يختلف الفيديو كليب الجديد لنانسي عجرم، "إحساس جديد"، الذي أخرجه سعيد الماروق عن سابقيه من توقيع المخرجة نادين لبكي، في الموضوع، وفي"الإيقاع"البطيء لصورته ومشهده. عدا ذلك اختلاف طفيف لا يرقى ليغدو علامة تحول في مسيرة نانسي عجرم التي قدمت منذ بروزها قبل نحو ست سنوات، في كليب"أخاصمك آه"، صوراً مختلفة متعددة فوازيرية. فتحتَ إدارة نادين لبكي وحدها تغيرت نانسي وتنوعت صورتها مرات وتعددت الكاميرا وحركاتها وأبعادها وألوانها. ساهمت إدارة لبكي في صوغ صورة نانسي حتى بدت في أحيان كثيرة تقود الصورة المتخيلة والشائعة عنها، وتحاول قدر الامكان التحكم بها، إضافة إلى أن الكليبات واحداً تلو الآخر بدت كسلسلة، أو كفيلم يُعرض بتقطع كأنه للإيحاء بأنها سيرة حياة فتاة، جريئة الحركة والتعبير. فتراها تجاهر أمام الملأ مخاطبة حبيبها:"أخصمك آه، أسيبك لا"، وتصد شاباً آخر يطاردها عاشقاً فتشير اليه بإتباع الطريق الصحيح الزواج ولا تقمع آهاتها من الانطلاق آه ونص. ثم يرميها الهوى على رصيف آخر فيتدخل القدر وأصدقاء محبّون ليجمعوا بينها وبين الحبيب الجديد ياي، ويسحرها في لون عيونه، ويتزوجان في عرس حميم في الهواء الطلق، قبل أن تنتهي القصة الرومنسية التي تحاكي أحلام الكثيرات والكثيرين، على نحو مأسوي مع اكتشاف نانسي خيانة الزوج، وهما في مجتمع شكلاني زائف، وتعض على جرحها وتعود إلى بيتهما المشترك مكتفية بالسؤال"إنت إيه؟"، من دون أن تواجهه أو"تخرب بيتها". الصورة التي ألفتها نادين لبكي متعددة أكثر من اللحن وأعلى من الصوت الذي وصلت إليه نانسي في غنائها. فنادين لبكي التقطت، في الكليبات تلك، ألبوماً كاملاً لنانسي. حصل ذلك حتى قبل الكليب الأخير الذي وقفت فيه نانسي أمام عدستها وإدارتها كممثلة،"يا طبطب"، الذي يأتي من مكان آخر ويصب في سياق آخر مختلف عن سياق نانسي - نادين. اليوم، يسعى المخرج سعيد الماروق، من خلال موضوع الكليب، إلى إحداث مفاجأة إيجابية. وكان اختار لذلك إعادة نانسي إلى نقطة بداياتها كفتاة، قبل الزواج و"التهريج في"يا طبطب". يحاول الماروق نسف كل تلك الصورة التي كونتها وصاغتها نادين، من فتاة منطلقة محبوبة إلى امرأة منكسرة ضعيفة. يقول هذا"إحساس جديد". لكنه لم يتمكن من حذف الصورة النهائية لنانسي كمغنية شهيرة، كامرأة ناجحة. فهو يرث هذا ويتعامل في الكليب معه كأمر واقع، وإن كان لم يُدخله في أحداث الأغنية وصورها. فنانسي الشهيرة تغني في الخلفية، فيما يخيم شبح على أدائها أمام الكاميرا. هذا بالضبط ما يساهم في جعل الكليب مورطاً في تمييز طبقي بين نانسي وحبيبها الذي لا يتقن الكلام إلا في لغة الإشارة. علماً أن الكليب يهدف إلى عكس ذلك تماماً، وهو مهدى إلى من علمنا تلك اللغة. فهو، كما يُفترض، تضامني مع ذوي الحاجات الخاصة، لكن من موقع الشفقة. يتجلى ذلك في كلمات الأغنية وفي طريقة غناء نانسي، كأنها في حبها شخصاً لا يتكلم بالصوت وإنما بالإشارة"تتنازل"، لا سيما أن كلمات الأغنية وطريقة الغناء لا يخفيان أن نانسي تقبل ذلك مشدودة إلى تردد أو معارضة، من آخرين ربما أو من نفسها. فعلى رغم الامتياز الروحي والعاطفي الذي يمنحه الكليب لذلك الشخص الذي يقيم في مكان هادئ بعيد من المدينة، ثمة وسواس يجعل نانسي تتقدم في اتجاه الحبيب خطوة وتتراجع خطوات في اتجاه نفسها أو في اتجاه التصور الذي ينظر إلى ذلك الشاب من فوق.