"ايام الولدنة" عنوان يوحي بذكريات من "أيام الماضي الجميل" والرومانسيات القديمة. لكنه في الحقيقة معاصر جداً، وهذا ليس عيباً أو سشتيمة لكن العنوان خادع، مع هذا فهو ليس أكثر خداعاً من عنوان"عودة غوار"الذي غاب ولم يعد. فلم يكن"غوارنا"هو الذي عاد! والغريب ان فناناً بخبرة دريد لحام لم يدرك بعد هذه التجربة ان غوار لم يكن شخصية فقط، إنما كان فريقاً وحارة وأسلوب عيش وجمهوراً ايضاً. هو الذي لا يزال الآن أقوى من كل الشخصيات التي حاول دريد تقمصها حتى ان كثراً من محبيه السابقين لا يعرفونه سوى باسم غوار. لم يستطع أبو الهنا منافسة غوار الذي كتب دريد لحام عنه انه كان سيموت حسداً لو مثّل احد غيره شخصية أبو الهنا! ولحام لم يدرك ان جملة أبو الهنا الطريفة يا أمي لا تستطيع ان تبهج المشاهدين ثلاثين حلقة، وان حشو كل حلقة بواحدة من الطرائف المعروفة في"زوجتي وأنا"لا يصنع كوميديا، خصوصاً ان البخل الإنتاجي وضيق المكان المسرحي زادا في طين كآبة البرنامج وشحوبه بللاً. قد يكون مسلسل"أيام الولدنة"الذي بث على بعض الفضائيات، من أكثر المسلسلات السورية اقتحاماً، في الدورة الرمضانية المنصرمة للمحظور السياسي. فالكوميديا فيه مشغولة على أساس الكاركاتير السياسي، حيث يمكن من مراقبة دور أو أداء الفنان باسم ياخور معرفة احد أسباب منع عرض مسلسل نجم الكوميديا في بلده، ولو ان المسلسل يحاول جاهداً التورية كما في لوحة"نصب تذكاري". تستند حلقات المسلسل المنفصلة - المتصلة على فكرة يقوم المؤلف بإشباعها ببعض"اللازمات"أو التحويم حولها وختمها بنهاية مفاجئة. يمكن ان يتكهن المشاهد بكثير من النهايات حيث الاصطناع ظاهر، والمونتاج الضعيف يزيد من تشتيت المسلسل. تتألف شخصيات"أيام الولدنة"من رجال استخبارات ورعايا. يؤدي دريد لحام دور رئيس فرع الاستخبارات، وهو قليل الظهور، قليل الحركة بسبب العمر. ويكتفي بأن يؤدي أحياناً جملة أو جملتين طريفتين لا تليقان بهذا النجم. أياً يكن الأمر، تربع دريد لحام على عرش الكوميديا السورية ثلاثة عقود. وامتدت نجوميته إلى الكثير من الدول العربية، لكن يبدو أن روحه الظريفة قد شاخت، وهذه سنّة الحياة، حيث لا يستطيع أكثر النصوص ظرافة وفكاهة تجديد صورته القديمة أو إنعاشها أو منافسة قوة الصورة القديمة ودسامتها... إلا إذا حدثت معجزة ما... لكن"ايام الولدنة"لم يكن هذه المعجزة بالتأكيد!