يتابع السعوديون بشغف بالغ كل يوم التقنيات الجديدة التي تطرحها شركات الاتصالات المحلية وتقدمها للمستهلكين، فيتلقفونها من دون محاولة لتنقيتها من الشوائب التي تجعل منها أداة هدم خطيرة للتقاليد والعادات. اليوم وبعد سنوات من الخدمات والتقنيات المتلاحقة وليس آخرها البلوتوث، يستقبل مستخدمو خدمة الهاتف المحمول تقنية الجيل الثالث، التي تختصر عدداً من الخدمات في جهاز الهاتف المحمول، وتتيح بكل سهولة متابعة القنوات الفضائية، وتصفح شبكة الإنترنت، إضافة إلى إمكان مشاهدة صورة من يمسك بخط الهاتف في الجانب الآخر. تلقف الشبان والشابات التقنيات الجديدة وصاروا أكبر مستهلك لها ولتفرعاتها، لكنهم منقسمون في ما بينهم حول طريقة الاستفادة منها أو استغلالها. يقول احمد عمران:"ليس علينا أن نتلقف كل ما يأتينا من الغرب من دون وعي أو إدراك لخطورة الاستخدام السيئ لهذه الخدمات، في الإمكان إرسال أو استقبال الرسائل التي تحمل نصائح وفوائد يتناقلها المستخدمون، وفي الإمكان أيضاً تناقل المقاطع والصور المخلة بالأدب والأخلاق، كل ذلك متاح، وغالباً ما يكون استخدامنا لهذه التقنيات مسيئاً الى كثير من القيم وما تربينا عليه، ونعرف تماماً خطورته من دون أن يكون ذلك رادعاً لنا لنتجنب هذه الممارسات". شبان يغيرون على الأسواق نهاراً ومساءً، لا همّ لهم سوى اصطياد الشابات ومعاكستهن. وباتت تلك التقنيات توفر عليهم جهداً كبيراً، وتسهل المهمة أكثر فأكثر. محمد الزهراني شاب سعودي يعمل في أحد المجمعات الكبيرة يقول:"يجب ألا ننغلق على أنفسنا، ونقفل طريق التقنية وثورة المعلومات التي لن نجد طريقة لنحول دونها ودون من يرغب بها، لكن علينا أن نتعلم من جديد كيف نستفيد من التقنية في أمور ربما لم تتوافر لنا من قبل". ويضيف:"أعلم تماماً أن الغالب على الشباب في الأسواق هو استخدام البلوتوث في معاكسة الفتيات، ومثل هذا التصرف لا يمكن أن تتحكم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أمن السوق مثلاً، بل إن الرادع الديني والأخلاقي والرقابة الذاتية هي ما يظهر في هذا الوقت". ويتابع محمد قائلاً:"عندما انتشرت أجهزة الهاتف المحمول المزودة كاميرا التصوير، لقيت معارضة شديدة وحرباً من المجتمع الذي رفض تقبلها في بادئ الامر، وكان موقف أصحاب المحلات هو بيعها سراً من دون معرفة رجال الهيئة الذين كانوا يحظرون بيعها، وحينما لم تجد نفعاً سياسة المنع والإغلاق التي مورست في البداية، صارت تلك الأجهزة متاحة للجميع. وصار في الإمكان الآن الجزم بأن غالبية المستخدمين لأجهزة الهاتف المحمول يختارون الأجهزة المزودة كاميرا أكثر من الأجهزة العادية". أما أولياء الأمور والأهل فلهم رأي آخر. وتقول أم عبدالله، وهي ربة عائلة:"نعلم تماماً أن دخول هذه التقنية سيفتح أبواب لا يمكن إقفالها، وستتكرر المآسي التي تعانيها الفتيات في الأسواق والمجمعات من التصوير والمعاكسة". وتوضح:"هناك عدد ممن يقيمون حفلات الزفاف يمنعون تماماً دخول المدعوات بجهاز الهاتف المزود كاميرا، ليس في إمكاني الحكم على تصرفهم إن كان هذا مقبولاً أو مرفوضاً، فلكل مبرراته وأسبابه، نحن نقف حائرين أمام هذا المد الهائل من التقنية. فهل يمكننا ترشيد استخدامها وتطويعها في الممارسة الأمثل، أم أننا من السهولة بمكان كي يجرفنا التيار؟".