يتحول وسط بيروت اليوم مجدداً، وبعد اقل من عام على استشهاد النائب جبران تويني، الى ساحة وداع لشهيد سياسي آخر سقط عشية إحياء لبنان ذكرى استقلاله. ويعود الشاب بيار امين الجميل، الوزير الذي حرّض اللبنانيين على حب صناعة بلادهم، الى الساحة التي طالما قصدها نائباً ومشاركاً في طاولات الحوار والتشاور بين الأقطاب السياسيين، محمولاً في نعش يسجى في كاتدرائية مار جرجس للطائفة المارونية، ويتوقع ان يكون حجم المشاركة في تشييعه عند الواحدة ظهر اليوم، استفتاء على مدى التضامن الذي تحظى به قوى 14 آذار وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة والمحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ومرتكبي الجرائم التي تلت هذه الجريمة. ونكس لبنان امس علمه من على مؤسساته الرسمية، وفيما غابت مظاهر ذكرى الاستقلال عن أي منطقة باستثناء العطلة التي شلت كل القطاعات، فان الاقفال يستمر اليوم متحولاً الى حداد إفساحاً في المجال امام المشاركة الشعبية في مراسم التشييع. وصدر عن رئاسة مجلس الوزراء مذكرة معطوفة على المذكرة الإدارية المتضمنة إعلان الحداد الرسمي"على فقيد لبنان الوزير الشهيد بيار أمين الجميل"، تعلن عن إقفال جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة والمؤسسات الخاصة والمؤسسات التعليمية العامة والخاصة اليوم،"إفساحاً في المجال لمشاركة مختلف القطاعات في تشييع الشهيد الغالي". وأصدرت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان بياناً نعت فيه"الوزير الشاب بيار أمين الجميل"وهو أحد خريجيها مدرسة الشانفيل- ديك المحدي وأعلنت عن إقفال جميع مؤسساتها التعليمية على جميع الأراضي اللبنانية"للمشاركة في الأسف والحزن لما يحصل على ارض الوطن، مشتركة بالصلاة مع أهل الفقيد وكل اللبنانيين لراحة نفسه". وانضمت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، الى الداعين الى التوقف عن العمل اليوم وشمل ذلك"جميع مدارسها ومرافقها التربوية والإدارية في لبنان حداداً على اغتيال الوزير الشاب بيار الجميل على أيد مجرمة وأثيمة". كذلك أصدرت مؤسسات"أمل"التربوية بياناً علقت بموجبه الدراسة في مدارسها"امام وقع الحدث الجلل باغتيال الوزير والنائب بيار أمين الجميل المدان من كل الشعب اللبناني"، وأكدت"ان الرئيس نبيه بري لا يألو جهداً لتوحيد وجهات النظر حتى التوصل الى وحدة الوطن والتوافق على ما يجمع اللبنانيين. والاغتيال يؤكد وجوب توحيد اللبنانيين والتفافهم لتجاوز الأزمة العاصفة في لبنان والمنطقة". ودعت جمعية الصناعيين اللبنانيين أصحاب المصانع والعمال الى المشاركة في تشييع الفقيد الكبير اليوم والمشاركة بالإقفال العام حداداً. واعتبرت الجمعية"ان عملية الاغتيال تهدف الى اغتيال الوحدة الوطنية وضرب السلم الأهلي وزعزعة الثقة بالطروحات السياسية الايجابية"، داعية الى تكاتف الجهود والتضامن لتفويت الفرصة على المصطادين بالماء العكر. وأعلنت جمعية مصارف لبنان عن"مشاطرتها سائر اللبنانيين مشاعر الحداد العام في يوم التضامن الوطني"، وأعلنت إقفال المؤسسات المصرفية اليوم. ودعا المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جميع الموظفين الى التوقف عن العمل اليوم والمشاركة في المأتم الرسمي والشعبي الذي سيقام للصلاة على راحة نفس الشهيد الجميل. ونظمت مساء امس، مسيرة شموع حاشدة الى المكان التي اغتيل فيه الجميل في الجديدة، وردد المشاركون هتافات وصلوات. وتراجعت امس، حالات التعبير عن الغضب التي سجلت فور الإعلان عن اغتيال الوزير الجميل، وعم شعور الاستنكار والخوف من تداعيات الجريمة ولم يتوقف قرع أجراس الكنائس استنكاراً. وأدى إحراق إطارات مطاطية ليل أول من امس، عند مداخل مدينة زحلة الى شل حركة السير في المدينة وبلدات: بر الياس، سعد نايل، تعلبايا، شتورة وقب الياس، وصولاً الى رياق وحوش حالا، وانتشرت عناصر تابعة للجيش اللبناني في بعض النقاط ومنها مدخل زحلة. وارتفعت في البولفار الرئيسي الذي يخترق الوسط التجاري للمدينة شرائط بيض وصور الوزير الشهيد. وتقاطر المحازبون الكتائبيون الى بيت الكتائب في زحلة الذي كان مر به الوزير الشهيد لدى زيارته البقاع الأوسط قبل نحو أسبوعين. وواصل الأهالي تحضيراتهم للمشاركة الكثيفة في مأتم الشهيد الجميل. وفي منطقة عكار وقراها سيطر الجمود على مختلف القطاعات وأم مركز إقليم عكار الكتائبي في بلدة منيارة، وهو المكتب الوحيد لحزب الكتائب في المنطقة، عدد كبير من ابناء المنطقة مستنكرين جريمة الاغتيال، في حين توجه عدد كبير من الكتائبيين العكاريين الى بيروت لمتابعة التطورات ميدانياً وللمشاركة في التحضيرات لمراسم الدفن. ورفعت رايات حزب الكتائب وصورة كبيرة للشهيد الجميل على الواجهة الشرقية للمركز. وأعلنت لجنة الطوارئ الكتائبية في الشمال فتح بيوت أقاليم الكتائب في البترون والكورة وعكار بدءاً من غد الجمعة، ما بين الساعة الثالثة من بعد الظهر وحتى الثامنة مساء، لتقديم التعازي. وطلبت اللجنة من مختلف الكتائبيين وأصدقائهم التجمع في التاسعة من صباح اليوم قرب مستديرة مدخل البترون الجنوبية تمهيداً للانتقال الى بيروت للمشاركة في وداع الشهيد الجميل. وعقد مكتب"تيار المستقبل"في حلبا اجتماعات لكوادره ومناصريه لتأمين أكبر مشاركة في مراسم التشييع، تلبية للدعوة التي وجهها رئيس كتلة"تيار المستقبل"النيابية سعد الحريري في هذا الاطار. وجابت سيارات تحمل مكبرات للصوت في مختلف قرى محافظة عكار وبلداتها تدعو ابناء المنطقة الى المشاركة في المأتم. ونكست بلدية صيدا الأعلام اللبنانية ورايات البلدية أمام الباحة الرئيسية وسحبت كل مظاهر الزينة التي كانت اعدت للاحتفال بذكرى الاستقلال. ودعا رئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع الى مشاركة واسعة في الجنازة.