محافظ حفر الباطن يدشن مؤتمر حفر الباطن الدولي الصحة الريفية    رحيل محمد بن فهد.. إنسان ورجل دولة باقٍ بذاكرة الزمن    المملكة المتحدة: سعي ترمب لفرض رسوم جمركية يهدد ب "تأثير ضار للغاية" على الاقتصاد العالمي    رئيس اتحاد التايكوندو: تطوير التحكيم أولوية لتعزيز مكانة اللعبة محليًا ودوليًا"    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية الدنمارك    اختتام بطولة الشطرنج بالظهران وسط حضور ومشاركة من مختلف الدول    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء لجنة السلامة المرورية بالمنطقة    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    أمير جازان رعى حفل انطلاق الفعاليات المصاحبة للمعرض الدولي للبن السعودي 2025م    البدء في تنفيذ مشاريع المجموعة الثانية من برنامج تطوير محاور الطرق الدائرية والرئيسة في الرياض    البريطاني "بيدكوك" يتوّج بلقب طواف العلا 2025    زيلينسكي يفتح طريق التفاوض مع روسيا    تجمع جازان الصحي يتميز في مبادرة المواساة ويحقق جائزة وزير الصحة في الرعاية الصحية الحديثة    الرئيس السوري يصل إلى الرياض في أول وجهة خارجية له    مختص : متلازمة الرجل اللطيف عندما تصبح اللطافة عبئًا    ضبط 3 أشخاص لقطعهم مُسيجات ودخولهم محمية دون ترخيص    "يلو 20".. ثالث جولات الدور الثاني تنطلق الاثنين    غرفة تبوك تعقد ورشة عمل برنامج تنافسية القطاع الصناعي الثلاثاء    بعد إنجازه في دكار... يزيد الراجحي يكتب التاريخ بفوزه الثامن في حائل    الانحراف المفاجئ يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في الرياض    أحمد الشرع يصل السعودية.. اليوم    مدير تعليم الطائف يتابع تطبيق الزي الوطني السعودي في المدارس الثانوية    «هيرنانديز» للاتحاديين: أنا في جدة    المياه الوطنية تضخ المياه المحلاة إلى حي المروج في محافظة القريات    7 مستشفيات سعودية ضمن قائمة "براند فاينانس"    "السعودية للكهرباء" تُسوِّي جميع التزاماتها التاريخية للدولة بقيمة 5.687 مليار ريال وتحوِّلها إلى أداة مضاربة تعزِّز هيكلها الرأسمالي    لماذا تُعد الزيارات الدورية للطبيب خلال الحمل ضرورية لصحة الأم والجنين؟    استشهاد 5 فلسطينيين وتدمير أكثر من 100 منزل في جنين    رياح نشطة وأمطار متفرقة على بعض المناطق    إيماموف يحسم مواجهته مع أديسانيا بالضربة القاضية    إعلان المرشحين لجائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي    الزي المدرسي.. ربط الأجيال بالأصالة    الأحساء صديقة للطفولة يدعم جمعية درر    موكب الشمس والصمود    «بينالي الفنون».. سلسلة غنية تبرز العطاء الفني للحضارة الإسلامية    مهرجان فنون العلا يحتفي بالإرث الغني للخط العربي    إنفاذًا لتوجيه سمو ولي العهد.. إلزام طلاب المدارس الثانوية بالزي الوطني    ملاجئ آمنة للرجال ضحايا العنف المنزلي    الأسرة في القرآن    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    ثغرة تعيد صور WhatsApp المحذوفة    وفاة صاحبة السمو الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته في العالم.. تكثيف الإغاثة السعودية للأشقاء الفلسطينيين والسوريين    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    أمير حائل ونائبه يعزّيان أسرة الشعيفان بوفاة والدهم    أسرتا العلواني والمبارك تتلقيان التعازي في فقيدتهما    نصيحة مجانية للفاسدين    تفسير الأحلام والمبشرات    رحيل عالمة مختصة بالمخطوطات العربية    غالب كتبي والأهلي    عندما تتحول مقاعد الأفراح إلى «ساحة معركة» !    ضوء السينما براق    حزين من الشتا    رحل أمير الخير والأخلاق    ندوة عن تجربة المستضافين    خيرية هيلة العبودي تدعم برنامج حلقات القرآن بالشيحية    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أميركا أمام تحدي القضية الكردية في تركيا
نشر في الحياة يوم 04 - 11 - 2006

سواء اتفقنا أو اختلفنا مع سياسة وتوجهات حزب العمال الكردستاني، فإنه ما زال الرقم الصعب الذي لا يمكن لتركيا تجاوزه في معرض البحث عن حل للقضية الكردية، بل ان هذا الحزب ما زال في الواجهة سياسياً وعسكرياً أكثر من اي تيار آخر معارض للسياسة الرسمية التركية، وعلى رغم أن اتفاقية أضنة الأمنية بين تركيا وسورية عام 1999 أثرت كثيراًَ على الجهد التعبوي والعسكري للحزب، وأدت الى خفض سقفه المطلبي وشكلت ضربة قوية بشبكة تنظيماته وأرسلت زعيمه عبدالله أوجلان الى سجن ايمرالي في تركيا، إلا أن الحزب استطاع الاستفادة من الطبيعة الجبلية المعقدة لأرض كردستان وتوظيف ذلك لمصلحة وجود مقراته في أراضٍ في كردستان العراق وكردستان إيران اعتماداً على المقولة الشهيرة"ان الجبال هي الأصدقاء الحقيقيون للكرد".
أما الجانب الإعلامي فقد ظل الحزب ناشطاً فيه اعتماداً على الجالية الكردية القوية والكبيرة في أوروبا والقناة الفضائية التي يمتلكها هذا الحزب والتي تعرضت مراراً وتكراراً للاغلاق والتضييق، إلا أنها ما زالت مستمرة في البث. هذا الواقع كان يجب أن يحمل تركيا على التمعن في إمكان اجتراح حل واقعي للمعضلة الكردية التي تستدعي ترك حبلها على الغارب استنزافاً بشرياً واقتصادياً كبيراً، يجدر بتركيا توفيره وليس الامعان في استمراره.
نقول ذلك لأن تركيا لا يمكن أن تظل بسبب موروثها الفكري الامبراطوري واعتمادها سياسة اللاءات، واقفة وراء الأبواب المغلقة للاتحاد الاوروبي التي لا يمكن أن تفتح إلا حين تقول تركيا نعم لاصلاحات جذرية في ملف الديموقراطية وحقوق الإنسان، ونعم للإقدام على خطوات حقيقية على طريق حل المعضلة الكردية، وهي مشكلة القومية الثانية في تركيا، إضافة الى ترطيب الأجواء مع قبرص التي دخلت في الاتحاد الأوروبي.
وحتى القانون الذي صدر عن برلمان فرنسا حول مذابح الأرمن يمكن للحكومة التركية، إذا انتهجت الواقعية السياسية والنظرة النقدية للتاريخ، أن تقبله، فذلك مدعاة لاعلاء شأنها وليس العكس. إن ثمة فرصة ذهبية الآن كي تقدم تركيا على فتح باب الحوار والتفاوض مع الأحزاب الكردية بإشراف اللجنة الثلاثية الأميركية - التركية - العراقية التي تشكلت لغرض معالجة ملف حزب العمال الكردستاني، والتي انضم إليها لاحقاً ممثل عن حكومة كردستان العراق. وقبول تركيا للممثل الكردي في اللجنة هو تطور في النظرة التركية التي ظلت طوال السنوات السابقة تتعامل مع أكراد العراق كأحزاب سياسية وليس كإدارة اقليمية. واللافت أن ذلك جاء بالتزامن مع حلول ممثل للجبهة التركمانية في العراق، الموالية لتركيا، الى لجنة تطبيق القرار 140 من الدستور العراقي بخصوص تطبيع الأوضاع في مدينة كركوك.
إن الوجود الأميركي في المنطقة لا ينبغي أن يوظف من جانب تركيا لضرب المعاقل الجبلية للأكراد، بل لترجمة سياسة واقعية بديلة على الأرض، وحتى إذا كان الممثل الأميركي في المنطقة جوزف رالستون يجزم بأنه قادم لمكافحة حزب العمال وليس للتنسيق معه باعتباره"حزباً إرهابياً"، فإن تركيا يجب أن تعلم أن أميركا لا يمكن أن تركض وراء تركيا في طريق لا نهاية له على رغم الثقل السياسي والاستراتيجي الذي تتوافر عليه لمصلحة المصالح الأميركية العليا. إن نقل ملف حزب العمال الكردستاني الى واشنطن هو سلاح ذو حدين، فإذا كانت تركيا تتوخى من ذلك تعرية نهج حزب العمال أو أي حزب كردي آخر في تركيا، فإن السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه على تركيا من قبل أوساط سياسية أميركية وكل الأوساط السياسية والبرلمانية والحقوقية الأوروبية، هو ان القضية الكردية أكبر من مجرد ملف حزب بعينه، فحتى لو انتهى حزب العمال وخمد نشاطه الى الأبد، فإن لهيب القضية الكردية سيبقى مشتعلاً، ما يعني ان تركيا هي في الواقع في مواجهة شعب وليس حزباً بحد ذاته.
إن القراءة الأولية لأفكار جوزف رالستون لا تنبئ بنضج سياسي واستيعاب حقيقي لجذور الأزمة الكردية - التركية، لا سيما ان الطبقة السياسية الأميركية تعاني على العموم من نقص معلوماتي حول هذه القضية. وكان الأمر سيكون أكثر إيجابية لو ان هذا الممثل كان أوروبياً. فدول مثل المانيا وهولندا والسويد لها خبرة ثرية بتفاصيل تطورات النشاط الكردي في تركيا وفي أوروبا وعلاقة ذلك بالكيان الكردي القائم وفق نظرية الأمر الواقع منذ عام 1991 في كردستان العراق. ان رالستون سيفشل في مهمته ولن يكون حصاده غير المزيد من اللوم التركي لأميركا لأنها لم توقف"الارهاب"الكردي في تركيا. ولكن الحقيقة ان أميركا غير قادرة على ذلك اصلاً وهي عاجزة عن جر أكراد العراق الى موقف تخوين وإدانة أكراد تركيا، فالقيادة السياسية الكردية في العراق اذ ترفض ان تكون حاضنة لأي قوة تخلط الأوراق وتهدم"البيت الكردي الآمن"في العراق، إلا انها في الوقت ذاته تفضل ان تلجأ تركيا الى الحوار والتفاهم والتناغم مع الحقائق والوقائع على الأرض لحل المشكلة عوضاً عن إنكارها ونفيها. ومن المؤكد ان الضيف الاميركي الجديد جوزف رالستون سيسمع هذا الكلام مجدداً وربما سيقتنع بعد ان يزور ويتجول في تلك التضاريس الجبلية الكردية الشديدة الوعورة والتعقيد والتشابك، ان القضاء المبرم على النشاط الكردي وتوقه نحو الحرية أمر مستحيل.
لذلك، فالمطلوب من المسؤول الاميركي ان يتحلى بكثير من الصبر والأناة قبل ان يصف مهمته بأنها مكافحة"الارهاب الكردي"، فإنه بذلك انما يجهض المهمة منذ البداية ومن الأساس.
=
* كاتب كردي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.