لفت خبراء دوليون إلى معدلات نمو كبيرة يشهدها قطاع السياحة العلاجية عالمياً واقليمياً، مؤكدين أن دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط عموماً تتهيأ لكي تكون لاعباً رئيساً في هذه الصناعة بعد أن ظلت لسنوات طويلة مجرد سوق تتنافس على استقطابه المنتجعات العلاجية والمراكز الصحية العالمية في أوروبا وأميركا ودول شرق آسيا. وقال خبراء في قطاعي السياحة والخدمات الصحية من 21 دولة اجتمعوا في سنغافورة التي نظمت"المؤتمر الدولي الأول للسياحة العلاجية"، أن الاستثمارات الضخمة الحالية لدول الخليج، وخصوصاً في الإمارات والسعودية، في قطاع الرعاية الصحية ستجعل منها وجهة مهمة للسياحة العلاجية خلال السنوات القليلة المقبلة. وشهد المؤتمر، الذي اختتم أعماله مساء أول من أمس، توقيع اتفاقات بين عدد من المؤسسات المتخصصة في هذه الصناعة تستهدف دعم النمو المتواصل والارتقاء بمعايير العمل بها، واستغلال التقنيات الحديثة في تطويرها. فيما بدأت المنافسة تشتعل بين المراكز التقليدية للسياحة العلاجية مثل تايلاندوسنغافورة والهند وألمانيا من جهة، والمراكز الجديدة مثل الإمارات التي تستعد لافتتاح مدينة دبي الطبية في العام 2010. وقدرت إحصاءات دولية حصلت عليها"الحياة"حجم سوق السياحة العلاجية في الشرق الأوسط والدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي السابق بنحو 137.3 بليون دولار، مع توقعات بأن تحقق تلك السوق نمواً بنسبة 30 في المئة سنوياً خلال الأعوام المقبلة. وقالت المديرة التنفيذية الاستراتيجية لمدينة دبي الطبية د. فاطمة عبدالله في تصريحات خاصة لپ"الحياة"، على هامش المؤتمر، ان دبي تستهدف استقطاب بليوني دولار من هذه الصناعة خلال السنة الأولى لافتتاح مدينة دبي الطبية رسمياً في العام 2010. وأكدت أن المدينة، التي تقام على مساحة 20 مليون قدم مربعة وتضم أكثر من ألفي سرير و250 منتجعاً علاجياً وعيادة ومستشفى دولياً، ستجعل منطقة الخليج وجهة مهمة للسياحة العلاجية تنافس أهم الوجهات في العالم. كما توقعت أن ينخفض إنفاق الحكومات الخليجية على علاج مواطنيها في الخارج بمعدلات كبيرة مع الاستثمارات الكبيرة على خدمات الرعاية الصحية فيها، حيث أشارت الى أن الإمارات وحدها تنفق أكثر من بليون دولار سنوياً على العلاج خارج البلاد، إضافة الى الإنفاق الشخصي المباشر للخليجيين. وقال وزير الصحة السنغافوري كاو بون وان ان 1.3 مليون شخص يصلون الى دول شرق آسيا سنوياً للحصول على خدمات الرعاية الصحية والاستجمام، مشيراً الى دراسات تتوقع زيادة دخل تلك الدول من السياحة العلاجية الى 7 بلايين دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. وذكر أن سنغافورة التي استقطبت وحدها 400 ألف سائح من هذا النوع خلال السنة الجارية من اجمالي 9.4 مليون سائح، تخطط لاستقبال مليون سائح علاجي خلال عام 2010 وتعمل حالياً على مضاعفة الطاقة الاستيعابية للمستشفيات والمراكز الصحية والمنتجعات العلاجية القائمة حالياً، كما ستستثمر 1.5 بليون دولار لتطوير أعمال الترجمة والبحوث اللازمة لدعم القطاع. مستشفيات فندقية وقاد النمو الكبير في قطاع السياحة العلاجية الى تحول المستشفيات الى فنادق 5 نجوم، حيث عرضت مجموعة"رافلز"السنغافورية غرفاً فندقية فخمة ليس فقط للمريض ولكن للعائلة التي ستصحبه بغرض السياحة الى جانب العلاج. وتبدأ اسعار الغرفة ب20 دولاراً لتصل الى أكثر من ألفي دولار في الأجنحة الفندقية الفخمة. وقلل مدير السياحة العلاجية في هيئة السياحة السنغافورية د. جاسون شا ياب من خطورة المنافسة التي تمثلها دول الخليج على دول شرق آسيا، مؤكداً أن القطاع يشهد طفرة كبيرة عالمية وإقليمية ستفيد كل الدول كما ستفيد السائح قبل كل شيء من خلال توفير خيارات متعددة وبدائل متنوعة. وكشف عن أن المنتجعات العلاجية السنغافورية في إمكانها الاستفادة من تحول دبي مثلاً الى وجهة للسياحة العلاجية من خلال التواجد الى جانب السائح أو الذهاب اليه، وهو ما يحدث بالفعل من خلال اتفاقات للتعاون المشترك وبناء المراكز العلاجية في مدينة دبي الطبية. وأفادت مؤسسة باركواي غروب للرعاية الصحية في سنغافورة أنها بدأت فعلاً محادثات مع دبي الطبية لافتتاح مركز لها في المدينة. كما أكد أن قطاع السياحة العلاجية مقبل على طفرة كبيرة سببها الرئيس هو ما سماه"عولمة الخدمة الطبية". ويراهن جاسون ياب في شكل كبير على النمو الهائل في الصين والهند كداعم قوي للسياحة العلاجية الى سنغافورة مؤكداً أن تحول البلدين الكبيرين الى مركز للشركات العالمية سيدعم السياحة بكل أشكالها وأنواعها الى سنغافورة، وسيقوي دورها كمركز للخدمات. مشيراً الى أن 36 في المئة من زوار المستشفيات الكبرى والمراكز العلاجية في سنغافورة يأتون من الخارج وهي نسبة كبيرة جداً، متوقعاً أن تنمو في السنوات المقبلة. وارتفع عدد السياح الى سنغافورة هذا العام الى نحو 9.4 مليون سائح مقارنة ب 8.6 مليون في السنة الماضية بينهم 300 ألف سائح عربي. وتستعد سنغافورة للمرحلة المقبلة بمضاعفة طاقتها الفندقية المقدرة حالياً بنحو 250 فندقاً تضم 35 ألف غرفة فندقية. العلاج بالطبيعة كان مدخلاً آخر لبعض الدول منها مصر التي شاركت في المؤتمر، ليس للتعريف بحضارتها التي يسمع عنها العالم أجمع، ولكن لتعريف نفسها كوجهة للسياحة العلاجية من خلال العلاج بالطبيعة. ووفقاً لعضو مجلس إدارة هيئة السياحة المصرية سمير محمد علي، فإن لدى مصر موارد هائلة للسياحة العلاجية وخصوصاً العلاج بالعيون الكبريتية في منطقة حلوان، والعلاج بالرمال في مناطق الواحات المختلفة. وقدر عدد زوار مصر للسياحة العلاجية بنحو نصف مليون سائح من إجمالي 9 الى 10 ملايين سائح تستقبلهم مصر سنوياً. وكلاء سفر وخطوط جوية متخصصة وكشف المؤتمر عن اتجاه عالمي جديد يتمثل بإطلاق وكالات سفر متخصصة للسياحة العلاجية واتجاه بعض خطوط الطيران الى إطلاق رحلات خاصة بالسياح من طلاب العلاج، وذلك في محاولة لاستغلال الطفرة الكبيرة في القطاع. وقالت مديرة السياحة العلاجية في شركة صحارى الهندية للطيران مودا لامبا لپ"الحياة"، ان الشركة تخطط لاطلاق رحلات متخصصة في السياحة العلاجية ستكون الأولى من نوعها في العالم، وأنها ستبدأ العام المقبل بتسيير رحلات يخصص جانب من مقاعدها للسياحة العلاجية. وأوضحت أن الشركة وعلى رغم أنها ناقل جوي، إلا أنها تعمل كوكيل سفر ووكيل خدمات بعد أن خصصت ادارة للسياحة العلاجية. حيث تقوم الشركة بانجاز كل معاملات المسافر من المطار الى المطار شاملة ترتيبات المستشفى أو المنتجع الصحي والاتصال بالاطباء ومراكز التحاليل ان وجدت وغيرها. نظمت المؤتمر مؤسسة"أفيل"وحضره ممثلون من 21 دولة بينها الولاياتالمتحدة الأميركية وكندا واستراليا والهند والصين ومصر والامارات العربية المتحدةوتايلاندوسنغافورة وبريطانيا ولبنان.