يسود القلق والاضطراب تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وشاطئ العاج. فمقاتلو"جيش جبهة التغيير الموحدة"يقتربون من العاصمة التشادية نجامينا، ومقاتلو"تجمع القوى الديموقراطية الوحدوي"أوشكوا على بلوغ بانغي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى"في حين يعاني سكان شاطئ العاج من انشطار بلدهم الى قسمين. ولا ريب في أن فرنسا مسؤولة عن هذه الاوضاع. فهي تزعم أن اتفاق الدفاع المشترك، وهو اتفاق يصون تركة الاستعمار الفرنسي ويعزز مصالحه، يخولها دعم جهات سياسية ومناوأة جهات أخرى. وأسهم هذا الدعم العلني تارةً، والسرّي تارة أخرى، في استيلاء الجنرال فرانسوا بوزيزه، على السلطة في افريقيا الوسطى، في 2003، وفي بقاء ادريس ديبي، الرئيس التشادي، ولوران غباغبو، رئيس شاطئ العاج، في سدة الحكم. وفاقم التدخل الفرنسي المشكلات الافريقية، ولم يسهم في معالجتها أو في حمل الزعماء الأفارقة على انتهاج سياسة ديموقراطية ومكافحة الفساد. وتحالفت فرنسا مع زعماء لا يمثلون تطلعات المواطنين. وعلى الساسة الفرنسيين العدول عن سياساتهم المسيئة الى شعوب مستعمراتهم السابقة، والدعوة الى احترام حقوق الانسان. ولا شك في أن تغيير السياسة الفرنسية بأفريقيا يعزز مصالحها في هذه القارة، ولا يقوضها. والدليل على ذلك مآل الأوضاع في موريتانيا. فهذه نظمت انتخابات تشريعية وبلدية نزيهة وشفافة. ونجحت مالي في جذب الاستثمارات بعدما أرست نظاماً ديموقراطياً الى حد ما. وبعد استقرار الوضع السياسي، بات في وسع البلدين صون المصالح الفرنسية. وجليّ أن"ازدهار"حركات التمرد في التشادوافريقيا الوسطى وساحل العاج، وانتشارها الوبائي، هو ثمرة السياسة الفرنسية الضالة. وعلى رؤساء القارة الافريقية، وهم يتعاونون عسكرياً مع باريس ويشيدون بسيادة الدولة في آن واحد، أن يدركوا ان الطريق الى الاستقرار السياسي لا يمر عبر باريس. فالديموقراطية هي شرط الاستقرار السياسي، وملاذ الافارقة الأخير. عن افتتاحية "لو بييي" من بوركينا فاسو ، 28 / 11 / 2006