يؤكد المقربون من الرئيس محمود عباس ان خياره الاول ما زال تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنه اذا لم ينجح في تحقيق هذا الهدف في الاسابيع القليلة المقبلة، فانه سيلجأ الى خطوات غير مسبوقة في مقدمها اقالة حكومة اسماعيل هنية، الامر الذي يندرج ضمن صلاحياته بموجب القانون الأساسي للسلطة. وجدد عباس تأكيد خياره هذا امس في تصريحات للصحافيين في مكتبه في رام الله قال فيها:"خيارنا الاول والأخير ما زال تشكيل حكومة حكومة وحدة وطنية قادرة على رفع الحصار، لكن اذا لم يحصل هذا فان لدينا خيارات أخرى سنلجأ اليها". ويرجح مقربون من عباس حدوث السيناريو الآتي في الاسابيع القليلة المقبلة: يلقي الرئيس عباس السبت المقبل خطابا امام شخصيات وفعاليات وطنية وشعبية في مقر المقاطعة في رام الله يشرح فيه الصعويات التي واجهها في سعيه الى تشكيل حكومة وحدة وطنية. يتضمن الخطاب اشارة الى انه - اي الرئيس عباس - سيلجأ الى الشعب للخروج من الأزمة، لكنه يبقي الباب مفتوحا حتى آخر لحظة امام تشكيل حكومة وحدة. في غضون ذلك تتواصل الاتصالات المباشرة وغير المباشرة بين حركتي"فتح"و"حماس"في هذا الشأن. وفي حال اخفاق المتحاورين في الاتفاق على تشكيلة الحكومة الجديدة يعلن عباس عن اقالة حكومة اسماعيل هنية، ويطلب من شخصية مستقلة تشكيل حكومة تكنوقراط لها مهمة واحدة هي العمل على رفع الحصار المالي المفروض على السلطة. يجري رئيس الحكومة المكلف اتصالات مع حركة"حماس"عارضاً عليها حصتها المتفق عليها بموجب الاتفاق القديم، وهي تسع حقائب وزارية وثلاث حقائب لمستقلين، مستثنيا من ذلك الوزارات الثلاث التي تسمى وزارات سيادية، وهي المال والداخلية والخارجية. ووفق هذا السيناريو يُتوقع ان ترفض"حماس"المشاركة في الحكومة، فيلجأ رئيس الوزراء المُكلف الى تشكيل حكومة تضم عددا من الخبراء البارزين والشخصيات المستقلة من خارج حركة"فتح". تُقدم الحكومة الى المجلس التشريعي، فان قَبلها، وهو أمر مستبعد، تشرع في عملها فوراً، وان رفض منحها الثقة، يُعلن الرئيس عن دخول البلاد ازمة دستورية، ويصدر مرسوماً رئاسياً يدعو فيه الى اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون 90 يوما. وفي الجانب الآخر تبدو"حماس"مستعدة لهذا السيناريو. وتقول مصادر في الحركة انها ستظهر مزيداً من المرونة في الايام المقبلة لتجنب الوصول الى قطيعة تامة مع الرئيس. وتقول هذه المصادر ان الحركة ربما تقبل تولي شخصية مستقلة غير مقربة منها او من"فتح"حقيبة المال، لكنها ستتمسك بوزارة الداخلية الامر الذي يجعل رفضه من قبل الرئيس امراً غير مقبول من جانب الشارع. وكان الرئيس عباس ابلغ اجتماعاً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورؤساء الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي السبت الماضي انه سيعلن قريباً نيته اللجوء الى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة لحل الازمة التي تواجهها السلطة جراء الحصار المفروض على حكومة"حماس"، لكنه سيبقي الباب مفتوحاً امام تشكيل حكومة وحدة وطنية. وأثار الاعلان جدلا بين القوى السياسية والخبراء في شأن حق الرئيس في اللجوء الى خيار الانتخابات، وهو أمر لم يرد ذكره في النظام الاساسي الدستور للسلطة. وفيما تبدي"حماس"رفضها التام لمثل هذا الخيار معتبرة انه ليس من صلاحيات الرئيس، تقول"فتح"ان النظام الاساسي للسلطة لا ينص على منع هذا الخيار، معتبرةً ان"الأصل في الامور الاباحة". وأياً كانت المبررات القانونية للطرفين فان الطابع السياسي هو الطاغي على الازمة المحتدمة بينهما. وتتطلع حركة"فتح"الى اجراء انتخابات مبكرة تعيد اليها بعضا من قوتها التي خسرتها في الانتخابات السابقة في كانون الثاني يناير الماضي جراء عدد من الاخطاء الانتخابية"القاتلة"التي وقعت فيها، ومنها خوض أكثر من ثمانين مرشحا فتحاويا الانتخابات في منافسة مرشحين فتحاوين آخرين الامر الذي صب في خدمة مرشحي حركة"حماس". ومن بين 66 مقعدا في الدوائر التي نافس مرشحو"فتح"بعضهم بعضاً فازت الحركة فقط ب 15 مقعدا فيما ذهب باقي المقاعد الى حركة"حماس"واربعة مقاعد لمرشحين متحالفين معها. ويضم المجلس التشريعي 132 مقعدا فازت"حماس"ب 74 مقعداً منها، فيما فازت فتح ب 45. وتوزعت المقاعد المتبقية بين مستقلين متحالفين مع"حماس"4 مقاعد وقوى اليسار والوسط 9 مقاعد.