1579 عانوا من جروح غير مباشرة مثل سقوط حطام او فقدان السمع بسبب انفجار، و1358 اصيبوا برصاص بنادق. أما القنابل التي القتها طائرات التحالف فقتلت خمسة جنود اميركيين وجرحت 663 آخرين، فيما أسفرت حوادث الطائرات او المروحيات عن سقوط 76 قتيلاً و39 جريحاً. واصيب عدد اصغر من الجنود في اعتداءات وحوادث سير وسقوط وغيرها.