عززت تصريحات مسؤولين اسرائيليين وفلسطينيين احتمال عقد لقاء بين الرئيس محمود عباس ابو مازن ورئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت في غضون الأيام القليلة المقبلة، رغم استبعاد ان يقود هذا الاجتماع الى نتائج ملموسة في قضية الافراج عن الجندي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت في مقابل الافراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية. وقال اولمرت بعيد لقائه في مكتبه أمس نظيره النروجي يانس ستولتنبرغ انه سيكون مسرورا للقاء رئيس السلطة الفلسطينية في أقرب وقت ممكن، و"ها أنا أسمع ان عباس أعلن انه سيكون مسرورا لعقد لقاء معي، واذا كان ممكنا فعل شيء يسعده ويسعدني، فإنني لا أرى سببا لأن لا أقوم بذلك، وأرجو ان يتحقق ذلك قريبا جدا". وتطرق اولمرت الى وقف النار بين الفلسطينيين واسرئيل في قطاع غزة، وقال ان 40 قذيفة"قسام"سقطت جنوب اسرائيل منذ اعلان وقف النار، محذرا من ان"ضبط النفس"الذي تبديه اسرائيل قد ينتهي قريبا. وأضاف ان اسرائيل ليست مرتاحة للاقتتال الفلسطيني الداخلي الذي يعكس جزءا من ظاهرة استشراء العنف في المجتمع الفلسطيني:"لسنا مسرورين ازاء ما يحصل، ولا نعتقد ان الاقتتال يفيد الوضع في الشرق الأوسط في شيء". من جهته، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات لموقع صحيفة"معاريف"على الانترنت ان اللقاء بين عباس واولمرت"يقترب أكثر فأكثر"، مضيفا ان المحادثات التمهيدية بين مستشاري الرئيسين للانتهاء من الاعداد للقاء تتواصل بعد"ان سجلت تقدما كبيرا جدا في الأسابيع الماضية". لكن مراقبين اسرائيليين يرون انه لم يسجل أي تقدم حقيقي، وأن الخلاف على تزامن اطلاق الأسرى والجندي ما زال على حاله. فاسرائيل، يوافقها عباس، تشترط اطلاق الجندي قبل الافراج عن أي اسير فلسطيني، فيما حركة"حماس"ترى في اطلاق دفعة أولى من الأسرى شرطاً لاطلاق شاليت. وعليه، يجري الحديث حالياً عن تشكيل لجنة فلسطينية - اسرائيلية تتابع هذا الملف وتضع المعايير التي بموجبها يتم الافرج عن الأسرى، ما يتيح لرئيس الحكومة الاسرائيلية ورئيس السلطة"مخرجاً"لعقد لقاء بينهما و"النزول عن الشجرة"والادعاء بعد الاجتماع أن اللجنة ستأتي بالحل المنشود، اي الافراج عن الجندي وعن مئات من الأسرى الفلسطينيين. ويعتمد المراقبون في تحليلهم هذا على حقيقة انه تم قبل سنوات تشكيل لجنة كهذه ترأسها من الجانب الفلسطيني سفيان ابو زايدة ومن الجانب الاسرائيلي وزيرة القضاء في حينه تسيبي ليفني، الا ان عملها لم يفض الى أي تقدم في ملف الأسرى. وبحسب مصدر سياسي اسرائيلي، فإن اولمرت يتجنب قبول شروط"حماس"لاتمام صفقة تبادل الأسرى"لأن من شأن التجاوب معها أن يمنحها نقاطا في الشارع الفلسطيني على حساب رئيس السلطة، وهو آخر ما تريده اسرائيل". على صلة، أفادت صحيفة"يديعوت أحرونوت"ان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أعرب خلال لقائه رئيس الحكومة الاسرائيلية في عمان أول من أمس عن مخاوفه من"إسقاط ابو مازن"، وحض اولمرت على لقائه في أسرع وقت"من أجل تدعيم مكانته وتقوية الجهات الفلسطينية المعتدلة". وكتب المعلق في الشؤون الفلسطينية في الصحيفة روني شاكيد ان مسألة دعم"الجهات المعتدلة في مواجهة المتطرفين"مصلحة اسرائيلية لا فلسطينية فحسب، معتبرا انتصار المتطرفين خطرا على اسرائيل. وأضاف انه حيال"انهيار كل شيء في السلطة الفلسطينية"ينبغي استقدام قوات دولية"تضع حدا للقتل المتبادل وتحول دون كارثة انسانية". وزاد ان هذه القوات هي وحدها القادرة على تأمين هدنة طويلة من شأنها ان تتيح لعباس تطبيق سياسته في مواجهة"حماس"وربما ينجح في ترجيح الكفة لمصلحته، لكن شرط ان يكون الدعم الدولي له حقيقيا وأن لا تجلس الحكومة الاسرائيلية مكتوفة الأيدي ومتفرجة فقط ولا تشارك في هذا الدعم. من جهتها، نقلت"هآرتس"في عنوانها الرئيس امس عن مصدر فلسطيني رفيع المستوى توقعه ان يعقد لقاء عباس - اولمرت في غضون أيام وقبل انتهاء السنة الحالية، وقبل مجيء وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى المنطقة مطلع الشهر المقبل. وأضاف المصدر ان الفلسطينيين يأملون في ان يقدم اولمرت في اللقاء"لفتات طيبة"مثل اطلاق اسرى فلسطينيين وتحويل الأموال التي تحتجزها اسرائيل منذ مطلع العام الحالي الى السلطة الفلسطينية، وتقديم تسهيلات في الحواجز العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنح فلسطينيين تصاريح للعمل في اسرائيل. ونقلت وكالة"رويترز"امس عن مصادر غربية وفلسطينية مطلعة على المناقشات الجارية امس ان اسرائيل تدرس الافراج عن عوائد الضرائب المجمدة التي تصل قيمتها لملايين الدولارات ودفعها للرئيس الفلسطيني محمود عباس. واوضحت المصادر التي طلبت عدم الافصاح عن أسمائها ان اسرائيل تفكر في الافراج عن الاموال على مراحل مما يسمح لعباس ان يقدم دفعات للموظفين الذين لم يتلقوا مرتباتهم كاملة منذ وصول"حماس"للسلطة في آذار مارس.