حركت القمة اللبنانية - السورية التي عُقدت امس في دمشق بين الرئيسين العماد ميشال سليمان وبشار الأسد ومعها الاتصال الذي تلقاه الأسد من رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الجمود المسيطر على الوضع اللبناني بسبب الاختلاف على ملف «شهود الزور» في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وأنعشت الآمال المعقودة على قدرة التفاهم السوري - السعودي، في ظل الاتصالات الناشطة بين دمشق والرياض، في استيعاب التأزم الداخلي والضغط باتجاه ترسيخ التهدئة والحفاظ على الاستقرار العام وحمايته من أي اهتزازات سياسية أو أمنية. وفيما ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» ان الرئيسين الأسد وسليمان تبادلا التهاني بعيد الأضحى المبارك وأن محادثاتهما تناولت خلال اللقاء «آخر التطورات على الساحة اللبنانية وأهمية الحفاظ على الهدوء والسعي لإيجاد حلول ناجعة لكل المشكلات التي تواجه لبنان، بما يضمن تعزيز وحدته الوطنية والحفاظ على أمنه واستقراره. كما جرى بحث العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين ومستجدات الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية»، علمت «الحياة» ان اتصال الحريري بالأسد دام ثلث ساعة تناولا خلاله التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. كما علمت «الحياة» ان الاتصال الذي جرى بين الحريري ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان استغرق 25 دقيقة بُحثت خلاله تطورات لبنان والمنطقة. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» ان الحريري الذي أنهى امس زيارته الى موسكو تلقى تأكيداً من الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف بدعم بلاده للحكومة اللبنانية والمؤسسات في لبنان واستقراره وسيادته واستقلاله ورفضه التدخل في شؤونه وأعاد مدفيديف التشديد على دعم روسيا للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان «التي أُنشئت من اجل ان تتابع عملها الى ان يتم كشف المجرمين، خصوصاً انه يجب تنفيذ القرار الدولي الذي أنشأها». وأضافت ان الحريري أجرى من موسكو اتصالات عدة بعدد من القادة العرب لتهنئتهم بعيد الأضحى المبارك شملت خادم الحرمين الشريفين الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، وملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس الأسد، مشيرة الى ان اتصاله بالأخير هو الثاني بينهما خلال الأسابيع الثلاثة الماضية وهو ما دفع الحريري الى القول في حديث صحافي قبل ايام انه على تواصل مع القيادة السورية وإن علاقته معها «ممتازة». وتكتمت المصادر نفسها عما دار في اتصال أول من امس، وقالت ان اتصالاً جرى بين الحريري وسليمان قبل توجه الأخير الى دمشق، لكنها لاحظت بأن ما يتردد في بيروت من حين لآخر بأن حالة من الفتور تسيطر على علاقة الرئيس اللبناني بنظيره السوري ليس في محله، والأمر نفسه ينسحب على علاقة الحريري بالرئيس السوري. وفي هذا السياق، قالت مصادر لبنانية في بيروت ل «الحياة» بأنه لا يمكن التعامل مع اتصال الحريري بالأسد على انه أنهى القطيعة القائمة بينهما، باعتبار انها لم تكن موجودة في الأساس، اضافة الى ان مسؤولين سوريين حرصوا في الآونة الأخيرة على توجيه رسائل بواسطة أصدقاء مشتركين الى اعضاء في الفريق السياسي لرئيس الحكومة، تضمنت «كلاماً جيداً»، وتخلل هذه الرسائل ايضاً اتصال جرى الخميس الماضي بين المسؤول السوري اللواء رستم غزالة ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن. وكان الحريري اختتم بعد ظهر امس زيارته الى موسكو بلقاء مع الرئيس مدفيديف استمر ساعة ونصف الساعة تخللته خلوة مدة نصف ساعة وتوجه بعدها الى المملكة العربية السعودية في زيارة خاصة. كما أجرى أول من امس محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس تخللها توقيع اتفاقين ثقافي وقضائي ولقاءات تناولت التعاون الاقتصادي والمالي والعسكري حيث تبلغ الجانب اللبناني موافقة الحكومة الروسية على منح الجيش اللبناني هبة عسكرية وصفها نائب رئيس الحكومة اللبنانية وزير الدفاع الياس المر بأنها «غير مسبوقة». وعلمت «الحياة» ان مدفيديف أبلغ الحريري استعداد روسيا لتقديم المساعدات المطلوبة للجيش اللبناني من اجل تقويته. وتناولت العراقيل التي تواجهها عملية السلام في المنطقة والتعثر الحاصل فيها حيث جدد الحريري دعوته روسيا والمجتمع الدولي الى الضغط على اسرائيل لوقف تعنتها نظراً الى مخاطر ذلك على الاستقرار في المنطقة وتسببه في نمو مزيد من التطرف فيها. ووجه الحريري دعوة الى بوتين لزيارة لبنان، وعد الأخير بتلبيتها. وقالت مصادر الوفد الوزاري الموسع الذي رافق الحريري خلال الزيارة ان روسيا تريد شراكة سياسية واقتصادية وعسكرية مع لبنان وأنها تسعى الى التواجد بقوة في لبنان والمنطقة. وينتظر ان يزور وفد عسكري لبناني موسع موسكو قريباً لإعداد اتفاقات تقنية ولوجستية حول تسلم لبنان هبة المروحيات الست والدبابات ال31 والمدافع والقذائف والذخائر على أنواعها التي تلقاها لبنان من الجانب الروسي، بعد ان وقع الوزير المر أمس تعديلاً على الاتفاق العسكري السابق لأن إضافات طرأت عليه بعد الهبة التي أبلغها بوتين الى الوفد اللبناني. وقالت مصادر وزارية ان الأسلحة والذخائر ستسلم الى لبنان في مهلة قريبة تناهز الشهرين وسترافق التسليم بعثة عسكرية روسية الى لبنان لتدريب الضباط اللبنانيين على هذه الأسلحة. وأبدى الجانب الروسي استعداده لبيع مزيد من الدبابات للبنان بأسعار مخفضة اضافة الى الهبة.