حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دول الاتحاد الأوروبي من الانسياق وراء مواقف أطراف"تتعامل مع روسيا وفق رؤية جامدة تقوم على معادلة: نحن والآخر". واعتبر ان سياسات البعض"تُهدد بظهور جدار فاصل جديد في أوروبا"، في إشارة الى بولندا التي هددت بعرقلة الشراكة بين روسيا والاتحاد، بسبب ملف الطاقة المثير للجدل. وفي رد مباشر على السجالات الداخلية في الاتحاد الأوروبي حيال ملف العلاقات مع روسيا، وجه بوتين عبر مقالة نشرتها صحيفة"ذي فايننشال تايمز"اللندنية أمس، انتقادات حادة الى"أطراف تسعى الى عرقلة المحادثات الروسية - الأوروبية في شأن اتفاق الشراكة الاستراتيجية". وقال ان"البعض يعتمد نهجاً جامداً وبالياً في التعامل مع ملف العلاقات الروسية - الأوروبية، يقوم على التخويف ويتعامل بصيغة: الصديق والعدو". وشدد على خطورة هذه السياسات التي وصفها بأنها"تُهدد بظهور جدار فاصل جديد في أوروبا". ولمّح الى رواسب من العهد السوفياتي ما زالت تسيطر على سياسات بعض الدول الأوروبية، مشدداً على ان"الماضي لا يجب ان يستخدم لتقسيم أوروبا مجدداً ... ونحن لن نستطيع إعادة كتابة التاريخ، لكن هدفنا المشترك يجب ان يتركز على بناء مستقبل يقوم على الشراكة والتحالف". وتعمد بوتين توجيه إشارات لطمأنة دول الاتحاد الأوروبي قبل يومين من انعقاد القمة الروسية - الأوروبية في هلسينكي غداً الجمعة، اذ أكد أهمية فتح صفحة جديدة في التعاون الاستراتيجي مع الاتحاد"من دون مخاوف تتعلق بحاجات أوروبا من موارد الطاقة الروسية". وقال ان المحادثات الحالية ينبغي ألا تخضع لمنطق الاتهامات المتبادلة، في إشارة الى التزام روسيا بالاتفاقات الموقعة في شأن صادرات الطاقة الى أوروبا. وعلى رغم ان بوتين لم يشر مباشرة الى بولندا لكن انتقاداته انصبت على هذا البلد الذي أعلن قبل أيام نيته عرقلة المحادثات الروسية - الأوروبية المتعلقة بتمديد اتفاق التعاون والشراكة بين الجانبين. وعزت وارسو موقفها الى رفض موسكو المصادقة على ميثاق الطاقة الأوروبي، واشترطت لتغيير موقفها رفع روسيا القيود التي فرضتها أخيراً على صادرات اللحوم البولندية، علماً ان القرارات داخل الاتحاد الأوروبي تتخذ بإجماع أعضائه ما يمنح بولندا حق النقض في هذا الملف. وأثار الموقف البولندي جدلاً وانقساماً داخل الاتحاد الأوروبي بين أطراف تطالب بزيادة الضغوط على روسيا وأخرى تدعو الى التوصل الى حل وسط. وأشار ممثل الرئيس الروسي لشؤون العلاقة مع أوروبا سيرغي ياسترجمبسكي أمس، الى ان"المشكلة القائمة حالياً ليست بين روسيا والاتحاد لكنها مشكلة أوروبية داخلية"، لافتاً الى تباين المواقف بين دول أوروبا القديمة والجديدة. وأشار المسؤول الروسي في حديث الى الصحافيين أمس، الى"تحفظات روسية"عن عملية توسيع الاتحاد لأنها لم تراع مصالح روسيا الاقتصادية، إضافة الى ملف إقليم كاليننغراد الروسي ومشكلة الأقليات الناطقة بالروسية في دول حوض البلطيق. وتحدث محللون روس عن تزايد مخاوف موسكو أخيراً بسبب تزايد الحديث عن توسيع جديد للاتحاد الأوروبي خلال المرحلة المقبلة، لتنضم إليه أوكرانيا وجورجيا. ويتزامن ذلك مع تزايد الإشارات الى نيات لتوسيع حلف شمال الأطلسي ناتو لضم جمهوريات سوفياتية سابقة إليه، وهو تطور تعارضه روسيا بشدة وتعتبر انه يشكل تهديداً لأمنها الوطني ويستوجب"رداً متكافئاً"هددت باللجوء إليه، بعدما أعلنت واشنطن أخيراً دعمها جهود تبليسي وكييف للانضمام الى الحلف الغربي.