أكدت سورية دعمها مبادرة الجامعة العربية لإيجاد مخرج للأزمة اللبنانية، خلال استقبال الرئيس بشار الأسد الأمين العام للجامعة عمرو موسى امس، لكنها أحجمت عن الدخول في تفاصيل الأفكار التي يطرحها موسى وأيدت "ما يتفق عليه اللبنانيون بمشاركة جميع الأفرقاء". وإذ انتقل موسى الى بيروت بعد لقاءاته في دمشق التي شملت نائب الرئيس فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم، فقد انضم إليه امس الموفد السوداني مصطفى عثمان اسماعيل. وأطلع موسى عصراً رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة على نتائج محادثاته في العاصمة السورية، ثم زار مساء رئيس المجلس النيابي نبيه بري لينقل إليه نتائج مداولاته مع المسؤولين السوريين، يرافقه اسماعيل. راجع ص 6 و7 وتسارعت التطورات في بيروت خلال النهار سياسياً وأمنياً فأعلنت قيادة قوى الأمن الداخلي عن ضبط كمية من المتفجرات ومن الأسلحة وصواعق التفجير وساعات التوقيت في مخزن ومنازل تبين انها تعود الى عدد من أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي في قضاء الكورة شمال لبنان. وإذ أوقفت القوى الأمنية 7 أشخاص من الحزب وأحالتهم الى التحقيق دان رئيس الحزب، الذي هو في صفوف المعارضة، علي قانصو في مؤتمر صحافي المداهمات التي قال ان فرع المعلومات في قوى الأمن نفذها، وأكد ان"الأسلحة التي ضبطتها القوى الأمنية محفوظة في معظمها منذ الثمانينات، وكانت لدور الحزب في المقاومة ضد العدو الإسرائيلي وليست لأي هدف آخر". وإذ دعا الى وقف"المداهمات والتعقبات في حق القوميين فوراً"أكد ان"لصبر القوميين حدوداً"، واتهم"القوات اللبنانية"بالسعي الى ملاحقة القوميين. وشدد قانصو على ان الحزب براء من الإشاعات التي حاولت ان تلصق به بعض الاتهامات الأمنية عن أحداث حصلت أخيراً. وقالت مصادر أمنية ل"الحياة"ان الأسلحة المصادرة هي بحمولة شاحنتين كبيرتين وشاحنة صغيرة، اضافة الى سيارة مسروقة، وبينها مدفع هاون ورشاشات ثقيلة بينها مضاد للطائرات وذخيرة. وقدرت كمية المتفجرات ب 150 كيلوغراما من مادة"تي ان تي". وصودر كاتم للصوت لأحد المسدسات من أحد المنازل. وذكرت المصادر ان الكميات المضبوطة صودرت من 4 منازل في قرى فيع، كوسبا وكفرحاتا، وأن بعض الأوراق التي وجدت فيها سلّمت الى القضاء اللبناني خصوصاً ان المداهمات جرت بعلم النيابة العامة التمييزية. وعقد اجتماع ليلا برئاسة السنيورة حضرته القيادات الامنية كافة لتقويم الوضع الامني واستعراض المعلومات عن نتائج مداهمات منطقة الكورة. اما على الصعيد السياسي فقد لفت امس موقف لمفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بعد لقائه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في القاهرة امس إذ انتقد ما وصفه"التدخل السافر لإيران في الشؤون اللبنانية وقول المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في ايران السيد علي خامنئي ان ايران ستهزم أميركا على أرض لبنان". وكان للبطريرك الماروني نصر الله صفير موقف جديد من الاعتصام الذي تنفذه المعارضة في وسط بيروت منذ 22 يوماً لتحقيق مطلبها بقيام حكومة وحدة وطنية، إذ أعلن ان هناك أناساً متضررون من الاعتصام وأقفلوا محالهم، والحرية عندما تكون سبباً لضرر الآخرين تبطل ان تكون حرية...". وجاء كلام صفير اثناء استقباله وفداً من نساء تيار"المردة"المعارض. وفي سياق"لعبة القط والفأر"بين رئاسة المجلس النيابي وبين الأكثرية والحكومة حصل تطور جديد أمس، حين ادى توقيع قوى 14 آذار التي تمثل الأكثرية في البرلمان اللبناني عريضة نيابية تطالب بعقد جلسة نيابية عامة من اجل مناقشة مشروع قانون المحكمة الدولية، الى أول احتكاك بين الجانبين. فقد رفضت دوائر البرلمان استلام العريضة التي وقعها 70 نائباً، إلا ان الرفض جاء من الأمانة العامة للمجلس فيما لم تنجح جهود 4 نواب من الأكثرية في الاتصال ببري لتسليمه نصها. وقالت مصادر في الأكثرية ل"الحياة"ان إصرارها على عريضة الدعوة الى جلسة نيابية يعود الى رفضها ما ينقل عن بري من ان إقرار المحكمة في الحكومة غير دستوري بسبب استقالة الوزراء الشيعة من مجلس الوزراء، من جهة ولأن قوى 14 آذار تريد حفظ حق الأكثرية في تحويل المحكمة الى قانون نافذ، خصوصاً ان الدورة العادية الحالية للبرلمان تنتهي آخر الشهر من دون ان يكون هناك أي مؤشر الى ان بري سيضع المشروع على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي. وأضافت المصادر:"ان الأكثرية تتفهم منذ تصاعد الأزمة وضع الرئيس بري، وتسعى الى تمييزه عن سائر قوى المعارضة وتحرص على استمرار التواصل معه، لكن يهمها ايضاً ان تحفظ حقها الدستوري في الدعوة الى دورة استثنائية للبرلمان في كانون الثاني يناير المقبل بعد انتهاء الدورة العادية الحالية، لإصدار مشروع المحكمة في قانون". لكن نواب الأكثرية بعثوا العريضة الى بري بالبريد المضمون إزاء رفض دوائر البرلمان استلامها، في سياق تحرك ينوون القيام به ضد تغييب المجلس النيابي. وكان موسى أعلن مساء امس بعد لقائه السنيورة ان مبادرته"متحركة وسائرة". وعن ترجمة الدعم السوري قال:"انه لا يحتاج الى ترجمة"، مشيراً الى"أن هناك قبولاً ودعماً كاملاً". وسئل عن موقف سورية من المحكمة فرد بسؤال:"ما علاقة سورية بالمحكمة الدولية، فالمحكمة يجري الاتفاق فيها بين لبنان والأمم المتحدة". وعن قول الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله بأن المحكمة هي السبب وراء النزول الى الشارع، قال:"انتم تخلطون بين حزب الله وسورية". وعن وجود تحفظات سورية، قال:"كلها تساؤلات وليست تحفظات". وأشار الى ان الطرفين اللبنانيين متفقان على موضوع المحكمة لكن"الأمر يتعلق بالعمل على تقريب وجهات، لا بد من تعديل بعض الأمور فيها". وعقد موسى اجتماعاً مع بري دام زهاء ساعتين ونصف الساعة، تركز البحث خلالها على الصياغات لورقة الامين العام للجامعة للمخارج التي يقترحها، ولا سيما اللجنة السداسية التي يفترض ان تكلف بدرس الملاحظات على المحكمة ذات الطابع الدولي. وعاد موسى واسماعيل للقاء السنيورة ثانية. وقالت مصادر بري انه ابلغ موسى تعليقا على عريضة نواب الاكثرية ان"من يريد حلا لا ينشر مشروع مرسوم المحكمة في الجريدة الرسمية ولا يوقع عريضة نيابية لاعتقادهم بانه يمكنهم احراج رئيس المجلس النيابي، الشيعي، في موضوع المحكمة. وانا كنت على تواصل دائم معهم على رغم الخلاف. كان يمكنهم مشاورتي في مسألة العريضة. انهم يطرحون اقتراحات اقسى في ما يخص الحلول، وانا ستكون لي كلمة اقولها عندما يحين الوقت المناسب، وقد نصحت نواب كتلتي بالا يردوا على خطوة توقيع العريضة الان". وعلمت"الحياة"ان بري تحدث بعد لقائه موسى الذي سيعود الى الاجتماع به بعد ظهر اليوم، مطولا مع السفير السعودي عبد العزيز خوجة لوضعه في اجواء المباحثات. وقالت مصادر مطلعة على لقاء موسى وبري ان الخلاف ما زال قائما بين الاخير وبين الاكثرية والحكومة على طريقة تشكيل اللجنة السداسية، خصوصا انه كان تحفظ عن ان يكون في عضويتها القاضيان شكري صادر ورالف رياشي اللذان قادا المفاوضات مع الاممالمتحدة حول نظام المحكمة الاساسي. كذلك اوضح مصدر وزاري استمرار الخلاف على كيفية تسمية الوزير الحادي عشر في صيغة الحكومة الموسعة من 19-10-1 حيث يصر بري على ان يتم اختياره بشكل من المعارضة. كما ان النقاش لا يزال يدور حول ما اذا كان البرلمان سيبدأ في الاول من شباط فبراير العمل على انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع تقريب موعد الانتخاب من دون تقصير ولاية الرئيس الحالي، او اذا كان المطلوب الاكتفاء باجراء مشاورات حول المسألة. وطالب بري بتعهد باجراء انتخابات نيابية مبكرة من الاكثرية، الامر الذي لم يكن مطروحا في ورقة موسى سابقا.