شهد الصومال أمس تطورات دراماتيكية، إذ انقلبت موازين القتال مع دخول إثيوبيا بثقلها في المعارك إلى جانب الحكومة وزحف قواتها نحو معقل "المحاكم الإسلامية" في مقديشو. وفي وقت أكدت أديس أبابا أنها "قصمت ظهر الإرهابيين"، انسحب الإسلاميون من محيط بيداوة، حيث تتمركز الحكومة الانتقالية التي دعتهم إلى الاستسلام. وأطلقت طائرات إثيوبية صواريخ على مقاتلي"المحاكم"خلال تراجعهم أمس. وأقر الإسلاميون بانسحابهم من مواقعهم حول بيداوة. غير أنهم أكدوا أنه"انسحاب تكتيكي"، ووعدوا بخوض حرب طويلة ضد إثيوبيا. وقال الرجل الثاني في"المحاكم"شريف شيخ أحمد:"نحن في مرحلة جديدة من المقاومة. العدو باشر استخدام الطائرات. ولأننا لا نملك أسلحة ثقيلة لصد هذا الهجوم الواسع، قررنا تبديل تكتيكنا". وقال رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي إن"قوة مشتركة من الحكومة الصومالية والقوات الإثيوبية قصمت ظهر القوات الارهابية الدولية التي أصبحت في حال تراجع تام". وأكد أن ما يصل إلى ألف مقاتل إسلامي لقوا حتفهم، إضافة إلى نحو 3 آلاف آخرين جرحوا،"غالبيتهم أجانب". وأضاف أن معظم مقاتلي"المحاكم"فروا، وأن قواته تتعقب قوات اريترية كانت تدعم الإسلاميين. واعلنت إثيوبيا أمس أن قوات الحكومة الصومالية سيطرت على ست بلدات منذ بدء الهجوم المضاد الأحد الماضي. وأكد السفير الصومالي في أديس ابابا عبدي كريم فارح أن"القوات الاثيوبية في طريقها إلى مقديشو". وقال:"إنها الآن على بعد 70 كيلومترا، ومن الممكن أن تسيطر على مقديشو في غضون الساعات الأربع والعشرين إلى الثماني والاربعين المقبلة". وكان مقرراً أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً بعد ظهر أمس بتوقيت نيويورك لمناقشة التطورات في الصومال، والاستماع إلى تقرير من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصومال فرنسوا فال. وأعلن نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بتريك مازيمهاكا أن الاتحاد يعترف بحق إثيوبيا في"الدفاع عن النفس". لكنه أضاف:"نرغب في أن يتمكن الاتحاد والامم المتحدة من القيام بأي خطوة لتفادي التصعيد وتدخل جيران الصومال الآخرين في النزاع". وأعدت قطر بياناً رئاسياً لمجلس الأمن الذي تتولى رئاسته الدورية الشهر الجاري، لم يكن واضحاً إن كان سيحظى بموافقة بقية أعضاء المجلس. وحذر مشروع البيان من أن التصعيد له"عواقب جدية على السلم والأمن في الصومال والمنطقة". وطالب اثيوبيا"بسحب قواتها فوراً، ووقف عملياتها العسكرية". وأكد"تصميم مجلس الأمن على أن وجود القوات الأجنبية في الصومال من دون صلاحية، يشكل تهديداً للأمن والسلم ويقوّض الاستقرار في الصومال والمنطقة". ويدعو البيان الحكومة الانتقالية و"المحاكم"إلى"الوقف الفوري للنزاعات"، ويحضهما على"تنفيذ الالتزامات التي قدماها، واستئناف محادثات السلام بلا أي تأخير، على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الخرطوم، والحفاظ على التفاهمات التي توصلا اليهما أثناء حوارهما". ويشدد على"أهمية التزام جميع الدول بحظر السلاح المفروض في الصومال". ودعت"منظمة المؤتمر الإسلامي"إلى"انسحاب فوري"للقوات الإثيوبية. وقال الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان اوغلو إنه"يعتزم إيفاد بعثة من المنظمة قريباً لزيارة الصومال والبلاد المجاورة"، محذراً من أن التصعيد الأخير"من شأنه أن يقوض التقدم الذي أحرز حتى الآن تجاه تحقيق سلام دائم واستقرار ووفاق في البلاد". وناشد"في شدة جميع الأطراف الصوماليين، والبلدان المجاورة للصومال كافة، التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس والمسؤولية". ووجه نداء"قوياً لإثيوبيا لسحب قواتها فوراً من الصومال".