عبر تعامله مع تجربة الشاعر العماني سيف الرحبي الممتدة عبر أكثر من كتاب، موزعة بين الشعر والسيرة والمقالات والقصة، استطاع جواد الأسدي أن يبلور هذه التجربة متكئاً على أبرز تفاصيلها الشعرية والحياتية، المتمثلة في استنطاق"ثيمات"پالصحراء، السفر والغربة والموت والحنين والقطارات، وهي المفردات التي تترصع بها تجربة سيف الرحبي عبر جل دواوينه وكتبه. هذا العمل المسرحي الجميل الذي حمل عنوان"كونشرتو الحجر"يشير بلا مواربة الى أنه نتيجة تمازج روحي بين فنية الإخراج المسرحي لدى جواد الأسدي وشعر سيف الرحبي، تمازج نتج من اشتراك بينهما في السعي إلى حياة الحرية والمدن الحميمة وتأمل الجبال والصحراء والليل والغربة، وتوق إلى التعبير عن الألم والفجيعة والفقد. فقد استطاع المسرحي جواد الأسدي عبر الاستعانة بإثني عشر ممثلاً وموسيقياً، أن يجسد جوانب هذه التجربة مستعيناً بالموسيقي رعد خلف الذي وضع ألحان العرض، وبالصوت الفني الصادح للفنانة هالة أرسلان، وذلك عبر ممازجتها بأداء كلمات لقصائد الشاعر، وأغانٍ أخرى معروفة للسيدة فيروز. وكان للأداء الفردي دوره الواضح في العرض، وتشكل عبر أداء كل من رغد مخلوف وجلال الطويل وعروة العزي الذين بذلوا جهداً واضحاً في صهر خوالج التجربة ومسرحتها عاطفياً ووجدانياً عبر حركة الجسد وإيماءاته وخلجات الصوت بما تبيح مخارجه من إمكانات تعين الجسد على التعبير والأداء. قدم العرض في مسرح"الفليج"پفي سلطنة عمان وهو ذو طابعپجغرافي مفتوحپعلى السماء والنجوم ولا يبعد كثيراً عن العاصمة مسقط، ويتميز بإطلالته الحرة، وأشجار الأكاسياپالتي تحيط به وتضفي جمالية على المكان هي جمالية الطبيعة الصحراوية. وعروض هذا المسرح ترعاها وزارة السياحة في سلطنة عمانپالتي تسعى إلى الاستعانة بمختلف التجارب العالمية في الفن والغناء والباليه والمسرح الحر، وتنظم في كل عام سلسلة من العروض الشتوية تتميز بجديتها واختلافها عن السائد والمألوف كالعروض المسرحية والموسيقىپوالباليه وموسيقى الطرب العربي،پوسواها من العروض الموسيقية والغنائية ذات الطابع الفلكلوري من مختلف بلدان العالم. ومن ضمن برنامجها لهذا العام تنظيم عرض لأوركسترا نمسوية وكرنفال الباهية وحفلة لأغاني أم كلثوم وعرض لخوان مارتن، وفولكلور من العراق.